بجهود شعبية... إنشاء مشفى "نفير العافية" للنساء والتوليد
في بلد مثل السودان يشكل الحصول على الخدمات الصحية تحدياً كبيراً للكثيرين، نتيجة إغلاق المرافق ونقص الأدوية، ليصبح تعزيز الخدمات الصحية ودعمها أمراً بالغ الأهمية.
ميساء القاضي
السودان ـ شكل نزوح أعداد كبيرة من السودانيين إلى الولايات الآمنة ضغطاً على الخدمات الموجودة خاصةً الصحية الأمر الذي زاد من الحاجة لإنشاء مستشفيات إضافية ودعمها وهو ما فعله مجموعة من شباب مدينة كريمة كمبادرة لإنشاء مشفى النساء والتوليد.
ولدت فكرة إنشاء مستشفيات إضافية في مدينة كريمة في وقت أصبح الناس بأشد الحاجة لما يمكن أن يقدمه لهم من خدمات، فهو يخدم المدينة بالإضافة إلى عشرات القرى المجاورة لها والتي تعتمد في تلقي الخدمة الصحية على المرافق الصحية بعد نزوح الآلاف إليها.
تقول سلمى عوض فضيل الأمينة العامة لمجموعة نفير العافية "ولدت فكرة إنشاء مشفى نفير العافية للنساء والتوليد حينما كنا نتحدث كمجموعة من الشباب عن رغبتنا في إنشاء مشفى في المدينة، ففكرنا بالذهاب والبحث عن أكثر عنابر المشافي تضرراً أو بحاجة للصيانة حينها وجدنا عنبر النساء والتوليد بحاجة لصيانة تامة وبدراسة الأمر أدركنا أن تكلفة صيانته قد تفوق إنشاء عنبر، فقررنا إنشاء عنبر جديد، لكن عندما منتحتنا إدارة المشفى مساحة خاصة ارتفع سقف طموحاتنا لإنشاء مشفى بدلاً عن عنبر واحد".
وأوضحت أن "نفير العافية" هو الاسم الذي اختاره المتطوعون لمجموعتهم وللمشاريع التي سيقومون بتنفيذها إذ في مختلف المجالات لخدمة أهالي المنطقة، وكلمة نفير في السودان تعني تكاتف الأهالي وتعاونهم من أجل إنجاز عمل معين بلا مقابل.
وأكدت أن النفير تقليد موروث في السودان يعكس ترابط المجتمع السوداني وتكاتفه من أجل مصلحة شخص معين أو لأجل المصلحة العامة "نجد النفير في موسم الزراعة والحصاد وفي مواسم الفيضان وحين حدوث الكوارث وحتى في الحروب، ويطمح المتطوعون في مجموعة نفير العافية أن يكون نفيرهم وتكاتفهم هذا عافية وصحة للجميع في مدينة كريمة والقرى المحيطة بها، وتطوير الخدمات في مجالات أخرى مثل الصحة والتعليم والتوعية عبر نفير العافية ويعتبر المتطوعون هذا النجاح حافزاً وحجر أساس لبناء صرح كبير".
وأشارت إلى أنه "من أكبر الصعوبات التي واجهتنا تمثلت في اعتقاد الناس أننا نحلم فقط، فهذا المكان الذي شيد عليه المشفى كان مكاناً موحشاً وكانت التحديات تتمثل في تحقيق هذا الحلم، وكمتطوعون لم نكن نملك المال ولا حتى أبسط الإمكانيات، فحينما بدأنا كان في حوزتنا فقط مبلغ عشرة آلاف جنيه سوداني وكان التحدي الأول هو مقدرتنا على النجاح، أما التحدي الثاني كان في المشككين بقدرتنا وكان لا بد أن نرد عليهم ببناء المشفى".
وعن طريقة جمعهم للدعم وتوظيفه لصالح إنشاء المشفى قالت سلمى عوض فضيل، إنهم كانوا يستفيدون من وسائل التواصل الاجتماعي فحينما ينوون تنفيذ شيء محدد يقومون بالنشر عبر هذه المواقع عن احتياجاتهم فتأتيهم التبرعات "ساهم جميع الأهالي في إنشاء هذا المشفى وصولاً إلى الأطفال".
ويوفر المشفى خدمات الكشف والمتابعة الصحية للحوامل حتى بعد الولادة، إضافة إلى إجراء العمليات الجراحية وعمليات الولادة الطبيعية، ويقدم خدماته لأهالي مدينة كريمة التي يقارب عدد سكانها الخمسة عشر ألفاً هذا قبل اندلاع الحرب وموجة النزوح التي حدثت باتجاهها، كما يستفيد من خدمات هذا المشفى النساء المتواجدات في القرى المحيطة بالمدينة والتي يبلغ عددها أكثر من أربعين قرية.