أهالي السويداء ينتفضون ضد الحصار وسياسة التجويع

شهدت عدة مدن تابعة للسويداء السورية، وقفات ومظاهرات حاشدة، طالب فيها المشاركون بتوفير حماية دولية وفتح ممرات إنسانية عاجلة مستنكرين في الوقت ذاته منع دخول الصحافة.

مركز الأخبار ـ في الثالث عشر من تموز/يوليو الجاري، اندلعت اشتباكات عنيفة في مدينة السويداء، أسفرت هذه المواجهات عن تدهور حاد في الأوضاع الإنسانية والأمنية، حيث شهدت المدينة موجات نزوح جماعية وانهياراً في الخدمات الأساسية، بالإضافة إلى سقوط عدد من الضحايا.

شهدت مدينة شهبا، مدينة صلخد، بلدة القريا، بلدة عرمان، بلدة ملح، والعديد من القرى والمناطق التابعة لمدينة السويداء، مظاهرة حاشدة اليوم الاثنين 28 تموز/يوليو، بالتزامن مع وقفات احتجاجية ومظاهرات متفرقة، ورفع المشاركون لافتات تطالب برفع الحصار المفروض على السويداء، وتندد بالمجازر التي ارتكبتها قوات ما تُعرف بـ "الحكومة الانتقالية".

كما طالب المحتجون بتوفير حماية دولية وفتح ممرات إنسانية عاجلة، مستنكرين في الوقت ذاته منع دخول الصحافة الغربية إلى المدينة، ما اعتبروه محاولة للتعتيم على الانتهاكات، داعياً إلى فتح تحقيق دولي مستقل يكشف حقيقة ما يجري ويضمن محاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق المدنيين.

وأفادت المصادر بأن الاحتياجات الإنسانية في السويداء بلغت مستويات حرجة، حيث أن حجم المساعدات الحالية لا يلبي سوى جزء ضئيل من الاحتياجات الفعلية، التي تتطلب قوافل إغاثية مضاعفة عدة مرات، وتأتي هذه الأزمة في أعقاب كارثة إنسانية واسعة النطاق، طالت مدينة السويداء و36 قرية أخرى، تعرضت لأضرار كلية أو جزئية.

وأسفرت المواجهات إلى حدوث موجة نزوح قسري لأكثر من 100 ألف شخص داخل حدود المدينة، إلى جانب المئات إلى مدينة درعا على خلفية تصاعد التوترات الأمنية وأعمال العنف، حيث أشارت تقارير إلى أن المئات من العائلات الدرزية فرّت هرباً من القتل والإهانات التي تعرضوا لها على يد مجموعات مسلحة مرتبطة بجهاديي هيئة تحرير الشام.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن حاجزاً تابعاً للأمن العام في منطقة بصرى الشام منع فرقاً إعلامية أجنبية من دخول السويداء، على الرغم من حصول بعضها على موافقات رسمية من وزارة الإعلام في دمشق.

وعلى هامش المسيرة عبرت إحدى نساء مدينة السويداء عن غضبها لما آل إليه حال الخريجات من الشابات، اللواتي وجدن أنفسهن بلا مستقبل أو فرصة بعدما أُغلق في وجوههن كل الطرق لبناء مستقبلهن، مشيرةً إلى أن الحكومة المؤقتة ارتكبت انتهاكات ومجازر بحق الكفاءات الوطنية، من مهندسين ومثقفين ومتعلمين، حيث تم استهدافهم بشكل ممنهج ومباشر "أن الجهات الحكومية قتلت بناة البلاد، وأحرقت مخازن التاريخ، وسرقت أرزاق المواطنين وأحرقتها".

وأشارت إلى أنه خلال فترة الاشتباكات التي شهدتها المدينة تم قطع الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه وحتى الإنترنت بشكل متكرر ومقصود لمنع السكان من الاستغاثة أو التواصل مع الخارج أو طلب المساعدة ولكيلا يعرف أحد ما يجري في الداخل، مضيفةً أن الجماعات التابعة لما يُعرف بـ "الأمن العام" شنت هجمات أدت إلى مقتل نساء وأطفال في منازلهم، معتبرةً أن هذه الممارسات لا تستهدف فقط الأفراد بل تمحو ذاكرة شعب بأكمله.

وأكدت مشاركة أخرى على أن دور الحكومة يجب أن يكون حماية الشعب دون تمييز "إن الشعب السوري بطبيعته لا يعرف الطائفية، ونحن أهالي السويداء لم نعش هذه الطائفية من قبل، سوريا كانت وما زالت مركزاً ثقافياً ومركزاً للثورة"، منددة بالجرائم الطائفية التي شهدتها سوريا ومدينة السويداء على وجه الخصوص من قتل وحرق منازل وسرقة ممتلكات الأهالي.

وأشارت إلى أن التفريط بأمن المواطن يُعد خيانة لمبدأ القيادة الوطنية "يجب على السورين أن يوحدوا صفوفهم في وجه القمع والطائفية لآن الأمل لا يزال قائماً باستعادة العدالة والحرية".

من جانبها أكدت إحدى المشاركات في المسيرة على أن مدينة السويداء منارة للأدب والثقافة، حيث انطلق منها أول معجم في العالم، وكانت مصدراً غنياً برزت منها أسماء في مجالي الفن والغناء، لافتةً إلى أن "السويداء، كونها منبعاً للحضارة، تخوض اليوم صراعاً مع الطائفية".