الورم الحليمي البشري يتسبب بالعقم والسرطان لدى النساء

يتسبب الورم الحليمي البشري، وهو مرض ينتقل جنسياً بحوالي 5 بالمئة من حالات السرطان حول العالم والتي تصيب معظمها النساء، بينما طرق الوقاية والعلاج من الإصابة بالعدوى بسيطة وفعالة.

سوزان أبو سعيد

لبنان ـ أنواع كثيرة من الأورام الحليمية البشرية"HPV"  قد تتسبب بأورام حميدة، إلا أن بعضها تتسبب بأورام خبيثة وبالعقم خاصةً لدى النساء، وتفيد التقديرات بأن فيروس الورم الحليمي البشري يتسبب بحوالي 5% من حالات السرطان في العالم، حيث يصيب النساء بالدرجة الأكبر.

يعد فيروس الورم الحليمي البشري رابع أكثر أنواع السرطانات شيوعاً بين النساء على مستوى العالم، ويتم تشخيص حوالي 625600 امرأة و69400 رجل بسرطان مرتبط بفيروس الورم الحليمي البشري كل عام، أما إجمالي الوفيات المرتبطة به فهي حوالي 530 ألف حالة وفاة.

ويعتبر سرطان عنق الرحم الأكثر انتشاراً المرتبط بفيروس الورم الحليمي البشري، حيث وصل عدد حالات سرطان عنق الرحم في عام 2020 حوالي 605 آلاف حالة جديدة، و350 ألف حالة وفاة، كما ويشكل 90% من حالات سرطانات البلعوم الأنفي والشرج، وحوالي 75% من حالات سرطان المهبل وحوالي 69% من حالات سرطان الفرج، حوالي 63 % من سرطان القضيب.

وفي هذا المجال قالت الأخصائية في الجراحة النسائية والتوليد والعقم الدكتورة دانا أبو الحُسْن "هناك العديد من الأمراض التي تتسبب بها البكتيريا وجميعها يمكننا الوقاية منها أو الحماية، وهناك الحماية الميكانيكية باستخدام الواقي الذكري أو بالاكتفاء بالممارسة الجنسية مع شريك واحد، وهناك اللقاح، والذي اكتشف في العام 2003 وبدأنا نستعمله منذ ذلك الوقت".

وعن طرق استخدام اللقاح أوضحت "عادة ما يعطى للفتيات من عمر 9 أعوام وحتى 24 عام، وهو قد يحمي من الإصابة بالفيروس، وعلى الرغم من مرور 20 عاماً، فلا نعرف إن كان هذا اللقاح يحمي فعلاً من الإصابة، ولكن هذا الفيروس خطر وقد لا يتسبب بالوفاة فوراً، ولكنه على المدى البعيد قد يتسبب بالسرطان وقد يتسبب بالعقم لأنه يقفل الأنابيب بسبب الالتصاقات التي يحدثها".

وأضافت "هناك نوعين من الأورام التي تتسبب بها أنواع الفيروس الحليمي المختلفة وهي ورم حميد، ويتسبب بظهور الثآليل على المناطق التناسلية والحساسة لدى الجنسين، والنوع الثاني الذي قد يتسبب بالسرطان في عنق الرحم وفي المهبل الخارجي والداخلي، وفي المخرج وفي الحنجرة، والوقاية باللقاح الذي كان يعطى لفئة عمرية بعد 9 سنوات لكن الآن يعطى للجميع، وعلى 3 جرعات أولها آنية وفوراً والثانية بعد شهر والثالثة بعد 6 أشهر".

وبينت دانا أبو الحُسْن "حاولت التوعية حول هذا المرض وضرورة أخذ اللقاح، ولكن العملية كانت صعبة للغاية، خصوصاً استيعاب إعطاء طفلة لقاح لمرض ينتقل جنسياً، ولكن مع الوقت أصبح الأمر أسهل، واحتفظ بالأسماء في دفتر بدأ يمتلئ بأسماء الفتيات على صعيد منطقة الجبل".

وعن الأعراض التي تنذر بالإصابة بالعدوى الفيروسية أشارت إلى أن "الرجل تظهر لديه الأعراض، ولكن لدى المرأة الإصابات ليست ظاهرة، لذا نقوم بما يسمى بفحص الزجاجة، أي أخذ عينات من الجهاز التناسلي لفحصها مجهرياً، كما من الأعراض إفرازات سائلة بلون غير طبيعي قد يكون بلون أصفر أو أخضر وبلا رائحة، بالإضافة إلى ثآليل وأوجاع في منطقة البطن".

وأوضحت "بعد فحص الزجاجة إن ظهرت خلايا غير طبيعية، تؤخذ خزعة، ففحص الزجاجة سطحي ويأخذ الخلايا من السطح، وحسب الخلايا نقرر، لكن حالياً اعتمد منهج الاستئصال المخروطي، أي أخذ قطعة كبيرة من المنطقة بين عنق وبيت الرحم، بحيث تشمل عدة طبقات من الخلايا من هذه المنطقة التي تلتقي الرحم والمهبل لغرض التشخيص الدقيق، لأن هناك احتمالية بين 5 و15% أن يكون تحتها خلايا سرطانية، وفي حال كان الفحص طبيعياً نعيده بعد ٣ أشهر ولفترة سنتين، وإذا كان كل شيء طبيعياً بعد سنتين نعود إلى الفحص العادي كل عام مرة".

وعند سؤالنا إن كانت الحالة النفسية تؤثر على الإصابة بالأمراض المختلفة ومنها المنتقلة جنسياً، أجابت دانا أبو الحُسْن أن "التوتر يؤدي إلى إفراز الجسم مادة الكورتيزول الذي يؤثر على المناعة ويعرض الجسم لأمراض عديدة، ما يمكن أن  يزيد احتمالية الإصابة بالأمراض الفيروسية وغيرها، فكل الأمراض تزيد لدينا بسبب الأزمة الاقتصادية والأوضاع التي تمر بها المرأة، كما تؤثر الأزمة الاقتصادية على تلقي اللقاح وهي ٣ جرعات خلال ستة أشهر، فخلال عام لم أعط اللقاح لأحد رغم أن تكلفته لا تتجاوز ٢٠٠ دولار ولكن أصبح لدى العائلة أولويات مثل الغذاء والمدارس والوقود على حساب الوقاية، وكثيرات تطلبن التأجيل بسبب هذه الازمة، علماً أن اللقاح لا زال مقتصراً على الإناث".

وعن الأعراض التي يمكن أن تحذر المرأة بأنها تعاني من الفيروس، أشارت إلى أنه "من الصعب قيام المرأة بتشخيص نفسها وإصابتها بالفيروس، لا بل من الصعب علينا كأطباء القيام بهذا، إلا إذا لاحظنا وجود ثآليل، أو لاحظت أن الشريك لديه إصابة بالثآليل".

وحول كيفية العلاج في حال التأكد من وجود خلايا خبيثة تقول "يكون العلاج وفقاً لكل حالة وبحسب العمر والدرجة، فهناك نساء غير متزوجات أو من لديهن اولاد، ولا أستخدم تقنية الكي بأي حالة لوجود أي تقرحات أو أورام في المنطقة التناسلية، حيث جميعها تتطلب أخذ خزعة، وخاصةً إذا كان هناك شك بوجود خلايا سرطانية، وهناك علاج لكل حالة وصولاً إلى العلاج بالإشعاع، أو استئصال الغدد الليمفاوية والتي أصبحت لا أحبذها، لأن جراحة الغدد الليمفاوية قد تتسبب بتورم في الأطراف، لذا فالعلاج مختلف لكل حالة، ووفقاً لدرجة الإصابة قد نصل إلى العلاج الكيميائي، ولكن الأهم أن نكتشف المرض في مراحله الأولى وقبل أن يصل إلى درجة متقدمة، وكلما تقدم الأمر يصبح العلاج أصعب، قد يتسبب بالالتصاقات التي تؤدي إلى العقم، وفي حال إصابة الحامل بالثآليل أو حملها للفيروس فمن الضروري القيام بعملية الولادة القيصرية حتى لا يلتقط الجنين العدوى".

وعن عدد حالات السرطان التي اكتشفتها خلال عشر سنوات من ممارسة الطب النسائي في لبنان، أشارت إلى أنها اكتشفت حالتين وفي المراحل الأولى ما أدى إلى شفاء تام.

وأضافت "عندما تكتشف المرأة إصابتها بالفيروس تواجه صعوبة في أخبار الشريك، لأنها تتهم بالخيانة ونسبة قليلة من الرجال يتفهمون ويعترفون أنهم مصدر الإصابة بسبب علاقة خارجية، وقد يصل الأمر إلى العنف، حتى أن الرجل يعتبر نفسه الضحية في هذه الحالة، فهو موضوع يعتبر من المحرمات، لأنه يؤكد قيام الرجل بعلاقات خارج الزواج، وأنه حامل للعدوى دون علمه".

وختمت الأخصائية في الجراحة النسائية والتوليد والعقم الدكتورة دانا أبو الحُسْن حديثها برسالة وجهتها للنساء بضرورة "القيام بفحص الزجاجة بصورة دورية وبعد الزواج بعام، وهناك مدرستان في الطب حول القيام بهذا الأمر بصورة دورية كل عام أو كل ثلاثة أعوام، وأفضل كل عام لأن هناك العديد من الأمور التي تؤثر سلبياً على جسد المرأة من الطعام والبيئة والحالة النفسية وغيرها، كما أنصح الفتيات غير المتزوجات بالوقاية بأخذ اللقاح، وللنساء اللواتي نجد لديهن هذا الفيروس بعدم الخوف".