من الثورة إلى المسرح... رحلة شابة في كوباني
أحلام عبدي، فنانة شابة من كوباني بإقليم شمال وشرق سوريا، بدأت مسيرتها الفنية في سن الرابعة عشرة بعد ثورة روج آفا التي مكّنت النساء من التعبير عن أنفسهن بحرية، مؤكدة أهمية الفن والثقافة في بناء مجتمع حر ومتطور.
نورشان عبدي
كوباني ـ شكّلت ثورة روج آفا فرصة لمئات النساء والشباب في المنطقة كي يكتشفوا ذواتهم ويعبّروا عن تطلعاتهم بحرية. فقد أتاح هذا الحراك التحرري مساحة حقيقية للنمو الشخصي، خاصة للجيل الذي نشأ في ظلها، حيث استطاع أن يُنمّي ميوله الفني ويطوّره، ويحوله إلى أدوات فاعلة في خدمة المجتمع.
في مختلف مقاطعات إقليم شمال وشرق سوريا، شكّلت المراكز الثقافية والفنية، بما فيها حركة "الهلال الذهبي"، فضاءات حيوية جمعت مئات الشباب حول فنونهم وهويتهم الثقافية الأصيلة. ففي مدينة كوباني بمقاطعة الفرات، برزت أحلام عبدي ذات الـ 18 عاماً كواحدة من هؤلاء الفنانين، حيث بدأت مسيرتها الفنية في سن الرابعة عشرة، في ظل ظروف اتاحت لها التعبير عن ذاتها وتطوير موهبتها في خدمة المجتمع.
تنحدر أحلام عبدي من قرية تاشلوج شرق مدينة كوباني. ومنذ ست سنوات تشارك بفعاليات مركز الثقافة والفنون "باقي خِدو" في كوباني، حيث استطاعت خلال هذه الفترة أن تبرز موهبتها الفنية من خلال تقديم العديد من الأعمال المتميزة التي تعكس شغفها وإبداعها.
وعن بداياتها، قالت "عندما دخلت عالم الفن، لم أكن أعي أن الفن يُشكّل جوهراً عميقاً للحياة، بل هو كبحرٍ لا يُدرك قاعه. خلال سنوات دراستي، كان زملائي والمعلمون دائماً يشجعونني من خلال قول العبارات التحفيزية مثل "صوتك جميل، لكن عليك أن تطوريه وتعملي عليه"، كلماتهم تركت أثراً في نفسي، فبدأت أبحث عن طريق اعبّر فيه عن ذاتي. لم أكن أعلم بوجود مركز ثقافي يُلبي احتياجاتي، حتى جاء يوم اصطحبني فيه والدي إلى مركز الثقافة والفنون بالمدينة، وهناك بدأت رحلتي وسجلت اسمي".
وأوضحت "منذ بداية مشواري، التحقت بفرقة بوتان، المعروفة بكونها من أعرق الفرق الفنية، ويضمّ أعضاؤها نخبة من الفنانين المخضرمين. كنت لا أزال صغيرة حين بدأت معهم، ويمكن القول إنني ترعرعت في كنفهم. تطورت موهبتي في مجال الغناء، وكانت أولى مشاركاتي على خشبة المسرح برفقتهم خلال احتفالات نوروز عام 2023 في مدينة حلب".
وعن تجربتها الأولى على المسرح قالت "في تلك اللحظة، عشت شعوراً عميقاً لا يُنسى، فقد نشأت في مجتمع لم يكن معتاداً على رؤية النساء يتقدمن للغناء أو ينخرطن في العمل الفني. لكن عندما اعتليت المسرح، شعرت أنني كسرت هذا الحاجز، وأنني خطوت خطوة جريئة ومضيئة في مسيرتي الفنية".
وقالت أحلام عبدي، التي أثبتت حضورها في مجالات فنية متعددة "في عام 2023، التحقتُ بمعهد الشهيد ولات للفنون، وهناك بدأت تدريبي في قسم الاستوديو، ومنذ ذلك الحين أصبحت جزءاً من هذا المسار الفني. في الوقت نفسه، أصبحت عضوة في فرقة "غيفارا" الشبابية، بعد أن غادرت فرقة بوتان. كما بدأت العزف على آلة الدف، التي أحببتها بشدة، ويشرف على تدريبي فيها أحد الأساتذة في المركز. اليوم، أُدرّب ثلاث فرق موسيقية للأطفال، والشباب، والكبار للعزف على هذه الآلة.
الفئة الشابة حققت خطوات كبيرة
وأضافت "إلى جانب الغناء والموسيقى، أشارك أحياناً في فرق الرقص الشعبي، وكنت حاضرة في العديد من المهرجانات. لم أرغب في حصر نفسي ضمن مجال واحد، بل سعيت لأن أكون حاضرة في مختلف جوانب الفن، وأن أعبّر عن طاقتي الإبداعية بكل تنوعها".
وعن أعمالها، بينت "لدي العديد من الأغاني التي قمت بأدائها، بالإضافة إلى عمل فني خاص بي بالكامل. حتى الآن، شاركت في إعداد وتسجيل وتنفيذ سبع أغانٍ وفيديوهات موسيقية. ومن أبرز أعمالي الخاصة أغنية عن مقاومة سد تشرين".
واختتمت أحلام عبدي حديثها بالقول "بعد انطلاق ثورة روج آفا، استطاعت النساء أن يحققن خطوات كبيرة في المجال الثقافي والفني. واليوم، نرى كيف أنهن أسّسن تنظيماتهن الخاصة في مراكز الهلال الذهبي، وأصبحن فاعلات في مختلف المجالات. أُولي أهمية بالغة لثقافتي وفني، ولهذا أحرص دائماً على أن أكون جزءاً من كل جهد يُبذل لحمايتهما وتطويرهما. فالثقافة والفن إن لم نحافظ عليهما، فلن يفعل ذلك أحدٌ غيرنا. بهذه القناعة، أواصل اليوم أعمالي الفنية بكل شغف وإيمان".