رجاء الدهماني: معركتنا ومسيرتنا متواصلة حتى تحقيق المساواة التامة

برغم حقوق المرأة ومكتسباتها في بلد يعتبر رائداً في هذا المجال من حيث ترسانة القوانين، إلا أن المرأة التونسية تواجه العديد من المعضلات كمثيلاتها في المنطقة العربية في معركة مستمرة منذ عقود لافتكاك حقوقها المشروعة

زهور المشرقي 
تونس ـ .
 
 معاناة التونسية
ترى عضوة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ومنسقة لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية صلب الجمعية، رجاء الدهماني، في حوار مع وكالتنا وكالة أنباء المرأة (NUJINHA)، أن معركة المرأة التونسية ضد العقلية الرجعية المتخلفة لا تزال متواصلة، لافتةً إلى نضال التونسية ضد الجهل والقمع ما أدى إلى تفوقها في العديد من المجالات عربياً وإفريقياً.
وقد عرفت رجاء الدهماني بمواقفها المنصفة للمرأة التونسية والعربية، ونشاطها ضمن جمعية النساء الديمقراطيات وهي جمعية نسائية ظهرت في ثمانينات القرن الماضي، وتجمع في صلبها نخبة من النساء ذوات الحساسية اليسارية والعلمانية، وترأسها سعيدة راشد.
وتعمل الجمعية منذ نشأتها على تحقيق إلغاء كافة مظاهر التمييز ضد المرأة، وتوعية النساء بحقوقهن والدفاع عن مكاسبهن، بالإضافة إلى العمل على تغيير المنطق الأبوي السائد ثقافياً، وتحقيق المساواة الكاملة للمرأة.
 
برغم العراقيل التي تعترض المرأة التونسية من قبل العديد من التوجهات الرجعية إلا أن هذه المرأة تواصل تحديها واقتحامها مجالات العمل والإبداع المختلفة، ما سرّ هذا التحدي؟
نعم لا تزال المرأة التونسية إلى اليوم تعاني من التوجهات الرجعية المتعلقة بالثقافة الذكورية وبالمد الديني الرجعي المتغلغل في الذهنية التونسية مع الأسف، إلا أن النساء التونسيات، برغم الهزات، أثبتن صمودهن تجاه هذه المعوقات التي تؤثر بالضرورة على حياتهن الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وقد جابهنا تلك المعوقات، وفي اعتقادي أن سبب المثابرة هو هذا الإرث الحضاري الذي شربت منه التونسيات، والسياسات التي سبقت عام 2011، والتي كانت تراهن على دور المرأة من أجل تنمية البلاد ومقاومة الجهل والفقر والالتحاق بركب الدول المتقدمة، وهذا كان هاجساً من هواجس نظام الحبيب بورقيبة ووريثه النظام الدكتاتوري لزين العابدين بن علي، وواصل فيه وإن بشيء من التحفظ على خلفية أنه كان حريصاً على تلميع الصورة وحريصاً على الإخراج المبهر لأوضاع النساء والبلاد عموماً.
أما على المستوى الذاتي فقد تدربت المرأة على تحمل المسؤولية وتقدمت حتى على الرجل وهذا ما نلاحظه في ارتفاع نسبة المتفوقات في التعليم على حساب الذكور واكتساح النساء لكل المجالات في العمل بدون استثناء وتقلدهن للعديد من الوظائف السامية وارتفاع عددهن في قطاع التعليم وانتشارهن في الحقول والمزارع والمصانع، وفي قطاع الخدمات يُعِلْن عائلاتهن ويساهمن في الناتج القومي الخام، لكن برغم كل ذلك لا يصلن إلى مراكز القرار؛ بسبب العقلية الذكورية المهيمنة التي لا تسند الثقة إلى النساء وتتغاضى عن كفاءاتهن وقدراتهن، والدليل على ذلك ضعف وجودهن في المواقع الهامة، والأمثلة على ذلك كثيرة، بالرغم من إصدار البرلمان قانون التناصف.
 
تكرّرت الاعتداءات اللفظية والجسدية على المرأة عن سبق إصرار من قبل بعض النواب في البرلمان الذين يفترض أن يكونوا هم حماة القوانين والتشريعات.. ماهي خطورة مثل هذا السلوك في مجلس تشريعي سيادي؟
كلما أرادوا تصفية حساباتهم السياسية يضعون النساء موضع نقاش وسب وشتم... إن ما يحصل من احتداد النقاشات داخل البرلمانات في أغلب الدول الديمقراطية نتيجة اختلاف الآراء والمواقف، إلا أن ما حصل مؤخراً بمجلس نواب الشعب التونسي من عنف لفظي وجسدي واستهانة بالنساء وسبهن وشتمهن، كان أمراً خطيراً جداً، وقد تم في هذا الصدد ذكر الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات بالاسم واعتبارها خارجة عن القيم والأخلاق بطرحها العديد من القضايا التي تصبو إلى العدالة والحرية والمساواة التامة بين الجنسين، وقد تخوفت شخصياً كثيراً، وتذكرت العشرية السوداء لأشقائنا في الجزائر، ونحن نعيش حالياً أحلك الظروف السياسية من تراجعات وأزمات اقتصادية واجتماعية..
وهنا أتذكر أن العشرية السوداء بدأت بمثل بهذه هذه الخطابات التحريضية وبمثل هذه النقاشات الجوفاء حيث تم شحن الوازع الذكوري والديني لتعم الفوضى، وما يحصل اليوم في تونس شبيه بما حصل بعد 14 كانون الثاني/يناير 2011، عندما تعالت الأصوات لإعادة صياغة الحياة في البلاد، حينها انفجرت قضايا الجسد وتعدد الزوجات والإجهاض والختان والحجاب وعمل النساء، كل هذا لدفع المجتمع إلى المربع الذكوري والنزعة السيادية المشوبة بالتسلط وحكم البلاد بفكر أبوي ذي مرجعية دينية مقصية للنساء، لذلك كلما تعالت أصوات الحرية تعالت في المقابل أصوات "القيم والدين والأخلاق" منطلقهم في ذلك النساء وأجسادهن، لذلك ما حصل خطير ويجب عدم السكوت عنه، وقد تحركت جمعيات ومنظمات حقوقية عديدة في هذا الصدد وكان الرد صريحاً على هذه المخططات الدنيئة حتى من داخل مجلس النواب بإضراب الجوع والاعتصام داخل قبة البرلمان.
 
برغم ترسانة القوانين التي أصدرتها الدولة التونسية منذ الاستقلال إلى اليوم لصالح المرأة وحقوقها وكرامتها، إلا أنه هناك نظرة داخل المجتمع تنتقص من كرامة المرأة... هل تكفي القوانين، أم أن الحاجة تدعو إلى تغيير ثقافة المجتمع؟
القوانين مهمة تتطلب إرادة سياسية لتطبيقها ورصد ميزانيات لتنفيذها ولكن إصدارها يبقى مهمّاً وستكون له فاعلية وأثر وصدى لا محالة عبر السنين، صحيح أنها غير كافية، ويبقى تغيير العقليات داخل المجتمع هو الأهم لاستيعاب مثل هذه القوانين، لكن تغيير العقليات أمر صعب، وإرساء المساواة والعدالة أصعب بكثير من إرساء الديمقراطية داخل المجتمعات، القانون مهم، وفي اعتقادي يجب الضغط على الحكومات من أجل تطبيقها.
في مسألة تغيير العقليات، من المهم جداً الاهتمام بالمنظومة التربوية والثقافية، وللأسف، لم يتم بعد الثورة ضبط استراتيجية واضحة بشأن هذه المسألة. واليوم ونحن في شهر كانون الثاني/يناير 2021، لا نزال نجني تبعات ذلك في ظل حالة انفلات وانعدام الرؤية الواضحة.
 
بعد عشر سنوات من الثورة، من يوقف محاولات البعض استغلال أزمة البلاد للتعدي على حقوق النساء واستغلالهن في مختلف المجالات؟
التونسيات هن فقط القادرات على إفشال هذه المشاريع الرجعية التي تضرب مباشرة مدنية الدولة والحقوق والحريات، وهنا للأسف تظهر نتائج الانتخابات وسبر الآراء بقاء التيارات الرجعية في الصدارة، ولكن يبقى دور المجتمع المدني أحزاباً وجمعيات مهمّاً في التصدي لهذه المشاريع وفضحها وبيان مساوئها وأضرارها على المجتمعات. المشكلة الحقيقية اليوم هي التهميش والتفقير والتجويع وجائحة كورونا، وهذا الوضع سيقع استغلاله أكثر فأكثر من قبل هذه التيارات. الوضع سيء جداً ولست متفائلة، ولكن يجب عدم التراخي وأن تظل المقاومة ثابتة.
 
ارتفعت أصوات المنظمات النسوية والمجتمع المدني والحقوقيات بعد الأرقام المفزعة لحالات العنف المسلط ضد النساء منذ تفشي جائحة كورونا.. بماذا تفسرين هذا التصاعد في نسب العنف، وكيف يمكن التصدي لهذه الظاهرة؟
النساء هن الأكثر هشاشةً وتضرراً من الأزمات نتيجة وجودهن بطبيعة الحال إما داخل الأسر بدون عمل واستقلالية مادية، أو لعملهن داخل قطاعات هشة مهمشة، كالأعمال الوقتية في الزراعة والمصانع وعاملات المنازل، وهي قطاعات هامة في البلاد وتساهم في الناتج القومي الخام، هن يساهمن في التنمية الاقتصادية دون تجسيد حقوقهن، ولقد أضرت بهن جائحة كورونا حيث يُعِلْن عائلات وينفقن على أبنائهن، وهذا أثر على العلاقات الأسرية وزاد منسوب العنف داخل الأسر خاصة مع بقاء الأزواج داخل البيوت أيام الحجر الصحي الشامل.
نحن نعلم جميعاً أن الأوضاع الاقتصادية تؤثر وجوباً على الأوضاع الاجتماعية، وما عاشته تونس وتعيشه اليوم من أزمة اقتصادية وتفاقم الفقر والخصاصة والحاجة والحرمان، فاقم العنف اللفظي والجسدي، وهناك نساء فقدن حياتهن نتيجة العنف الجسدي المسلط عليهن داخل الأسر، إضافة إلى الضغط النفسي. وهذا التغير الصادم الحاصل في العالم بأسره نتيجة الجائحة، جعلنا نقف جميعاً في حالة ذهول من عقليات تشرب من معين الرجعية التي ترامت أطرافها على البلاد وتضخم الأنا الذكورية لدى الكثيرين والإفلات من العقاب وعدم محاسبة المذنبين وتواطؤ مراكز الأمن في أحيان كثيرة وعدم الأخذ بعين الاعتبار الشكاوي المقدمة من قبل المتضررات والمتضررين في ظل دولة بدأت تسقط فيها سلطة المؤسسات وعمت الفوضى والرشوة والمحسوبية. 
 
بهذه المناسبة نودّ تسليط الضوء على نشاطات وأهداف ودور جمعية النساء الديمقراطيات في تونس..
نتوق إلى تونس أخرى ممكنة كما تمنيناها قبل 14 كانون الثاني/يناير وحلمنا بها ولا يزال الحلم متواصلاً.
الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات التي تُذكر اليوم بالاسم تحت قبة البرلمان في محاولة إدانتها وإلصاق التهم بها، دليل على عدم صمتها وفتح كل الملفات التي تدين الجناة على النساء وحقوقهن، حكومات ومؤسسات ومسؤولين ومسؤولات في الدولة، إننا نتابع باهتمام وبعين ساهرة أي تجاوزات، وظلت الجمعية بجانب النساء وقامت في أحيان كثيرة بدور ملحوظ في غياب دور الدولة في أثناء الجائحة، وقمنا بمساعدة النساء ووقفنا إلى جانبهن لتجاوز محنهن، وهذا واجبنا لا نريد عليه جزاءً ولا شكوراً. 
إن نضالنا مستمر من أجل تحقيق المساواة التامة والفعلية بين النساء والرجال، ومطمحنا هو تحقيق العدالة والحرية والكرامة لكل التونسيات، وتفتح اللجان داخل الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات كل الملفات دون استثناء، حيث نعمل مع شركائنا حتى نوصل أصواتنا ومطالبنا ونهتم بالشأن العام السياسي ونصدر بياناتنا في ذلك ونطالب أصحاب القرار ونصطف الى جانب مطالب التونسيات والتونسيين، وأصدرنا دراسات طالبنا فيها مع شركائنا بقوانين تحفظ كرامة النساء.
وقد دعونا مؤخراً المنظمات النسائية والشخصيات الفاعلة إلى التحاور بشأن الوضع السياسي الراهن وتنامي العنف المسلط على النساء، وأصدرنا نداءً لتحميل الدولة مسؤوليتها والتحرك الفاعل لمجابهة كل الانتهاكات والتجاوزات الحاصلة.
كما أننا ننسق على المستوى العربي والعالمي ولنا مشاريع مشتركة في علاقة بحقوق النساء الإنسانية.
 
ماهي  الصورة التي ترسمونها لوضع المرأة العربية خاصة في بؤر النزاعات المسلحة والصراعات؟ 
الوضع العام للنساء في العالم وكل المؤشرات لا تخدم النساء، والمتابع لما يحصل في بؤر التوتر يفهم جيداً كم فقدنا نساءً وأطفالاً جراء الحرب، وكم انتهكت أبسط حقوقهن في الغذاء والماء والدواء والأمن والسلم، هن يعانين جراء الخيارات السياسية الداخلية المتنازعة على المواقع وجراء السياسات الخارجية الاستعمارية، لكن تاريخياً جابهت النساء العالم السيء وكن ناجيات من جبروت الحرب والمصالح الذكورية، وهذا ما نستمر في الإبقاء عليه داخل بؤر التوتر.. هن يجابهن الحرب والسلاح والدمار، ونحن هنا نجابه أوضاعاً وتعقيدات بدون دبابات وبنادق لكنها محمولة على واجهات أخرى وبأشكال مختلفة من ساسة وحكام لا بوصلة لهم ولا اتجاهات منقذة.
 
تصاعد الجدل بمجرد إعلان الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي عن الدعوة إلى قرار المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة وقد تصدّت لهذا الطرح تيارات سياسية وفكرية ودينية عديدة.. هل المجتمع التونسي في ظل هذه الأوضاع قادر على إنجاز هذه المساواة وتحقيقها؟
عندما أصدر الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة قرار إلغاء تعدد الزوجات لم يكن المجتمع التونسي حاضراً أيضاً لتقبل مثل هذا القرار السياسي الجريء الذي كان في حقيقة الأمر معادلة حقيقية لمجابهة الانفجار الديموغرافي، حدث ذلك عقب الاستقلال في طور بناء الدولة التونسية وبرغم ذلك تقبل المجتمع التونسي هذا الإجراء لأنه اصلاً لم يكن يطبق تعدد الزوجات إلا بنسب قليلة. أقول إن الإرادة السياسية قادرة على إقناع التونسيات والتونسيين والإقرار بالمساواة في الإرث برغم التصدي له وبقوة من قبل العديد من الأطراف السياسية ذات المرجعيات الدينية وغيرها، علماً أن الإقرار بالمساواة في الإرث هو ضرورة اقتصادية قبل أي شيء، ونحن نتعامل مع مسألة المساواة في الإرث من هذا الجانب ولا نعتبره مطلباً بورجوازياً، بل النساء المفقرات والمهمشات هن الأكثر حاجة إلى ذلك.
وإجابةً على سؤالك، المجتمع بطرياركي النشأة تمثله الأحزاب اليمينية في البرلمان التونسي بأغلبية ويحكمه إرث ديني أنعشته التيارات الإسلامية السلفية والتكفيرية والمحافظة التي تدعي المدنية وتلتحف بوهم الديمقراطية السياسية في واقع مدّ يميني عالمي ذي سياسات اقتصادية رأسمالية متوحشة. وبالتالي لا أظن أن هذا المجتمع سيكون مستوعباً لهذا القانون، وحتى أكون واقعية لن يتحقق اليوم أو غداً أو بعد سنة، ولكن الجدلية التاريخية لا تحتمل الاستقرار على وضع ما، ومراكمة التجارب والنضالات والإرادة السياسية الحقيقية ستؤتي أُكلها.
 
يبدو أن هناك ثقافة عنف جديدة خلال السنوات العشر الماضية نتيجة التسيب وانحسار هيبة الدولة.. ألا ترين أن مواقع التواصل الاجتماعي المتاحة للجميع قد ساهمت في تغذية موجة التحرش والإهانات المسلطة على المرأة، وكيف يمكن التصدي لذلك؟ 
نحن نتحدث اليوم عن العنف الرقمي النابع من مواقع الاتصال الاجتماعية "فايسبوك" و"تويتر" و"واتساب" وربما تقنيات أخرى لم أواكبها بعد، تنشر وتستغل وتؤثر وتتاجر وتحاكم وتسقط حكومات وتفضح إلخ... في تونس أصبحت التدوينات على الصفحات الخاصة سبيلاً للتوقيفات والمحاكمات والإيداع بالسجن وهذا يوضح أننا انتقلنا من ثقافة الحضوري إلى ثقافة الافتراضي، ومن المجموعة إلى الفرد، وزاد الوباء تكريساً لهذه العزلة، وما كان يحدث في الفضاءات العامة انتقل إلى الفضاء الخاص عبر الشاشات.. يعني الوسائل تغيرت ولكن الممارسات هي نفسها، ولكن يبدو أن هذه المواقع الاتصالية أخطر لأن النفاذ إليها أسهل وسرعتها في التواصل أنجع.
لن أطالب بمراقبتها وحجب المواقع ولن أدعو أيضاً إلى المحاكمات والتوقيفات، ولكن أعتقد أن المسألة مترابطة فلا يمكن أن نستأصل داءً وجذوره لا تزال تنتعش، وعلى الدولة أن تبني استراتيجيات واضحة وأهدافاً ومشاريع لأجيال المستقبل، وهذه العشوائية السياسية يجب أن توقف وتقع المراجعات، يجب أن تقع دراسة كل البنى الاجتماعية، وهذه الأجيال الجديدة وجب أن ترسم لها برامج تعليمية ذات مخططات مستقبلية لبناء الفرد والدول وهنا نطرح أسئلة جريئة: كيف نريد لهذا البلد أن يكون خلال العشرية القادمة أو بعد خمسين سنة؟.. ماذا نريد من الأجيال القادمة وما علينا أن نعدّ لها في إطار ثورة الرقمنة والتطور التكنولوجي الذكي؟.. أيّ برامج تعليمية وثقافية وأيّ مشاريع تنموية واقتصادية؟.. أيّ مجتمع نريد وأي دولة نريد وأي ساسة اقتصادية تلك التي تحترم المواطنة والحقوق الإنسانية وتكرس مبادئ الدولة المدنية التنويرية؟ أم نترك البلد سفينة بدون وجهة وبوصلة وفي حالة انفلات وعجز وتعاقب حكومات وغياب الكفاءات وإقصاء النساء والزج بالأطفال والشباب في السجون؟.. ماذا نريد لتونس ولمستقبل التونسيات والتونسيين؟
 
أخيراً، سيدة رجاء الدهماني، يقول كثيرون أن الحقوق النسوية كغيرها تُفتك ولا تُهدى.. هل أنتم مستعدون لخوض كل المعارك التي تسعى إلى "إذلال" المرأة وإقصائها؟
نحن في صلب المعركة ولا ندري متى ستنتهي معركتنا.. مسيرتنا متواصلة حتى تحقيق المساواة التامة والفعلية وحتى تحقيق العدالة الاجتماعية والحرية والكرامة والعمل للجميع.. نراهن على الأجيال القادمة ونزرع فيها هذه الجذوة علناً لنكون جميعا نساءً ورجالاً لبنة في حائطٍ يبنى.