'الهجمات على منبج كان هدفها القضاء على الإرادة الحرة'
أكدت الصحفية ديلان عثمان أن المقاومة وروح التضحية التي تحلى بها المناضلون من أجل الحرية الذين قاتلوا في منبج فتحت صفحة جديدة في التاريخ.
بروين أمارا
قامشلو ـ كثف مرتزقة الاحتلال التركي هجماته على مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، من بينها مقاطعة منبج، التي تشهد منذ أيام اشتباكات قتل على أثرها العديد من المدنيين وخلال 5 أيام احتلت المرتزقة المدينة بأكملها ولا تزال لا تسمح لأهالي منبج الراغبين بالخروج من منطقتهم بمغادرة المدينة.
حول الهجمات على منبج، وماذا حدث منذ البداية وحتى الآن، وكيف تمت إثارة المقاومة قالت الصحفية ديلان عثمان "لا يمكن نسب الهجمات على منبج إلى اسم العصابات فقط، لأن هذا الهجوم نفذ مباشرة من قبل الدولة التركية وجهاز المخابرات التابع لها، كانت منبج من قبل أيضاً منطقة تتعرض للهجمات، لكن في السادس من كانون الأول، كثفت تلك العصابات هجماتها ولم تتوقف حتى الآن، وفي كثير من الأحيان ومن أجل منع ترسيخ هذا النظام الديمقراطي في تلك المنطقة، نظم جهاز المخابرات العامة التابع للدولة التركية والعديد من خلاياه السرية هناك، ومن جانب هذه الخلايا تم تنفيذ هجمات نفسية وأساليب حربية خاصة على الناس من أجل تقويض هذا النظام، لقد أرادوا خلق مثل هذا التهديدات على الشعب بحيث لن يقترب الناس أبداً من هذا النظام الديمقراطي، ونُفذت هذه الهجمات في الغالب على الخطوط الريفية والحدودية".
وأشارت إلى أن هذا الهجوم كان في المقام الأول ضد الإرادة الحرة وإرادة جميع النساء اللواتي نظمن أنفسهن في تلك المنطقة "كلنا نعرف ما هي الحالة التي كانت عليها نساء منبج قبل تحريرها، لكن خلال هذه الهجمات رأينا كيف تمت المقاومة في القرى كان لها تأثير كبير علينا، ومن أجل الحفاظ على هؤلاء النساء أخذت مقاتلات وحدات حماية المرأة وجميع النساء اللواتي أخذن مكانهن في المجلس العسكري والأمني مواقعهن في جبهات القتال ببطولة كبيرة وروح التضحية، وضد كل خطط العصابات كانت خطط المقاتلين تتقدم وأنهى العديد من المقاتلين حياتهم حتى لا يقعوا في أيدي تلك العصابات من خلال إطلاق الرصاص على أنفسهم، ومهما كثر الحديث عن مقاومة هؤلاء المقاتلين، فلن يكون ذلك كافياً، فكل منهم لعب دوره في هذه الحرب وكأنه يقاتل ضد جيش".
وأوضحت أنه "في خضم هذه الهجمات كان أهالي منبج يقيمون الاحتفالات في العديد من الأماكن بمناسبة سقوط النظام السابق في 8 كانون الأول/ديسمبر، فهم تعرضوا للعديد من الممارسات في ظله حكم نظام الأسد لسنوات طويلة، حتى أن العديد من السجناء الذين كانوا في السجون السورية كانوا من أهالي منبج ولكن الأهالي كانوا سعداء بذلك".
وقالت ديلان عثمان "خلال الهجمات على منبج منحتنا مقاومة نساء منبج اللواتي كن تقاتلن ضد ذلك النظام معنويات عالية، في الهجوم على منبج قتلت ثلاثة عضوات من تجمع نساء زنوبيا إحداهن تدعى قمر الإبراهيم والمرتزق الذي قتلها كان خالها، وعلى الرغم من أنها تعرضت للتهديد في العديد من المرات لكنها لم تتوقف عن نضالها حتى اللحظة الأخيرة، في هذه الحادثة يرى المرء مرة أخرى بوضوح النظام الذكوري المهيمن الذي لا يقبل المرأة بأي شكل من الأشكال ويسلبها كافة حقوقها في الحياة، ينبغي للمرء أن يصف حياة هؤلاء النساء الثلاث المقاومات، وما الوعي الذي كانوا يقاتلون ضده، يجب أن يكونوا بمثابة مدرسة تعليمية بالنسبة لنا".
وأكدت أن مقاومة هؤلاء النساء أثرت على النساء الأخريات أيضاً "في هذه الحرب وقفت نساء كثيرات إلى جانبنا وبقوا معنا حتى النهاية، كان هناك العديد من الأماكن التي كانت تتم فيها مقاومة كبيرة، وفي بعض الأماكن كان مئات الأشخاص يهاجمون المقاتلين، وكانت تُشن حرب وحشية عليهم، حيث قتل العديد منهم كالشهيدة مزكين قامشلو التي كانت أحد عضوات قوات الأمن الداخلي (الأسايش) وفي النهاية ولكي لا تقع في أيدي العدو، رفضت الاستسلام وأنهت حياتها برصاصة".
وشددت على أنه "لن نهزم في منبج فالأطفال الذين لا يفهون شيئاً رفعوا أيديهم وقالوا عاشت قوات سوريا الديمقراطية، وهذا يدل على أننا انتصرنا هناك، خلال الهجوم على مدينة منبج أكثر الأحداث التي أثرت فيّ هي المقاومة التي ظهرت في المشفى العسكري حتى اللحظة الأخيرة قبل الهجوم على منبج، كانت مجموعة من الرفاق يقومون بحماية الجرحى والشهداء في المشفى، أولئك الذين قاتلوا هناك لم يكونوا من ذوي الخبرة، ولكن في بعض الأحيان تتجاوز الإرادة الحدود كان هناك رفيق قناص عند مدخل المشفى، قام وكأنه جيش كامل بحماية المشفى من العصابات لعدة أيام حتى لا يتعرض الجرحى الموجودين هناك للأسر، هذه المقاومة لن تنسى في تاريخنا".
وقالت ديلان عثمان في ختام حديثها "لا يزال من غير الواضح كيف ستشكل التغييرات في سوريا عندما نتحدث عن مواقف كثيرة فإن الوضع في سوريا لن يختلف كثيراً، نرى ما تواجهه النساء يومياً من أوضاع وكيف يتم اتخاذ العديد من القرارات بشأن المرأة السورية منذ الآن، وتقرر أن النساء اللواتي كن تشاركن في مؤسسات العدالة لن تشاركن هناك بعد الآن، وسيجلب هذا القرار مخاطر كبيرة على ثقافة وهوية الشعب السوري، كصحفيات ومنظمات لحماية المرأة، نرى أنفسنا مسؤولين فيما يتعلق بالتهديدات التي تتعرض لها المرأة لأننا نهتم بنضال جميع النساء".