أربع سنوات من حكم طالبان... أفغانستان في قبضة القيود والانتهاكات

تواجه أفغانستان موجة من القيود والأزمات الاقتصادية والاجتماعية وحقوق الإنسان، وتشير التقارير إلى إغلاق مدارس البنات، والضغط على وسائل الإعلام، واعتقال النساء المتظاهرات، وتزايد الهجرة القسرية.

بهاران لهيب

أفغانستان ـ مع مرور أربع سنوات على عودة طالبان إلى السلطة تزداد القيود التي تفرض على السكان في أفغانستان لا سيما النساء، بالإضافة إلى أوضاع اقتصادية صعبة وتقارير عديدة عن انتهاكات حقوق الإنسان، وتُعتبر هذه الفترة وفقاً لمنظمات حقوق الإنسان، من أكثر الفترات تحدياً في أفغانستان المعاصرة.

لطالما كانت أفغانستان عرضة للتدخلات الأجنبية والتنافس بين القوى الإقليمية والدولية نظراً لموقعها الجغرافي ومواردها المعدنية الغنية، وقد أدت هذه التدخلات بدءاً من ثلاث حروب مع بريطانيا مروراً بالاحتلال السوفيتي ووجود القوات الأمريكية، إلى انعدام الأمن والنزوح وإضعاف الهياكل الاجتماعية، وفي عام 2021 وبعد انسحاب القوات الأمريكية استعادت حركة طالبان السلطة في كابول، وهو حدث وصفه العديد من المحللين بأنه نقطة تحول في التاريخ السياسي لأفغانستان.

 

الإعلام وحرية التعبير

وأعلن مركز الصحفيين الأفغان أنه في العام الماضي وحده، سُجلت 190 حالة انتهاك لحرية الإعلام من قبل حركة طالبان، من بين هذه الحالات كانت 145 حالة مرتبطة بتهديد وترهيب الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام، و45 حالة اعتقال، كما أفاد تقرير وزارة الخارجية الأمريكية بتسجيل 179 حالة عقاب بدني وتعذيب من قبل طالبان، وأشارت بدورها بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان "يوناما" في تقريرها إلى حالات مثل الاعتقالات التعسفية والتعذيب والإهانة وقتل الجنود السابقين؛ وتشمل الإحصائيات 24 حالة اعتقال تعسفي و10 حالات تعذيب و5 حالات قتل، وقد حذرت المنظمات الدولية من أن هذه الإحصائيات ليست سوى جزء من الواقع على الأرض وأن العديد من انتهاكات حقوق الإنسان لا تزال غير مسجلة.

 

النساء في طليعة القيود والعنف

وتشير التقارير المحلية والدولية إلى أن القيود المفروضة على المرأة من أبرز سمات عهد طالبان الجديد، ومن أمثلة هذه القيود إغلاق مدارس الفتيات فوق الصف السادس، ومنعهن من دخول الجامعات والمراكز التعليمية، ومنع ارتياد الأماكن الترفيهية والرياضية، ومنعهن من العمل في العديد من الدوائر الحكومية والخاصة، إضافةً إلى ذلك اعتُقلت عدد من النساء بتهمة "ارتداء الحجاب بشكل غير لائق" أو المشاركة في الاحتجاجات المدنية، وتعرضن للتعذيب والتحرش الجنسي والاغتصاب بل وحتى القتل، وأفادت بعض التقارير الإعلامية أن نساء استُجوبن بعد اعتقالهن بتعرضهن لاعتداءات جنسية والتقاط صور لهن عاريات.

 

تزايد الهجرة والآثار الاجتماعية

وخلال هذه الفترة ازدادت عمليات الهجرة القسرية، ففي السنوات الأربع الماضية وحدها، أُعيد ما لا يقل عن مليون ونصف لاجئ أفغاني قسراً من إيران وباكستان، ويعيش بعض من هؤلاء الأشخاص سراً في أفغانستان، بينما اختفى آخرون، بالإضافة إلى ذلك أفادت التقارير أن العديد من المعتقلين هم من الجنود السابقين والصحفيين والمتظاهرات، مما زاد من قلق منظمات المجتمع المدني والأسر.

 

الاحتجاجات المدنية والمقاومة الاجتماعية

وعلى الرغم من القيود، نُظمت احتجاجات مدنية داخل أفغانستان وخارجها عشية الذكرى الرابعة لحكم طالبان، وعقدت المجموعات النسائية خاصة في مدن كابول وهرات وتخار، تجمعات تهدف إلى التذكير بالحقوق الاجتماعية ومعارضة القيود، وفي بعض الحالات رافقت هذه التجمعات اعتقالات أو اشتباكات مع قوات طالبان.

وبعد أربع سنوات من عودة طالبان إلى السلطة، لا تزال أفغانستان تواجه سلسلة من التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبينما يشدد المجتمع الدولي على ضرورة التدخل لمنع حدوث أزمة إنسانية، تشير التقارير إلى استمرار القيود خاصة ضد المرأة، وزيادة الضغط على وسائل الإعلام ونشطاء المجتمع المدني، في غضون ذلك تُظهر الاحتجاجات والمقاومة المدنية المستمرة أن شريحة من المجتمع الأفغاني على الرغم من الصعوبات القائمة لا تزال تصر على مطالبها القانونية والاجتماعية.