بالأشغال والفنون اليدوية نساء إدلب تتضامن مع أهالي غزة

مرارة النزوح والتهجير والاحتلال التركي وما فرضه عليهن من ظروف صعبة، لم يمنع نساء إدلب من التضامن مع أهالي غزة من خلال الرسم والفن ووقفات المناصرة، وسط صمت دولي شنيع صور حجم التخاذل بحق الإنسانية.

لينا الخطيب

إدلب ـ عبرت مجموعة من رسامات إدلب عن تضامنهن ودعمهن لأهالي غزة من خلال تخصيص العديد من رسوماتهن وأعمالهن اليدوية لتسليط الضوء عما تعايشه نساء غزة من انتهاكات، لتؤكدن أن النساء يداً واحدة في وجه ما تقاسينه من ظلم وتهميش.

جمعهن حب الفن والأعمال اليدوية ورأيهن الرافض لما يعانيه أهالي غزة عموماً والمرأة خصوصاً في ظل الحرب المستمرة منذ قرابة سبعة أشهر على القطاع، لذلك قررت عدد من الرسامات في مدينة إدلب بالشمال السوري تخصيص بعض أعمالهن لنصرتهم والتضامن معهم، منهن مرام العبس البالغة من العمر 23 عاماً، طالبة جامعة تدرس في كلية الآداب قسم اللغة العربية، خضعت لعدة تدريبات لتعلم المهارات والمبادئ الأساسية في فن الفسيفساء، حيث تقول "أحب هذا الفن لذا أقبلت على تعلمه، وتلقيت تدريباً مهنياً حوله في مركز "الحياة" بالمدينة، إلى جانب 30 امرأة معظمهن من الأرامل وزوجات المعتقلين، حيث أن المركز يختص بتدريب النساء المعيلات على مهن يدوية لتكن قادرات على تحقيق اكتفائهن الذاتي واستقلالهن المادي".

ولفتت إلى أنه "لطالما كان هذا الفن حكراً على الرجال، لكننا كنساء قررنا تعلمه للحفاظ عليه من الاندثار ولنشره بين الأجيال الجديدة والنساء أيضاً"، مؤكدةً أن فن الفسيفساء لا يحتاج إلى أدوات مكلفة، إنما يقتصر على الأحجار التي هي بالأساس متوفرة في المنطقة، بالإضافة إلى أداة يدوية حادة لتقطيعها.

وأوضحت أن بداية العمل عليها تكون من خلال طباعة الصورة المطلوب رسمها على لوحة الفسيفساء، ومن ثم انتقاء الأحجار المناسبة، بحيث تكون ألوانها مشابهة لألوان الصورة، وتقطيعها بأحجام تتناسب مع المكان الذي سوف توضع فيه، وأخيراً يتم لصقها وترتيبها بأسلوب فني على الصورة المطبوعة، وبعد الانتهاء من اللوحة، تقوم بحفها وتنعيمها، ثم طلائها بمادة ملمعة لمنحها بريقاً مميزاً.

وأكدت أنها اختارت أن ترسم لوحات عن أماكن محددة من فلسطين منها المسجد الأقصى وقبة الصخرة وغيرها، "ما تفعله القوات الإسرائيلية في غزة جريمة بحق الإنسانية جمعاء، خاصة استهدافها وقصفها المباشر للمستشفى المعمداني في قطاع غزة، القصف الذي راح ضحيته مئات المدنيين العزل، بالتزامن مع استمرار الغارات الجوية والقصف العشوائي للأحياء المدنية في مختلف أنحاء القطاع".

ودعت مرام العبس المنظمات الدولية بممارسة كافة الضغوط لإيقاف الحرب على أهالي غزة، والالتزام بالقوانين الدولية والمبادئ الإنسانية، ورفض مساعي التهجير القسري لهم.

من جهتها أكدت فاطمة الأحمد ذات الـ 30 عاماً نازحة من ريف دمشق إلى مدينة إدلب، على حبها وشغفها بالرسم والتخطيط، لذا اختصت بهذا المجال ورسمت عدة لوحات عبرت من خلالها عن تضامنها مع أهالي غزة، وتقول "انتابني الحزن الشديد إزاء ما يعايشه أهالي غزة من انتهاكات وجرائم ومجازر خاصة ضد النساء والأطفال، ما هو الذنب الذي اقترفوه، ولأعبر عن رفضي واستنكاري لما يحدث لهم رسمت عدة لوحات وكتبت عليها عبارات صورت من خلالها معاناة شعب مضطهدة تخلت عنه المنابر التي لطالما تغنت بالإنسانية والدفاع عنها، جرحنا واحد ومعاناتنا واحدة، حيث عشنا القصف والخوف والنزوح والتشريد، وتم قصف مناطقنا بشتى أنواع الأسلحة فقط لأننا طالبنا بأبسط حقوقنا ورفضنا للسياسية الاستعمارية والديكتاتورية، لذا من الطبيعي أن نشعر بمعاناة الفلسطينيين/ات ونتضامن معهم".

كما اختارت نساء أخريات فن الرسم على الجدران، فجعلن منها منابر للتعبير عن آرائهن ورفضهن للظلم، وحبهن للحياة، منهن علا نور الدين البالغة من العمر 28 عاماً من مدينة إدلب عرفت بحبها للفن الغرافيتي، أو "الرسم على الجدران" وتستخدم فيه بخاخات ومواد الدهان والأقلام وفراشي الرسم الخاصة، ومواد أخرى للحصول على لوحة جدارية تعبر عن أفكار وقضايا إنسانية متنوعة، وتقول "أعبّر من خلال لوحاتي عن قضايا عانى منها الشعب السوري كالقصف والنزوح والاعتقال والتهجير القسري، فكل لوحة تحكي قصة وحادثة مؤثرة".

ولفتت إلى أنها ركزت خلال الفترة الأخيرة على المعاناة التي يكابدها أهالي غزة، من خلال رسومات صورت استهداف الصحفيين/ات والأطفال والنساء الأبرياء، مؤكدةً أن اللوحات الجدارية هي رسائل فورية ومباشرة تؤثر بشكل كبير على وعي الجمهور بمختلف شرائحه، على الرغم من أنها مؤقتة، وقد تزول بفعل عوامل الطبيعة والزمن.

وأشارت علا نور الدين إلى أن "الفن في إدلب باتت وسيلة للتضامن مع أهالي غزة ونقل معاناة مئات الآلاف خلال هذه المرحلة الصعبة، وتوثيق المجازر التي ترتكب بحقهم، لإيصالها للأجيال القادمة كي تعي ما حصل وما تعرضت له غزة من ظلم وانتهاكات".