الكوتا النسائية (5) الدول الآسيوية... حصص ضئيلة

لم تتمكن المرأة في مجتمعات الدول الآسيوية من تخطي السطوة الذكورية والحواجز الاجتماعية والثقافية والدينية الخاصة بكل بلد في كثير من الأحيان، مما يسبب بطأً في نمو تمثيل المرأة البرلماني

الكوتا النسائية في الدول الآسيوية... حصص ضئيلة 

مركز الأخبار ـ . 
إن التباين الحاد بين الجنسين في البرلمانات والتمثيل الخجول للنساء في مواقع صنع القرار في معظم الدول الآسيوية، بما فيها دول الديمقراطيات العريقة، لا يتناسب مع حقيقة أنهن يشكلن نصف أي مجتمع. 
تبلغ نسبة الكوتا المخصصة للنساء في البرلمانات الوطنية لدول آسيا إلى نحو (18.5%) فقط، وهي نسبة قليلة جداً بالنظر إلى المعايير الدولية على الرغم من أن بعض الدول اعتمدت حكوماتها على نظام الكوتا النسائية في السنوات الأخيرة لزيادة تمثيل المرأة في البرلمان وبعضها الآخر يحاول الابتعاد عن الأخذ به.
 
غرب آسيا... العادات والتقاليد تساهم في إقصاء النساء عن البرلمانات
تعتبر أذربيجان من أوائل الدول الإسلامية في غرب آسيا التي سمحت للمرأة بالمشاركة في الاقتراع العام في عام 1918، لكن بالرغم من فرض قيود قانونية على مشاركة المرأة في المعترك السياسي والابتعاد عن الأخذ بنظام الكوتا النسائية بدأت مجموعة من النساء باستلام مناصب حكومية عليا في عام 2007. 
ووصلت نسبة النساء اللواتي شاركن في البرلمان تدريجياً إلى (16%) بين عامي 2005و2010، وشغلن 19 مقعداً فقط من أصل 125 مقعداً في البرلمان خلال عام 2011، وهي نسبة متدنية جداً ساهمت بها سيطرة العادات والأعراف الاجتماعية والتنمية الاقتصادية المتدنية خاصة في المناطق الريفية التي تحد من دور المرأة في المجتمع، وأكدت على ذلك تقارير حقوقية أشارت إلى أن المرأة الأذربيجانية تجد صعوبة كبيرة في ممارسة حقوقها القانونية نتيجة التمييز بين الجنسين.
بينما بدأت المرأة في أرمينيا المشاركة في الحياة السياسية في عام 1990، إلا أن تمثيلها في البرلمان لم يتعدى نسبة الـ (18%) حتى عام 2018، وحتى الآن لم تلجأ البلاد إلى تطبيق نظام الكوتا لزيادة النسبة.
أما بالنسبة إلى دول آسيا الوسطى فقد لجأت العديد منها إلى تعديل دساتيرها، كما هو الحال في أوزباكستان، فقد قررت البلاد بموجب تعديل دستوري صدر في عام 2004، ألا تقل نسبة تمثيل النساء المترشحات عن (30%) من إجمالي عدد المنتخبين، لكن ذلك لم يزد عدد النساء عن 21 امرأة فقط في البرلمان من أصل 120 نائباً خلال انتخابات ذات العام، نتيجة تأثر الحالة الاجتماعية والقانونية للمرأة بالأعراف والتقاليد الاجتماعية، وفي وقت لاحق طرحت نقاشات تهدف إلى تخصيص دوائر انتخابية بأكملها للنساء فقط دون اللجوء إلى اعتماد الكوتا النسائية.
وفي قيرغيزستان نتيجة فشل الأحزاب بالإيفاء بمتطلبات حصص النوع الاجتماعي في إطاراً زمني محدد والتي تنطبق على قوائم المرشحين في وقت التسجيل والوصول إلى عتبة نسبة الـ (30%) بسبب انتقال المرشحات إلى أسفل القائمة أو سحب أسمائهن نهائياً، وافقت لجنة التشريع الدستورية على مشروع قانونه يقترح الكوتا النسائية بنسبة (30%) في المجالس المحلية في وقت سابق من شهر حزيران/يونيو 2019.
 
اختلاف تطبيق أنظمة الكوتا النسائية في بلدان جنوب آسيا
تعد دول جنوب آسيا من أكثر الدول التي تطبق نظام حجز نسبة من المقاعد في الهيئات التشريعية للفئات منتقصة التمثيل منذ زمن طويل نسبياً، ومن ضمنها بنغلاديش التي تعتمد نظام الكوتا النسائية الزمنية المحددة زمنياً أي التطبيق المؤقت منذ عام 1972.
وجرت نقاشات ومداولات طويلة أثمرت عن تعديل في الدستور رفع بموجبه عدد مقاعد البرلمان إلى 345 مع تخصيص 45 مقعداً للمرأة أي بنسبة (13%)، على أن تنتخبن بصورة غير مباشرة أي عن طريق ممثلي الأمة المنتخبين.
وعلى الرغم من كثرة الحواجز التي تعترض عمل المرأة البنغلادشية في السياسة، ما زالت تناضل لرفع نسبة تلك الحصة في البرلمان وانتهاج أسلوب الانتخاب المباشر.
فيما منحت باكستان حق التصويت للنساء في عام 1956، أي بعد حصولها على الاستقلال عن بريطانيا بعشرة أعوام، ومنذ ذلك الحين ارتفع عدد النساء في البرلمان تدريجياً نتيجة اتخاذ البلاد نظام الكوتا النسائية بنسبة (33%) على المستويين القومي والمحلي، عن طريق نظام الانتخاب المباشر والقائمة المشتركة.
وقد شهد عام 2013 ترشح 560 امرأة باكستانية للانتخابات التشريعية إلا إنه لم تفز سوى 14 منهن بمقاعد برلمانية، وما تزال المرأة الباكستانية تواجه صعوبات مختلفة في مجتمع محافظ، خاصة في المناطق النائية، نتيجة ضعف السلطة والأعراف التي توارثها الباكستانيون جيلاً بعد جيل.
وتعتمد البلاد على الكوتا المحجوزة مسبقاً أي التي يحددها الدستور أو القانون، ففي الجمعية الوطنية قد خصص 60 مقعداً فقط للنساء من إجمالي عدد المقاعد البالغ عددهم 342 في عام 1988، وبلغت نسبة المقاعد التي شغلتها النساء في برلمان عام 2017 تقريباً (20%).
وتم استغلال الفهم الخاطئ للدين بهدف إقصاء النساء عن العمل السياسي ودون دليل شرعي وزعت مناشير تحذر الرجل من مغبة السماح لنساء عائلته بالتصويت في انتخابات عام 2018 باعتبار ذلك "مخالف للشريعة الإسلامية".
أما بالنسبة إلى الهند فما زالت تواجه المرأة عقبات ثقافية ومجتمعية ترسخها العقلية الذكورية في سن القوانين في ظل مجتمع أبوي محافظ بشدة خلال مشاركتها في الحقل السياسي.
ولا تتبع البلاد نظام الكوتا النسائية في مجلس النواب والشيوخ إلا أنها تفرض نسبة (33%) من الكوتا في المجالس التشريعية المحلية طبقاً لتعديلات دستورية رقم (73 و74) أجريت في 14 كانون الثاني/يناير 2019.
وشهدت الجارة نيبال التي تعد إحدى أصغر الدول في آسيا تقع بين ثنايا جبال الهمالايا، ازدياداً في نسبة تمثيل النساء خلال الأعوام العشرة الأخيرة، نتيجة اعتمادها نظام الكوتا النسائية، ما جعلها تمتلك أكبر عدد من النساء البرلمانيات في آسيا، حيث تشغل المرأة تقريباً 32 مقعداً من أصل 275 مقعداً، ووصلت نسبة تمثيلهن في برلمان 2017 إلى (30%).
 
دول جنوب شرق آسيا.... جدل حول اعتماد نظام الكوتا 
في حين تحسنت الحالة الاجتماعية والاقتصادية والحقوق السياسية الرسمية للمرأة في العقود الأخيرة في جنوب شرق آسيا، لكن لايزال تمثيلها ناقصاً في مؤسسات المنطقة وخاصة على المستويات المحلية للبلاد نتيجة الفجوة الجنسية، كما هو الحال في إندونيسيا التي أدخلت نظام الكوتا النسائية على دستورها في عام 2003 بنسبة (30%)، لكن إصدار التشريع دون سن قانون يحميه حال دون تطبيقه على أرض الواقع حتى عام 2009.
وعلى الرغم من تطبيق الأحكام الصارمة لإعطاء المرأة حصصها من المقاعد إلى جانب الجهود الموسعة بقيادة المجتمع المدني لدعم المرشحات، انخفضت نسبة تمثيلهن البرلماني في عام 2014.
بينما يمتلك برلمان تيمور الشرقية التي لا تأخذ بنظام الكوتا النسائية أكبر نسبة تمثيل للنساء على مستوى آسيا حيث يتطلب دستورها أن تتواجد امرأة من بين كل ثلاثة مرشحين في القائمة، وعلى الرغم من ذلك ما زال الجدل حول اعتماد البلاد نظام الكوتا النسائية في برلمانها مستمراً منذ سنوات. 
 
دول شرق آسيا... أدنى معدلات تمثيل للمرأة في البرلمان
تعد اليابان من الدول المتأخرة عن مواكبة العالم، حيث تحتل البلاد أدنى معدلات تمثيل للمرأة في الحياة السياسية على المستوى العالمي.
وبالكاد تصل نسبة تمثيل المرأة اليابانية في البرلمان إلى (9.5%) من أعضاء مجلس النواب و(15.7%) من أعضاء مجلس المستشارين، ونظرا لوجود عدد قليل من النساء في البرلمان غالبا ما يتم تعيينهن كوزيرات في الحكومة قبل اكتسابهن الخبرة الكافية كسياسيات مما يعني أن تكون محدودة المسؤوليات.
في عام 2017 ترشحت 209 نساء خلال انتخابات مجلس النواب الذي يضم 65 عضواً، تم انتخاب 23 امرأة منهن في الدوائر الانتخابية ذات العضو الواحد وفازت 24 امرأة منهن من خلال نظام التمثيل النسبي الذي تعتمده الأحزاب السياسية في تقديم قوائمها الترشيحية في كل دائرة انتخابية متعددة التمثيل، وبذلك وصل عدد النساء المنتخبات بالمجمل إلى 47 امرأة أي بنسبة (10.1%) فقط، بينما وصلت نسبة تمثيلهن في البرلمان الوطني الياباني خلال عام 2018 إلى (10%) تقريباً.
أما في كوريا الجنوبية التي حصلت فيها المرأة على مقعد في البرلمان للمرة الأولى عام 1949، ما زالت النساء يعانين من عدم التكافؤ في فرص العمل والمشاركة السياسية بالمقارنة مع الرجال، وقد بلغت نسبة المقاعد التي تشغلها النساء في البرلمان الوطني للبلاد (17%) في عام 2018.
بينما تتمتع المرأة في الفلبين مقارنة بالدول الأخرى بحقوق متساوية للرجل، فقد استطاعت أن تصبح المرأة رئيسة وعضوة في مجلس الشيوخ وعضوة في البرلمان، فعوضاً عن اعتماد نظام الكوتا النسائية، سنت البلاد قانون نظام قوائم الأحزاب في عام 1995 والذي يوفر نظريا للمرأة فرصة سياسية مهمة.
وقد نص القانون على تخصيص نسبة (20%) من المقاعد الـ 250 في مجلس النواب للأحزاب السياسية "الصغيرة" والقطاعات للنساء، وتعين على قوائم الأحزاب أن تضم ما لا يقل عن (2%) من مجموع الأصوات المدلى بها لقوائم الأحزاب على مقعد في الكونغرس.
وكانت تعد الفلبين الأولى في أعلى نسبة للنساء في البرلمان بين دول آسيا، إلا إنها نتيجة انخفاض طفيف في نسبة تمثيل النساء في برلمان 2018 خلال عام 2019 أي انخفضت من نسبة (30% إلى 29%)، كما وكانت سابع أكثر مجتمعات العالم مساواة بين الجنسين من بين 144 دولة وفقا لتقرير الفجوة بين الجنسين العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2012.
 
(مالفا محمد)