'الكومينات الركيزة الأساسية لبناء المجتمع الديمقراطي'
تعمل الإدارة الذاتية في إقليم شمال وشرق سوريا على إعادة تنظيم الكومينات وتفعيل دورها لحماية النظام من العقلية السلطوية وتعزيز الحياة الديمقراطية التشاركية.
جودي برجم
كوباني ـ تواصل الإدارة الذاتية في إقليم شمال وشرق سوريا، التي مضى على تأسيسها اثني عشر عاماً، جهودها في هذه المرحلة عبر العمل على إعادة تنظيم هياكلها الداخلية، وبدأت بالفعل بخطوات عملية تشمل تصحيح المسار والإعداد لعقد مؤتمرات الكومينات بهدف تطوير آليات العمل وتعزيز دورها المجتمعي.
وفي سياق الحديث عن سير العمل في مختلف مقاطعات إقليم شمال وشرق سوريا، أوضحت نائبة الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي لمقاطعة الفرات، مزكين خليل تفاصيل الجهود المبذولة على مستوى المنطقة.
وصفت مزكين خليل الكومينات بأنها الركيزة الأهم في تنظيم المجتمع، موضحةً أن نظام الإدارة الذاتية يستند في جوهره إلى مشروع القائد أوجلان حول الأمة الديمقراطية، ولذلك يُعدّ بناء وتنظيم الكومينات الأساس الذي يقوم عليه هذا النظام.
وأضافت "إذا أردنا تعريف الكومين بدقة، فيمكن القول إنه البنية الأكثر أهمية في عملية تنظيم المجتمع، فهو يشكّل الأرضية الأساسية لبناء المؤسسات والتنظيمات المجتمعية، وفي الوقت نفسه، يُعدّ الكومين الشكل الأكثر حيوية للتنظيم، لأنه يعزز الحياة المشتركة والتشاركية، ويجمع مختلف مكوّنات المجتمع ضمن إطار واحد".
وأوضحت أن نظام الكومينات يجسّد جوهر السياسة الديمقراطية والحياة الأخلاقية ـ السياسية "أصبح من الواضح اليوم أن الحكومة وفكرها القائم على نموذج الدولة ـ القومية فرضا هيمنتهما عبر تفتيت المجتمع، ما أدى إلى عزل الفرد عن محيطه ودفع المجتمع نحو الانقسام، وفي مواجهة هذا النهج السلطوي، يقدّم مشروع الأمة الديمقراطية، ولا سيما نظام الكومينات، نفسه كبديل فعّال".
وبيّنت أنه "في مقابل عقلية الدولة ـ القومية التي تقوم على تقسيم المجتمع، يعمل الكومين على بناء مجتمع تشاركي متماسك، ويؤكد مبدأ الترابط بين الفرد والمجتمع؛ فلا فرد بلا مجتمع، ولا مجتمع بلا أفراده، ومن هنا يشكّل هذا النظام نقيضاً للأنظمة السلطوية والهيمنية، ويُعدّ الكومين الركيزة الأساسية في بنية نظامنا، وهو في الوقت نفسه مركز السياسة الديمقراطية وتنظيم الحياة الأخلاقية ـ السياسية، ما يمنحه أهمية خاصة في هذا المستوى".
وأشارت مزكين خليل إلى أنه رغم كل الظروف والتحديات، أصبحت الكومينات المكان الذي يجد فيه الناس الدعم والاعتماد "منذ عام 2014 بدأ تطبيق نظام الكومينات، وخلال تلك السنوات التي واجهت فيها الإدارة الذاتية الضغوط والهجمات والظروف الصعبة، كانت الكومينات أيضاً الملاذ الذي يلجأ إليه الأهالي للاستفادة من خدماتها والحصول على الدعم".
وأوضحت في حديثها الخطوات التي تم إطلاقها مؤخراً، بعد أن لاحظوا ضعفاً في البنية التنظيمية للكومينات، حيث أنها لم تصل بعد إلى المستوى المطلوب "بمعنى آخر، الكومين مثل الجسد، لكن علينا أن نمنحه الروح ونفعّله داخل المجتمع، وانطلاقاً من ذلك، قررت الإدارة الذاتية العمل على إعادة تنظيم الكومينات وإطلاق هذا المسار من جديد".
وشدّدت مزكين خليل على أن الجهود الحالية الهادفة إلى إعادة تنظيم الكومينات، مؤكدةً أن هذه الخطوات ضرورية لحماية النظام من العقلية السلطوية والهيمنية "نرفض الأنظمة المركزية وننتقدها، ولحماية نظامنا من الوقوع في نفس النهج، يجب أن تكون الكومينات منخرطة في كل قضايا المجتمع، من مشكلات وحلول وقرارات"، موضحةً "يجب تفعيل دور الكومين على مستوى الإدارة الذاتية ليكون أكثر حضوراً وفاعلية، وفي هذا الإطار، بدأ العمل على عقد مؤتمرات الكومينات بهدف تحديد المشكلات ووضع الحلول المناسبة لها".
ولفتت إلى أهمية اللجان التي تُنظَّم داخل الكومينات، مع التركيز على الدور المحوري للمرأة "يضمّ الكومين عدداً من اللجان التي تُشكَّل وفق احتياجات المجتمع، ومن أبرزها لجنة الصلح التي يجب أن تتعامل مباشرة مع مشكلات الأحياء وتعمل على إيجاد الحلول المناسبة لها، إضافة إلى لجان الخدمات، والتعليم والتدريب".
وأضافت "هناك أيضاً لجنة المرأة، وهي لجنة ذات أهمية كبيرة، إذ ينبغي للنساء من خلالها بناء نظامهن الذاتي وتقديم الدعم لجميع نساء الحي، فالكومين يشكّل فرصة أساسية لترسيخ حياة مشتركة، تشاركية وديمقراطية داخل المجتمع".
وأوضحت أن المتابعات والدراسات التي أُجريت مؤخراً أدّت إلى إضافة لجنة جديدة ضمن الهيكل التنظيمي للكومينات في إقليم شمال وشرق سوريا، وهي لجنة التعايش الحرة "ستعمل هذه اللجنة على إحداث تغيير في الوعي المجتمعية وتطويره".
وتابعت "بدلاً من الذهنية المتخلفة، الذكورية والسلطوية، نسعى إلى ترسيخ عقلية وحياة مشتركة، حرة وتشاركية، وتعزيز ثقافة الحياة الحرة، وستكون هذه اللجنة بمثابة الرد على النظام والذهنية التي كبّلت المجتمع، خاصة النساء، على مدى سنوات طويلة".
وفي ختام حديثها، لفتت مزكين خليل إلى أن هدف الإدارة الذاتية يتمثل في بناء هيكليتها التنظيمية وحياتها المجتمعية عبر الكومينات، والعمل على حل المشكلات وتصحيح النواقص "بهذه الطريقة نستطيع حماية نظامنا من الأنظمة المركزية التي تُدار من جهة واحدة، وفي المقابل نرسّخ نموذجاً كومينالياً خاصاً بنا يقوم على خدمة المجتمع وبنائه".