إيزيديات تقدن حملة ضد الانتحار... نحو وعي مجتمعي وحماية ذاتية
أكدت ولات جانو عضوة (TAJÊ)، أن تزويج الأطفال والقمع الممنهج ضد الإيزيديات يقود إلى تفشي الانتحار، وأن حملة "لا تقتل نفسك، كل انتحار إبادة" تهدف إلى تعزيز الوعي المجتمعي ومواجهة العقلية التي تمنع النساء من بناء حياة مستقلة.
					فراشين مرفان
شنكال ـ بمبادرة من حركة حرية المرأة الإيزيدية (TAJÊ)، وبالتعاون مع اتحاد المرأة الشابة الإيزيدية والإدارة الذاتية في شنكال، أُطلق في 30 تشرين الأول/أكتوبر الفائت، حملة توعوية موحدة تحت شعار "لا تقتل نفسك، كل انتحار إبادة"، وذلك في مواجهة تزايد حالات الانتحار في المنطقة مؤخراً.
تهدف الحملة إلى التصدي لظاهرة الانتحار بين النساء والشباب والرجال داخل المجتمع، من خلال تعزيز الوعي المجتمعي والسعي نحو حلول واقعية، وقد أصبحت هذه القضية، منذ انطلاق الحملة، محوراً رئيسياً للنقاش المجتمعي، خاصة مع الدور الريادي الذي تلعبه النساء في قيادتها.
الإيزيديون بين تزويج الأطفال والانهيار النفسي والانتحار
وفي حديثها مع وكالتنا، أوضحت عضوة حركة حرية المرأة الإيزيدية (TAJÊ)، ولات جانو، أن الهدف من إطلاق هذه الحملة هو التصدي لتزايد حالات الانتحار داخل المجتمع الإيزيدي، خاصة في صفوف النساء، مؤكدةً أن الحملة جاءت كخطوة مدروسة تهدف إلى تعزيز الوعي المجتمعي وتوفير حلول واقعية للحد من هذه الظاهرة المقلقة.
وحول السبب الرئيسي وراء تفشي ظاهرة الانتحار في المجتمع الإيزيدي أكدت ولات جانو أنه يعود إلى تزويج الأطفال في سن مبكرة "لا يزالون في عمر 12 أو 13 عاماً، إنهم أطفال يُجبرون على الزواج، لذلك فإن التربية الأسرية تلعب دوراً بالغ الأهمية، إذا قام الوالدان بتوجيه أطفالهم والتحدث إليهم وتعليمهم معنى الحياة الحقيقية، فسيكون لذلك أثر إيجابي كبير".
وأضافت أن غياب الحوار الأسري، وانعدام الهدف وضعف الوعي، كلها عوامل تدفع الأطفال إلى اتخاذ قرارات خاطئة، مثل الزواج المبكر، الذي غالباً ما ينتهي بالفشل، ويقود بعضهم لاحقاً إلى الانتحار.
وأكد أن العقلية السائدة لدى الدولة تعيق تقدم النساء، واصفةً ذلك بأنه شكل من أشكال الحرب النفسية والخاصة ضدهن "خلال الإبادة شهدنا مآسي لا تُحصى؛ أمهاتنا، بناتنا وأبناؤنا قُتلوا، ومع ذلك لم يُسمع صوت أحد، الدولة العراقية ودول أخرى مارست سياسات قمعية بحقنا، خاصة تجاه الشابات".
وأضافت "إذا أرادت ابنتي أن تخرج أو تعمل أو تقود سيارة، يُمنع ذلك بحجج واهية هذه العقلية تُقيّد النساء وتمنعهن من التقدم والتطور، لماذا لا يُسمع صوتنا؟ ولماذا تُفرض كل هذه القيود على النساء؟".
وأشارت إلى أن السبب الجوهري وراء تزايد حالات الانتحار في المجتمع الإيزيدي يعود إلى هذا القمع الممنهج، مؤكدةً أن النساء يرغبن في أن يكنّ مستقلات، وأن يصنعن مستقبلهن بأنفسهن، لكن الدولة لا تسمح لهن بذلك، مما يجعل هذه الحرب النفسية أحد أبرز أسباب الانهيار النفسي والانتحار بين النساء.
"حماية الذات والأرض في وجه العقلية القمعية"
وشددت ولات جانو في حديثها على أهمية التكاتف داخل المجتمع الإيزيدي لمواجهة ظاهرة الانتحار "من الضروري خاصة بالنسبة للشابات أن يتعلمن كيف يحمين أنفسهن، في الماضي، لم نكن نعرف كيف نحمي أنفسنا، ولهذا وقعت الإبادة، أما اليوم، فنحن نواجه العقلية التي تدفع نحو الانتحار، ونرفض الاستسلام لها".
وأضافت "رسالتي موجهة للنساء والشباب والرجال، كما نمسك بأيدي بعضنا في الأعراس ونرقص، فلنتمسك ببعضنا لنرقص من أجل حياة حرة، من خلال حملة "لا تقتل نفسك، كل انتحار إبادة"، نسعى لوقف هذه الظاهرة، وحماية حياتنا وأرضنا من التهديدات المستمرة".
وقالت "يجب أن ننهض جميعاً، ونتكاتف، ونبني وحدتنا، حتى لا تتكرر الإبادة، ولا تُباع أمهاتنا وأخواتنا من جديد، ما دمنا على قيد الحياة، سنواصل السير خلف أولئك اللواتي تم تهجيرهن وبيعهن، وسنحمل مشاعرنا التي سُلبت منا في زمن الإبادة، الدولة لم تقدم لنا شيئاً، ولا تنوي أن تفعل، لذا، على كل إيزيدي أن ينهض، ويتمسك بالآخر، ويحمي نفسه ومجتمعه".
"العقلية الحكومية تمنع النساء من بناء حياة كريمة"
ووجّهت ولات جانو نداءً مؤثراً للنساء والشباب من خلال حملة "لا تقتل نفسك، فكل انتحار هو امتداد للإبادة"، داعيةً إلى حماية الذات والأرض ومواجهة العقلية التي تدفع نحو اليأس والانتحار "رسالتي موجهة بشكل خاص للنساء والشباب، كي لا ينخدعوا بالعقلية الحكومية التي تزرع الإحباط وتمنع التقدم، يجب ألا نسمح بأن تكون تلك العقلية سبباً في تفشي الانتحار داخل المجتمع الإيزيدي، على كل شاب وشابة أن ينهضوا لحماية أنفسهم، وأن يرفضوا الاستسلام، وأن ينضموا إلى قوى الحماية مثل الأسايش، وحدات مقاومة شنكال ووحدات المرأة في شنكال، فهذه المؤسسات تمثل امتداداً لنا جميعاً".
وأضافت "في الأماكن التي تشهد حالات انتحار، يجب أن نواجه المشاعر المدفونة منذ سنوات، وأن نتذكر أمهاتنا وأخواتنا اللواتي تم بيعهن في دول أخرى، على شبابنا أن يتأملوا في هذه الحقائق، ويقووا أنفسهم، وألا ينسوا فظائع إبادة عام 2014، رغم محاولات العقلية الحاكمة طمسها".
وختمت ولات جانو حديثها بالقول "العدو لا يتوقف عن محاولاته لسحقنا نفسياً، خاصة الشابات، ويمنعهن من بناء حياة كريمة، لذلك، يجب علينا جميعاً أن نتكاتف، ونتحد، ونقف في وجه الانتحار، ونبني مستقبلاً يليق بنا، بعيداً عن الإبادة والقهر".