'الاعتراف بطالبان يضفي الشرعية على الانتهاك المنهجي لحقوق الإنسان'

في حين أن أفغانستان لم تتعافَ بعد من جراح الغزو والاحتلال، فإن إعلان روسيا استعدادها للاعتراف بطالبان وترحيب الصين بهذه الخطوة، يعد ناقوس خطر لحقوق الإنسان؛ فهو يمنح الشرعية لأحد أكثر الأنظمة قمعاً ويتجاهل معاناة النساء والقوميات.

بهاران لهيب

فارياب ـ منذ غزو روسيا لأفغانستان عام 1978، تحوّلت البلاد إلى ساحة صراع بين القوى العالمية، حيث دعمت روسيا نظاماً تابعاً لها وسعت لقمع المعارضة الداخلية، مما تسبب في تشريد ملايين الأفغان وقتل مئات الآلاف، في المقابل، لم تدافع الدول والمؤسسات التي تدعي الإنسانية عن قيم حقوق الإنسان.

بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001، دخلت أمريكا مجدداً إلى أفغانستان بشعار "محاربة الإرهاب"، لكن نتيجتها بعد عقدين كانت دولة ضعيفة، تابعة وفاسدة، ومع الانسحاب المفاجئ للقوات الأمريكية عام 2021، سقطت أفغانستان بسهولة واستعادت طالبان السلطة دون مقاومة تُذكر.

في نفس الوقت، عادت روسيا، التي كانت لها يد في قمع الشعب الأفغاني، لتتجاهل التاريخ والواقع الحالي، وتتخذ خطوة نحو منح الشرعية لطالبان، خطوة تتناقض بشكل كامل مع المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان.

أما الحرب الحالية بين إيران وإسرائيل فقد أثرت بشكل غير مباشر على المعادلات الإقليمية، ففي حين تتركز أنظار القوى العالمية والإقليمية على صراعات الشرق الأوسط، أصبحت قضية أفغانستان على هامش الاهتمام، وقد استغلت طالبان هذا الفراغ لتعزيز قمعها دون خوف من الرقابة الدولية أو المساءلة.

دعم روسيا العلني وموافقة الصين في هذا السياق لا يعد فقط أمراً خطيراً، بل رسالة مقلقة تُداس فيها حقوق الإنسان للشعب الأفغاني، وفي هذا السياق، قالت ليلى فروغ، الناشطة في مجال حقوق المرأة "الخطوة الأخيرة التي اتخذتها روسيا بإعلان استعدادها للاعتراف بحكم طالبان، وترحيب الصين بهذا القرار، هي من منظور حقوق الإنسان خطوة مثيرة للقلق ومدانة بشدة، هذا التوجه يُتخذ في وقت قامت فيه طالبان خلال السنوات الثلاث الماضية بسياسات قمعية ممنهجة انتهكت الحقوق الأساسية للشعب الأفغاني، خصوصاً النساء والفتيات".

وأوضحت أنه "منذ عام 2021، أغلقت حركة طالبان المدارس أمام الفتيات، ومنعت النساء من دخول الجامعات، وحرّمت عليهن العمل في الدوائر الحكومية والمنظمات الدولية، وتعرّضت النساء للملاحقة، والاعتقال، والتعذيب، والعنف الجسدي بسبب نوع اللباس، أو حتى لمجرد خروجهن من المنزل من دون مرافق من الذكور، وتشير تقارير متعددة صادرة عن منظمات حقوق الإنسان إلى حوادث رجم، وإعدامات ميدانية، وضغوط نفسية شديدة على النساء والأقليات الدينية والعرقية".

وأضافت أنه "إلى جانب هذا القمع الواسع، يعيش ملايين المواطنين الأفغان في فقر وبطالة وتيه، محرومين من أبسط خدمات الحياة، ولا توجد أي آفاق واضحة للمشاركة السياسية، أو حرية التعبير، أو الوصول إلى العدالة في البلاد".

وأوضحت أنه "في ظل هذه الظروف، فإن أي خطوة للاعتراف بطالبان تعني إضفاء الشرعية على نظام شمولي ينتهك حقوق الإنسان بشكل صارخ، وهذا لا يتعارض فقط مع التزامات المجتمع الدولي تجاه الشعب الأفغاني، بل يبعث برسالة خطيرة إلى الجماعات المتطرفة الأخرى حول العالم، مفادها أن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان قد تقود إلى اعتراف دولي".

واختمت حديثها بالقول "نحن النساء، كضحايا مباشرات للعنف والاضطهاد من قبل طالبان، ندين بشدة هذا الإجراء الذي اتخذته روسيا، وندعو جميع القوى المحبة للحرية والمساواة في أنحاء العالم إلى رفع أصواتهم احتجاجاً على هذا القرار، كون الاعتراف بهذا النظام المعادي للمرأة والجاهل لن يؤدي إلا إلى جعل مخالبه أشدّ ضراوة ضد الشعب، خصوصاً النساء والأقليات الدينية والعرقية".