'الإيزيديون خاضوا حرباً نيابة عن العالم ويستحقون الاعتراف والدعم'

أكدت الناشطة السياسية منيرة أبو بكر أن "الإيزيديات اليوم يتقدمن الصفوف في مسيرة الثورة القادمة، مستلهمات من فلسفة"Jin Jiyan Azadî" لذلك أترقب مستقبلاً قريباً تُحدثن فيه تحولاً جوهرياً، فهنّ يحملن على عاتقهن مسؤولية عظيمة، ويقمن بدور محوري".

هيلين أحمد

السليمانية ـ في 3 آب/أغسطس 2014، اجتاح داعش مدينة شنكال رغم تحذيرات الأهالي، وانسحبت قوات البيشمركة والجيش العراقي تاركين السكان لمصيرهم، وأسفر الهجوم عن إبادة جماعية واختطاف آلاف المدنيين، معظمهم من النساء، فيما لجأ آخرون إلى الجبال هرباً من القتل، وحتى اليوم، تم اكتشاف عشرات المقابر الجماعية، ولا يزال مصير كثيرين مجهولاً.

وفي الثالث من آب/أغسطس 2014، لبّى مقاتلو الحرية نداء أهالي شنكال، وتوجهوا إلى جبال المنطقة، حيث تصدّوا للهجوم ومنعوا استمرار المجازر بحق المدنيين.

واليوم، باتت شنكال تمتلك ثلاث قوى دفاعية ذاتية هي وحدات مقاومة شنكال (YBŞ)، وحدات نساء شنكال (YJŞ)، وقوات أمن إيزيدخان، وتضم هذه التشكيلات مئات النساء الإيزيديات اللواتي حملن السلاح بشجاعة، ووقفن في الصفوف الأمامية للدفاع عن مجتمعهن.

 

"تتولى النساء قيادة ثورة روج آفا"

أكدت منيرة أبو بكر، الباحثة والناشطة السياسية في قضايا المرأة، أن الإيزيديات اليوم يتقدمن الصفوف في مسيرة الثورة القادمة، مستندات إلى فلسفة "Jin Jiyan Azadî"، فقد شهد تنظيمهن تطوراً غير مسبوق، حيث أسسن أحزاباً ومنظمات خاصة بهن، وانخرطن في تدريبات عسكرية وسياسية، لتصبحن مقاتلات وقياديات يتحملن مسؤولية قيادة تحولات اجتماعية وثقافية وتحررية عميقة.

وأضافت "انطلقت شرارة هذه الثورة من غرب كردستان، لكن تأثيرها تجاوز الحدود، ليشمل جميع أجزاء كردستان، لقد اتحدت النساء في العمل السياسي والعسكري والتنظيمي، وهنّ اليوم يسعين إلى عقد مؤتمر قومي نسائي كردي يجمع نساء كردستان من مختلف الأقاليم، حيث أنه في إقليم شمال وشرق سوريا، تتولى النساء قيادة الثورة المستقبلية بكل كفاءة واقتدار، مجسّدات روح النضال والحرية".

 

"يجب الاعتراف بما حدث بشنكال على أنه إبادة جماعية"

وأكدت منيرة أبو بكر أن أهالي شنكال، ولا سيما النساء، واجهوا ظروفاً قاسية للغاية، وأظهروا مقاومة بطولية في وجه المحنة التي ألمّت بهم، وأن ما جرى يُعد حدثاً تاريخياً جللاً، له أبعاد دولية وإقليمية، وقد أثار ردود فعل من بعض المثقفين والسياسيين وعدد من الدول، التي عبّرت عن دعمها وسعت للاعتراف بما تعرض له الإيزيديون كإبادة جماعية، إلا أن هذه الجهود لم يرقَ إلى مستوى طموحاتنا، ولا إلى حجم الكارثة التي وقعت.

وشددت على أن المجتمع الدولي مطالبٌ بموقف أكثر جدية تجاه قضية الإيزيديين، من خلال الاعتراف الرسمي بالإبادة الجماعية والجرائم المرتكبة بحقهم، وتقديم الدعم المادي والمعنوي اللازم، داعيةً إلى محاسبة الجناة، سواء كانوا أفراداً أو دولاً، أمام المحاكم الدولية، لينالوا العقاب العادل.

وأشارت إلى أن المسؤولين عن تأسيس داعش لم يُحاسبوا حتى الآن، ولم يُعاد إعمار المناطق ذات الغالبية الإيزيدية، ولم يُقدّم لهم الدعم الكافي، كما لم يُسنّ أي قانون يعترف قانونياً بالإبادة الجماعية التي وقعت.

وأكدت أنه على الدول كافة أن تتحد في موقفها تجاه هذه القضية، وأن تُعرض أمام محكمة لاهاي، ليُحاسب كل من تورط في تلك الجرائم، داعيةً إلى أن يتحمل المجتمع الدولي والإقليم مسؤولياتهم في تقديم الدعم للإيزيديين، وضمان عدم تكرار هذه المأساة، ليس فقط من أجل المجتمع الإيزيدي، بل من أجل حماية جميع المجتمعات من مثل هذه الجرائم "ما تحقق حتى الآن لا يكفي".

وأكدت منيرة أبو بكر أن الكرد، والإيزيديين، لم يتمكنوا من الاستفادة من القرار الأوروبي الذي اعترف بالإبادة الجماعية "لم نستطع تحويل هذا الاعتراف إلى قضية تدفع العالم لتحمل مسؤولياته، رغم أننا، ونحن بلا دولة مستقلة، خضنا حرباً شرسة ضد داعش نيابة عن البشرية جمعاء".

وشددت على أهمية دور النساء الإيزيديات في المرحلة القادمة، داعيةً إلى أن يكنّ في طليعة النضال، وأن يوحدن صفوفهن ويبنَين تاريخاً مشتركاً، ويعززن علاقاتهن مع نساء باقي أجزاء كردستان "لا ينبغي أن تكون ثورتهن عسكرية فقط، بل يجب أن تكون ثورة فكرية واجتماعية، يجب أن تخرج النساء من العزلة داخل المنازل، وأن يُمنحن فرص التعليم والعمل، لتقوية إرادتهن وقدراتهن، حتى يصلن إلى المكانة التي تستحقينها".

وأشارت إلى أن نحو عشرين ألف مقاتل شاركوا في الدفاع عن شنكال، لكنهم انسحبوا لاحقاً، مؤكدةً على ضرورة أن يُربّوا أنفسهم على الوعي بالحقوق والسعي لنيلها بإرادة قوية "أتمنى أن يأتي اليوم الذي أرى فيه الإيزيديين قد بلغوا طموحاتهم، فهم مكوّن أصيل من حضارة ميزوبوتاميا، وجزء لا يتجزأ من الشعب الكردي".

واختمت الناشطة السياسية منيرة أبو بكر حديثها بالقول "لكي نبني مجتمعاً متكاملاً، علينا أن نتعرف على جميع مكوناته، وأن نقرأ تاريخهم ونفهم ثقافتهم".