إيلاف صادق... من غرق الطفولة إلى أول مدربة غوص عراقية
رغم صعوبة الظروف والقيود الاجتماعية التي واجهتها كامرأة عراقية، إلا أن إرادتها القوية وتفانيها في تحقيق هدفها جعل منها واحدة من أبرز المدربات في مجال الغوص، لتمد يد العون للأجيال القادمة وتعلمهم كيفية التعامل مع البحر والغوص بمهارة وأمان.
رجاء حميد رشيد
العراق ـ في قصة ملهمة تجمع بين التحدي والإصرار، تتناغم حكاية مدربة الغوص إيلاف حميد صادق (34 عاماً) من مدينة البصرة جنوب العراق حاصلة على شهادة البكالوريوس في الهندسة الزراعية، التي بدأت رحلتها مع الماء منذ الطفولة بعد تعرضها لحادث غرق في نهر دجلة بعمر (3) سنوات كاد أن ينهي حياتها، تلك اللحظة الصعبة كانت بمثابة الشرارة التي أشعلت رغبتها في تعلم السباحة، ثم التخصص في مجال التدريب على السباحة والغوص والتأهيل المائي.
قالت مدربة الغوص إيلاف حميد صادق لوكالتنا، إنها تعرضت في طفولتها للغرق، وعندما كبرت كان هذا الحادث هو نقطة تحول وعلامة فارقة لتحدي نفسها وكسر حاجز الخوف لديها، مما دفعها لتعلم السباحة وتطوير مهاراتها من خلال المشاركة في دورات عديدة وقراءاتها للكثير من الكتب والأطروحات التي تعنى بالسباحة، مضيفةً "كل هذا جعلني شغوفة بتعلم هذه الرياضة وزرع ذكرى جميلة في نفوس كل المتدربين من خلال التدريب بطريقة مسلية وأكاديمية وبعيدة عن التعقيد لإيصال الفكرة بصورة مبسطة، بالإضافة إلى عدم وجود مدربات غوص مما دفعني أن أخوض هذه المغامرة التي أضافت لي الكثير سواء في الجانب التعليمي أو النفسي فالغوص مهنة تعطي طاقة وقوى كبيرة وتجعل الشخص يتجاوز كل العقبات".
وتابعت "شاركت في دورة مع منظمة (ssi) وحصلت على شهادة ورخصة معتمدة لأكون أول مدربة غوص عراقية تضاف إلى منظمة الغوص، وتمكنت من إدراج العراق ضمن قائمة 165 دولة على خارطة الـ (ssi)، كما حصلت على شهادة من النقابة العراقية كأول مدربة غوص في البلاد"، لكنها تشكو من افتقار هذه الرياضة إلى الدعم الحكومي والدعم من الأهالي بتشجيع الأطفال على تعلم السباحة لحمايتهم من حالات الغرق.
(ssi) هي مختصر لجملةScuba Schools International أي مدرسة سكوبا الدولية، وهي منظمة تقوم بتدريس المهارات المتعلقة بالغوص والغوص الحر، وتدعم شركات ومنتجعات الغوص.
وأكدت أنها واجهت العديد من التحديات منها قلة عدد المسابح في البصرة فأهم مستلزمات التدريب هو وجود مسبح مخصص مع كافة المعدات اللازمة لوصول المتدربات إلى مستويات عالية من اتقان السباحة أو الغوص، فضلاً عن افتقار المجتمع لأهمية هذه الرياضة، كما احتاجت إلى وقت كبير لجعل السباحة رياضة وأسلوب حياة للعديد من المتدربات فزرع الثقة بالمدرب أمر صعب ويحتاج إلى دراسة "كان همي الأكبر هو جعل ثقافة السباحة بين الأهالي منتشرة بشكل أكبر داخل البصرة، من خلال عمل مسابقات ودية بين المدارس وتنظيم ورش توعية بأهمية السباحة وضرورة تعلمها".
وتتعدى جهود إيلاف صادق تعليم وتدريب هذه الرياضة إلى استخدام وسائل تدريب علاجية أكثر ما تكون ترفيهية، حيث تعمل السباحة على تقوية العضلات والعظام وإكساب الجسم المناعة وعلاج الكثير من الأمراض المزمنة منها السكر والإصابات الرياضية وتقوية وتطوير الرئة من خلال دروس النفس والعمل على إنقاص الوزن الزائد وعلاج حالات طيف التوحد والشلل الدماغي والجلطات الدماغية هذا يتم من خلال تمارين داخل المسبح تخضع لها المتدربات، ويساعد الماء على علاج عدد من الأمراض منها المفاصل والإصابات الرياضية لكبار السن وبعد مشاركتها في دورات متعددة للتأهيل المائي تمكنت من اكتساب المعلومات والخبرة اللازمة لمساعدة المصابين من خلال أداء تمارين رياضية في الماء خاصة بكل إصابة بعد موافقة طبيبهم المختص، فيجب على المتدربة أن تختار مدربة مختصة ولديها شهادة للجلسات العلاجية فأن أي خطأ ممكن أن يفاقم الحالة المرضية.
أما فيما يخص الأطفال، قالت إيلاف صادق "حب الأطفال والتعامل معهم دفعني إلى الانضمام إلى أكاديمية الرياضات المائية الروسية كأول مدربة عراقية تنضم لهم، وتعنى هذه الأكاديمية بتدريب الفئة العمرية من شهرين إلى سنة ونظراً لصعوبة التعامل مع هذه الفئة العمرية الصغيرة، فيجب أن يكون المدرب حاصل على شهادة ومتخصص، لأنه قد يعرض الطفل إلى أصابات أثناء التدريب، ومن فوائد تدريب الأطفال الرضع علاج الخلع الولادي، تقليل الفرط الحركي، تقوية العضلات والعظام، تقوية المناعة والنمو الصحيح والجلوس والمشي بالوقت المحدد وكل هذه العوامل تصنع من الطفل بطل أولمبي في المستقبل".
وعن أروع تجاربها، بينت أنه "كان التحدي الأكبر بالنسبة لي فرصة دخول مياه شط العرب والغوص في أعماقه، حيث أضافت ليَ الكثير ووسعت آفاق عملي واكسبتني خبرة في التعامل مع الماء، ورغم المعوقات لكنها تجربة تستحق التعب. أحاول أن أكون قصة ناجحة لنساء فقدن الأمل في الوصول إلى طموحاتهن".
وتطمح إيلاف حميد صادق بامتلاك مسبح ذو مواصفات أولمبية لنشر هذه الثقافة وإتاحة الفرص لكل الناس بتجربتها، وإقامة بطولات للأطفال، وجعل رياضة السباحة كتاب يدرس ضمن المناهج الدراسية.