المرأة الكردية... صوت الفن في زمن الأزمات

أكدت رئيسة مركز كلاويز الثقافي على أن نساء إقليم كردستان تتمتعن بكفاءات عالية في مجالات الفكر والفن والمسرح، لكنهن يواجهن تحديات اقتصادية وفكرية تعيق مشاركتهن الفاعلة وتقدمهن في هذه الميادين الثقافية والفنية.

هيلين أحمد

السليمانية ـ يُعدّ الفنّ ركيزة أساسية في ترسيخ الوعي الثقافي والاجتماعي داخل أي مجتمع أو أمة، إذ يُسهم في حفظ ذاكرة الشعوب وإبراز هويتها التاريخية، وتلعب النساء دوراً محورياً في إحياء هذا الفن.

الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في إقليم كردستان أدى إلى تراجع ملحوظ في مستوى الفن الكردي، حيث يعزو الفنانون ذلك إلى هيمنة السلطة وغياب الدعم الحقيقي لتطوير الفن.

ومن أبرز أسباب هذا التراجع الأزمة الاقتصادية التي فرضها المسؤولون على المواطنين لأكثر من عشر سنوات، والتي أثّرت بشكل مباشر على القطاع الفني، وجعلت الفنانين عاجزين عن ممارسة أعمالهم بحرية، النساء على وجه الخصوص تواجهن تحديات إضافية في هذا المجال في ظل تجاهل الجهات المعنية لمعاناة الفنانين، ما يزيد من صعوبة الحفاظ على الفن وتطويره في المنطقة.

أشارت ابتسام إسماعيل رئيسة مركز كلاويز الثقافي، إلى الدور الحيوي الذي تلعبه النساء في تطوير الفن وتأثيره في المجتمع الكردي، مؤكدةً أن التغيرات المتسارعة في الأنظمة السياسية والاجتماعية والثقافية حول العالم تتطلب استجابة أسرع، خاصة من النساء لمواكبة هذا التطور، وترى أن تعزيز الجوانب الثقافية، الفكرية، اللغوية، المعرفية والأدبية من خلال الحراك النسوي يشكل مكسباً مهماً للمرأة الكردية.

ولفتت إلى أن "المركز يعمل على دعم النساء المثقفات من خلال تنظيم مهرجانات سنوية تهدف إلى تمكينهن فكرياً ومعرفياً، والمساهمة في بناء مجتمع أكثر وعياً، كما يواصل المركز تقديم المحاضرات والأنشطة التعليمية للنساء، في وقت تمتلك فيه العديد منهن خبرات واسعة في مجالات الفكر والفن والمسرح".

وأضافت "مع ذلك فإن القيود الاقتصادية والفكرية تشكل عائقاً أمام استمرار النشاط الفني والثقافي والمسرحي للنساء، في ظل غياب الدعم المؤسسي والتمويل اللازم"، مؤكدةً أن غياب التهيئة المناسبة للعاملات في المسرح والسينما يمنعهن من ممارسة أعمالهن بحرية، ويحدّ من قدرتهن على الإبداع في مجالاتهن الفنية".

 

إبداع غير مرئي في ظل التحديات

وسلّطت ابتسام إسماعيل الضوء على التحديات التي تواجه النساء العاملات في المسرح، مشيرةً إلى أن القيود السياسية والاقتصادية والاجتماعية تشكّل عائقاً رئيسياً أمام تطور المرأة في هذا المجال، مؤكدةً أن النساء يمتلكن قدرات كبيرة في المسرح والفنون، حيث تتخرج سنوياً العديد من الطالبات من كليات الفنون الجميلة في المنطقة، لكن هذه الطاقات تُقيَّد بسبب الظروف المحيطة.

وأوضحت أن هناك نساء مؤهلات أكاديمياً للعمل في المسرح والفن، إلا أن الجهات المعنية لا تبذل جهوداً كافية لدعم التنوير الثقافي، في ظل تخصيص ميزانية ضئيلة لوزارة الثقافة من قبل حكومة الإقليم، مضيفةً أن تنظيم مهرجانات فنية وسينمائية سنوية يمكن أن يوفّر مساحة حقيقية لعمل النساء في هذه المجالات، إذا ما تم دعمهن بشكل جاد.

وحذّرت من أن استمرار غياب الدعم من القطاعات السياسية والاقتصادية سيُبقي النساء بعيدات عن العمل الفني والثقافي، مشيرةً إلى أن القيود المفروضة على الشباب في تزايد، ما يُفاقم من أزمة الفن ويُبعد الجيل الجديد عن الإبداع والمشاركة في الحياة الثقافية.

 

المرأة والشباب ركيزة الوعي الفني والاجتماعي

وأكدت ابتسام إسماعيل أن العديد من الشباب استطاعوا، رغم التحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، إنجاز أعمال فنية وثقافية ومسرحية متميزة بجهود فردية، مشيرةً إلى مشاركتهم الفاعلة في مهرجانات مركز كلاويز الثقافي، حيث تُشكّل لجان لتقييم أعمالهم، ويبرزون من خلالها بإبداعات جديدة.

وفي ختام حديثها شددت ابتسام إسماعيل على أهمية العمل الجماعي في المجال الفني، مؤكدةً أن النساء يبذلن جهوداً مضاعفة لتحقيق هذا التكاتف، بهدف مواجهة العقبات المجتمعية والسياسية والاقتصادية، ورغم استخدام مصطلح "غير مرئي" لوصف الفنانات في بعض المجالات، فإنهن يواصلن نضالهن المشترك لتجاوز هذا التهميش، وإثبات حضورهن في الساحة الثقافية والفنية.