الإسعاف الأولي الخاطئ... ضغوط مضاعفة على المنظومة الصحية المتهالكة في غزة
أكدت المتطوعة بجمعية الهلال الأحمر في قطاع غزة يسرى حسب الله، على ضرورة انخراط الأهالي بدورات الإسعاف الأولي الصحيح في ظل تكرار الهجمات الإسرائيلية على القطاع وبأن الإسعاف الأولي الخاطئ يزيد الضغط على المنظومة الصحية.
رفيف اسليم
غزة ـ مع زيادة الهجمات على قطاع غزة، يرتفع عدد الجرحى لعشرة أو أكثر بالساعة الواحدة، وفي غالبية الأحيان لا تستطيع الطواقم الطبية الوصول لغالبيتهم لأسباب مختلفة، فيضطر المارة لإسعافهم بشكل خاطئ غير مدركين لخطورة ما يقومون به فتتفاقم تلك الإصابات، بل وتعرض حياتهم للخطر، خاصة في ظل نقص الطواقم الطبية والأدوية، وغرف العمليات الجراحية المتخصصة للإصابات الحرجة التي تكون غالبيتها من الأطفال والنساء.
أفادت المسعفة والمتطوعة في جمعية الهلال الأحمر يسرى حسب الله، أنه مع اشتعال الوضع الميداني بالوقت الحالي قد لا تستطيع عربات الإسعاف المتبقية الناجية من الحرق والقصف الإسرائيلي تغطية كافة مناطق القطاع، عدا عن تصنيف بعض الأماكن بـ "الحمراء" مما يعني استحالة الوصول إليها الأمر الذي يجبر المارة لإسعاف الجرحى بطريقتهم الخاصة والتي يجهلون خطورة التعامل بها.
وتابعت أن الإسعاف الأولي الخاطئ يزيد من خطورة تدهور الوضع الصحي للجرحى والمصابين فيشكل التدخل الخاطئ في الدقائق الثمينة الأولى بعد الإصابة الفيصل الأساسي في تحديد مدى تطور وضع المصاب سواء إلى الأفضل أو الأسوأ، بالتالي في حالة وجود شخص يعرف تلك القواعد البسيطة قد ينقذ المريض من بتر أحد أطرافه أو إصابته بالشلل أو دخوله العناية المشددة.
ولفتت يسرى حسب الله إلى أنه من الضروري على الأهالي أن ينخرطوا بدورات الإسعاف الأولي، خاصة في ظل تكرار الهجمات الإسرائيلية كونها ترشد الشخص لخطوات التدخل الصحيحة والسليمة التي تساعد بدورها في حفظ حياة الجرحى والمصابين وتمنع تدهور الوضع الصحي قدر الإمكان إلى حين تواجد الطواقم الطبية أو نقل الحالات إلى المراكز الصحية، مشيرة إلى أنه في حال كان هناك شخص واحد فقط يمتلك مهارات الإسعاف الأولي في العائلة فإن هذا سيكون دور رئيسي في الحفاظ على المجتمع.
وأكدت أنه في بعض الحالات البسيطة مثل الرعاف والحروق من الدرجة الأولى والثانية أو حالات الإغماء معروفة السبب أو حتى في الجروح يعتبر التدخل الميداني من مقدمين خدمة الإسعاف الأولي أمر أساسي لعلاج تلك الحالات دون الحاجة لمشفى متخصص وذلك لتخفيف العبء على المرافق الصحية، في ظل انهيار تلك المنظومة واكتظاظها بالجرحى والمصابين.
وأضافت "أما بالنسبة للحالات المعقدة كالنزيف مثلاً يعتبر التدخل الفوري أمر ملح كونه قد يهدد حياه الجريح أو يؤدي بها إلى الوفاة، إذا ما تم إيقافه على وجه السرعة، حيث يعرف مقدم خدمة الإسعاف الأولي الخطوات الأساسية في إيقاف النزيف والسيطرة عليه ومنع حدوث مضاعفات".
ولا تخفي يسرى حسب الله، أن التدخل الخاطئ يزيد من احتمال حدوث مضاعفات تؤدي إلى ضرورة التدخل الجراحي، وفي ظل نقص غرف العمليات يزيد هذا التدخل من العبء على المنظومة الصحية، فعلى سبيل المثال في إصابات الكسور وخاصة كسور الجمجمة، والعمود الفقري، أو حتى كسور الأطراف التي قد تكون بحاجة لتدخل جراحي ولكن مع النقل الخاطئ للجرحى والمصابين يصبح حينها ذلك التدخل أمر مطلوب وضروري لإنقاذ حياتهم.
وكونها تعمل في المجال منذ سنوات تدرك أهمية التوعية في تقليل العبء وحفظ حياة الجريح أو المصاب وحتى في منع حدوث المضاعفات، وذلك عبر عدة خطوات أهمها نشر معلومات حول كيفية التدخل الاسعافي الأولي الصحيح سواء بالمدارس أو في مراكز الإيواء وبين النازحين، وكذلك الحديث عن التدخلات الخاطئة ومدى خطورتها.
وأوضحت أن ذلك الأمر سيكون سهل إذا ما تم عبر حملات سواء ميدانية أو رقمية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي كون المجتمع في القطاع ينجذب حول موضوع الإسعاف الأولي لأن الجميع معرض لخطر الإصابة، خاصة مع اشتداد وتيرة العمليات العسكرية البرية التي تحد من حركة التنقل وإمكانية الوصول إلى المرافق الصحية.
وأكدت المسعفة يسرى حسب الله، أنه من الضروري التركيز على دور النساء والفتيات خاصة الأمهات وتعليمهن كيفية القيام بالإسعاف الأولي، لافتة إلى أنه لو كان هناك شخص واحد داخل الأسرة متمكن من تقديم الإسعاف الأولي هذا سوف يساهم في نشر المعرفة بين باقي الأفراد، وقد ينقذ روح شخص ما من خارج الأسرة كالجيران مثلاً.