وسط الخراب في غزة... مها المغاري تعيد ترميم صيدليتها
تعمل غالبية الصيدليات في قطاع غزة إما من خيام تم نصبها على الطريق العام بعد أن انتشلت من تحت الركام بعض أنواع العلاجات الناجية من حرق نيران الصواريخ، أو بعد ترميم أجزاء منها إن أمكن.

رفيف اسليم
غزة ـ على أنقاض صيدليتها المدمرة والتي أحرقتها القوات الإسرائيلية بعد إتلاف كافة محتوياتها بالكامل، تحاول الصيدلانية مها المغاري، العمل من جديد، لتقديم بعض الخدمات التي كانت تمنحها للمرضى من جهة، ومساعدة نفسها من جهة أخرى على النهوض من جديد بصيدلية مركزية تقدم خدماتها لثلاث أحياء رئيسية في قطاع غزة.
مها المغاري كانت نازحة في جنوب قطاع غزة عندما جاءها خبر تدمير صيدلية في الشمال، وقد ظنت في البداية أنه تلف يمكن ترميمه لكنها صدمت عندما شاهدت سقوط الجدران والحرق في كل مكان.
وأوضحت أن القوات الإسرائيلية "تعمدت إحراق كافة صيدليات القطاع" خاصة المركزية منها لمنع أهالي غزة من العلاج، وإتلاف المكان بأثاثه وإمكانياته التي يعتمد عليها الطبيب في عمله، خاصة الغرف الخاصة بإعطاء الحقن، وأجهزة قياس الضغط والسكر والوزن وغيرها، والأدوية التي تمثل علاج لكافة الأمراض تحديداً المزمنة منها والتي يحتاجها المريض بشكل دوري.
وتعمل غالبية الصيدليات في القطاع وفقاً لـ مها المغاري، إما من خيام قد نصبتها على الطريق العام بعد أن انتشلت من تحت الركام بعض أنواع العلاجات الناجية من حرق نيران الصواريخ، أو بعد الترميم كما فعلت هي، فقد نقلت جزء من أثاث منزلها كبعض الحوامل والرفوف الخشبية ونصبتها على الجداران المتهالكة لتضع عليها كميات قليلة جداً من الأدوية التي استطاعت توفيرها في المدينة المحاصرة.
ولفتت إلى أن أكثر الفئات المتضررة من نقص الأدوية في قطاع غزة هم النساء الحوامل، وكبار السن، وأصحاب الأمراض المزمنة، والجرحى، مشددة على أن هناك أدوية مهمة كدواء مرض الضغط والسكر الذي يترتب على نقصانه أزمات قلبية ستؤدي على المدى البعيد للوفاة، وكذلك الأمر بالنسبة لأدوية الأطفال والحروق والأمراض الجلدية بشكل عام والتي باتت تظهر أنواع عدة منها فقط بعد الحرب في غزة.
وترجح أن السبب وراء ظهور الكثير من الأمراض هو انعدام التغذية السليمة والاعتماد على المعلبات والنقص الحاد في المياه، وعدم قدرة الفرد في قطاع غزة الحفاظ على نظافته الشخصية إما بسبب الغلاء الحاد في أسعار المنظفات أو انعدامها من الأسواق في فترات معينة، وقد فاقمت تلك الحالة انعدام المكملات الغذائية التي كانت ستقي المريض من تدهور حالته الصحية يوماً بعد يوم.
وتعود مها المغاري، للحديث حول أن الضرر في صيدلية التقوى كان كبير جداً، فهي نقطة مركزية تغذي أحياء النصر والشيخ رضوان والجلاء، وتعرف تلك المناطق بكثافتها السكانية العالية واكتظاظ المواطنين هناك، إضافة إلى زبائنها من الأحياء السكنية الأخرى التي تعتمد عليها، بالتالي إن إغلاقها مع وقوعها في ذلك المكان الاستراتيجي سيترتب عليه ضرر كبير للسكان.
وأوضحت أن صيدلية "التقوى" كانت تستورد كميات ضخمة من الأدوية تغطي احتياجات سكان القطاع، أما الآن تتعامل مع عدد محدود من الموردين، خاصة مع ارتفاع الأسعار والوضع المادي السيء للمواطنين الذين هم بحاجة للعلاج لكنهم لا يستطيعون شرائه، وهذا ما يضعها في إحراج مستمر مع المرضى خاصة في ظل الخسارة الكبيرة وتفكيرها الدائم كيف ستساعدهم وهي بحاجة لمساعدة.
وفي ختام حديثها بينت مها المغاري، أنه من الصعب عليها العمل في ظل الوضع الحالي خاصة أن صيدلية التقوى كانت مكان معروف لبيع كافة أنواع الأدوية التي يصعب الحصول عليها بباقي الصيدليات، الآن يدخل المريض للمكان ولا يجد غالبية أنواع العلاجات المطلوبة، لكنها مازالت تحاول، متمنية من كافة الأطباء أن يستمروا في تقديم الخدمات الطبية للمرضى للنجاة بأكبر عدد من الأرواح الممكنة خلال الحرب.