العيد في أفغانستان... أفراح مفقودة بين القيود والحرب والفقر

في أفغانستان، كان العيد يمثل رمزاً للفرح، والتعاطف، والتعايش بين الأهالي، لكن اليوم بات الكثيرون، وخصوصاً النساء والأطفال، يعيشون هذه المناسبة تحت وطأة الفقر، والحرب، والقيود الاجتماعية التي تفرضها السلطات.

بهاران لهيب

أفغانستان ـ يعتبر العيد من أبرز المناسبات الدينية في أفغانستان حيث يحرص الأهالي على قضاء أيامهم وسط أجواء من السعادة، والتي تشمل زيارة المعالم السياحية واللقاءات العائلية، فبعد عيد نوروز، يُعتبر عيد الفطر وعيد الأضحى من المناسبات التي يجتمع فيها الأفغان بروح من التعاطف والتآلف، محتفلين معاً بعيداً عن أي خلافات.

على مدى أكثر من أربعة عقود من حكم الحكومات الدكتاتورية، تلاشت الكثير من مظاهر الفرح في حياة الشعب الأفغاني، وانخفضت حماسة الاحتفال بعيد الفطر لدى العديد منهم ومع ذلك، لا يزال الشعب الأفغاني يستقبل هذه المناسبة كجزء من عاداته وثقافته.

وقبل انقلاب ثورة السابع من أيلول/سبتمبر من عام 1979، كان الأفغان يعيشون في حالة من السلام النسبي، ورغم قلة شعبية الحكومات السابقة باستثناء عهد الملك أمان الله، إلا أن البلاد كانت خالية من الحروب والصراعات العرقية والمجازر وجرائم اغتصاب النساء، وبحسب الروايات التاريخية عانى عامة الشعب من الفقر، فيما ناضل الناشطون لتأمين حقوق الإنسان، وكانت المرأة تلعب دوراً فعالًا في الحركات الاجتماعية دفاعاً عن حقوقها.

وأصبحت احتفالات العيد اليوم بمثابة مسابقات عائلية بين العديد من العائلات خاصة بين الميسورين، ولكن بالنسبة للفقراء والعائلات التي لا تتناول حتى وجبة واحدة في اليوم فإن كل الأيام هي نفسها، وفي هذا العام التقينا مع بعض النساء والأطفال في عدة محافظات لسماع وجهات نظرهم.

تقول نفيسة وحيد وهي فتاة في السادسة من عمرها من ولاية ننكرهار "لا أشعر بالسعادة إلا عندما تخيط لي أمي ملابس جديدة ونذهب إلى منازل الجيران مع أطفال آخرين، إنهم يرحبون بنا بحفاوة".

وفي بعض المحافظات والقرى، جرت العادة أن يذهب الأطفال إلى بيوت أقاربهم كالعمات والأعمام وحتى الجيران ويتمنون لهم عيداً مباركاً، وتقوم العائلات بإعداد الطعام وتوزيعه في أكياس بلاستيكية، حسب القدرة المالية، ولا تزال هذه العادات حية في بعض المناطق وتجلب البهجة للأطفال.

وقالت نورية فايز من ولاية بروان، لديها أربعة أطفال "لم يعد العيد بنفس اللون والنكهة التي كان عليها من قبل، يعاني الناس إما من الفقر والبطالة أو فقدوا أحد أحبائهم بسبب إحدى الجرائم التي ترتكبها الحكومات أو الجماعات الإرهابية".

وفي الماضي، بالإضافة إلى مشاهدة المعالم السياحية والزيارات، كان الناس يمارسون أنشطة مثل رمي الكرات، والصيد، وتناول الأطعمة التقليدية، وارتداء الملابس الجديدة، ووضع الحناء على أيديهم خلال العيد، لكن اليوم وبسبب انتشار الفقر أصبحت حتى الزيارات مع الأقارب أقل.

بدورها قالت شيما والي وهي امرأة من كابول "أعمل على جانب الطريق في كراتشي وأواجه العديد من المصاعب، لذلك لم يعد للعيد أي معنى بالنسبة لي، فقط عندما تكون بطون أطفالي ممتلئة يكون ذلك بمثابة عيد بالنسبة لي".

وقالت شوكوفا نواب من ولاية فرح أيضاً "مع القيود التي فرضها طالبان علينا، فإن اليوم الذي سأتحرر فيه من كل هذا البؤس والأسر، سيكون عيداً حقيقياً بالنسبة لي، هذا الشعور ليس شعوري وحدي بل شعور كل النساء في بلدي".

ولا تزال احتفالات العيد في أفغانستان موجودة بالاسم والعنوان، لكن مضمونها تغير بالنسبة للكثيرين، لقد تحولت الأفراح الجماعية والزيارات العائلية والشعور بالأمن إلى قلق وتقييد وفقر، ومع ذلك فإن الابتسامات الطفولية، والعادات المحلية والأمل في المستقبل، لا تزال تشكل علامات على الحياة الثقافية والإنسانية في قلب مجتمع جريح.