نقص السيولة والأدوية... أزمة تتفاقم في إيران
لا تزال إيران وشرق كردستان تعانيان من أزمة نقص الدواء، المرتبطة بتوفير السيولة والعملة، ما يزيد أعباء الأهالي ويفاقم معاناة المرضى.
شيما قادري
ماكو ـ تأخر الحكومة في سداد مستحقات الصيدليات أوصل العمل إلى مرحلة حرجة، لتواجه الأخيرة نقصاً في السيولة النقدية بسبب عدم دفع تكلفة الوصفات الطبية وشراء دواء جديد، وهذا الوضع أوصل العديد من الصيدليات خاصة الصغيرة منها، إلى حافة الإفلاس.
نقص أدوية السرطان والدم في إيران
حول نقص الدواء ومشاكل الصيدليات في إيران تقول الطبيبة نسرين قادري صاحبة صيدلية في مدينة بوكان، أن "مشكلة الدواء كانت موجودة دائماً، لكنها تفاقمت مؤخراً بسبب العقوبات، وأغلب الأدوية تصنع في إيران ويتم توريد موادها الأولية من الخارج، وقد أدى عدم توفير العملات الأجنبية إلى مواجهة نقص في معظم الأدوية فخلال فترة وباء كورونا، استوردت الحكومة أدوية مثل المضادات الحيوية وشراب العدوى من الهند، وكانت جودتها أقل، وأحياناً استوردت أدوية بديلة منخفضة الجودة، ومنذ ما يقارب من عامين، كانت الأدوية عن طريق الحقن وقطرات العين والمصل نادرة جداً في السوق، ويتم إعطاؤها للصيدليات بطريقة مقننة".
وأضافت "إن الأدوية مثل وارفارين الذي يحمي من الجلطات وأدوية هرمون "الغدة الدرقية" وأدوية السرطان وأدوية السكري والأنسولين قليلة في الأسواق، وأغلب هذه الأدوية نادرة في جميع أنحاء العالم ويتم توزيعها بشكل قليل".
وعن قلة المرافق الطبية في مدينة سردشت التي تعرضت لهجمات بالأسلحة الكيمائية خلال الحرب بين العراق وإيران في عهد صدام حسين بينت أن "سردشت كونها مدينة كيميائية ومحرومة، واجهت دائماً نقصاً في الدواء لأن الدواء يتم توزيعه على شكل حصص، كما تم توفير مخصصات أقل من الدواء مع أن سردشت مدينة كبيرة، وتركز شركات الأدوية في الغالب على وسط المدينة، وبسبب تسممها بغاز الأعصاب الكيميائي يعاني الناس من أمراض الرئة والجهاز التنفسي ويحتاجون إلى عيادات طبية وأدوية خاصة لكنهم يواجهون نقصاً في الأدوية ولا يرغب المختصون في الحضور لهذه المدينة المحرومة والحكومة لا تخصص أي تسهيلات في هذا المجال أيضاً والذين يعملون هنا هم في الغالب ليست لديهم الخبرة الطبية الكافية".
ولفتت إلى التمييز الدوائي في الشركات "عندما يكون هناك نقص في الأدوية، تتعامل شركات الأدوية ونواب المستشارين مع بعضهم البعض ويخصصون المزيد من الأدوية لصيدليات معينة على شكل مافيا، أو عندما يكون هناك نقص في الأدوية تسيء شركات توزيع الأدوية استخدامها ويجبرون الصيدلية على شراء أدوية غير أساسية بالإضافة إلى الأدوية المقننة، وفي ظل ظروف نقص الأدوية، يضطر الناس إلى شرائها بسعر أعلى في السوق المفتوحة، وأدوية السرطان أغلى بكثير، وتوزيع الأدوية غير عادل، وهناك عمليات احتيال مختلفة في مجال توريد الأدوية".
الأدوية المشمولة بالتأمين
وعن تغطية الأدوية في التأمين بينت "عادة تكون الأدوية مشمولة بالتأمين وقد حاولت الحكومة إدراج معظم الأدوية في التأمين لأن الأدوية أغلى بكثير في السوق المفتوحة ولكن من أكبر مشاكل الصيدليات أن تأمين التكلفة يدفع لاحقاً، والصيدليات التي لديها الكثير من الوصفات الطبية تواجه مشاكل في توريد الأدوية، لأن الدواء الذي يتم شراؤه خلال شهر واحد يستغرق دفع اقساطه للصيدليات لمدة تزيد عن 6 أشهر وتواجه الصيدليات الكبيرة وصيدليات المستشفيات صعوبة في توفير أدويتها، لذلك على الصيدليات المتعاقدة مع شركات التأمين أن تعطي الأدوية المؤمنة للمرضى، ولكن بعض الصيدليات عليها أن تعطي الأدوية للناس بحرية من أجل تمويل الصيدلية وضرائب الحكومة".
تأثير تقلبات أسعار العملات على الأدوية
وكان لتقلب العملة تأثير مباشر على توفير الدواء "واجهت الحكومة نفسها مشاكل في توفيره ولا تستطيع توفير سعر الدواء، ولقد كانت مناقشات الضغط موجودة دائماً في الصيدليات، وهناك الكثير من المنافسة بين الصيدليات على الوصفات الطبية، ولكن هذه الظاهرة تظهر أكثر في المدن الكبرى مثل أورمية وبوكان ومهاباد لأنها مناقشة تنافسية وبسبب هذه المنافسة تقوم بعض الصيدليات بتغطية تكاليف عيادة الطبيب والسكرتارية وجزء من نفقاتها".
خطة الشباب السكانية وأثرها على نقص أدوية منع الحمل
وعن برنامج "مسار الإنقاذ" لزيادة السكان وتأثيره على وضع المرأة قالت "هذه الخطة كان لها الأثر الكبير في ندرة وسائل منع الحمل للنساء، التي أصبحت تعطى للمرضى على شكل حصة، وتم إرسال عدة رسائل إلى الصيدليات بعدم بيعها دون وصفة طبية، وقد شكلت هذه الخطة ضغطاً على النساء لمواجهة مشاكل في السوق لشراء الأدوية، إلا أن النساء اللاتي يعشن في القرى تقمن بشرائها بعد أن كن تحصلن عليها مجاناً".
قلة الحليب المجفف
ولفتت إلى أنه "من المشاكل الموجودة في السوق مؤخراً هو تقنين الحليب المجفف الذي يواجه نقصاً وخصصت له الحكومة حصة فالطفل الذي يستهلك أكثر من الحصة يجب أن يقوم بشرائه، أما الآن، فقد أصبح الحليب المجفف مشكلة خطيرة للناس والصيدليات، ولم تدفع الحكومة أموال الحصة منذ ما يقرب من ستة أشهر، ويتعين على الصيدليات أن تعطيها بشكل مجاني".
وأوضحت "لكي تبيع كل علبة حليب يجب أن تكون مسجلة على الكود الوطني للطفل، وهذه مهمة شاقة للصيدليات، والصيدلية تشتري الحليب المجفف، لكن منظمة الموازنة لا تدفع حصتها لمدة ستة أشهر، ومعظمها من الصيدليات لا تستورد الحليب المجفف لذلك السوق يواجه نقصاً حاداً".