وحدات حماية المرأة... أيقونة حرية المرأة والمجتمع في الشرق الأوسط

أكدت القيادية في وحدات حماية المرأة، أن هناك ضرورة ملحة لمعرفة المرأة لذاتها في ظل المرحلة الحساسة التي تشهدها المنطقة، ولمواجهة كل هذه التحديات لا بد من تطبيق استراتيجية حرب الشعب الثورية وتنظيم وتوحيد صفوف النساء.

سيبيلييا الإبراهيم

الرقة ـ تضحيات عديدة قدمتها وحدات حماية المرأة في سبيل إثبات كيانها كجيش نسائي، وتحرير كافة النساء لبناء بلد ديمقراطي يسوده المساواة وضمان لتحقيق الحرية الجسدية للقائد عبد الله أوجلان وحماية مكتسبات ثورة روج آفا.

من عفرين مروراً بكوباني وصولاً إلى قامشلو وباقي المناطق، من طابور إلى فوج تشكلت وحدات حماية المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا، لتصبح أول قوى نسائية تحمي حقوق المرأة والمجتمع، محققة إنجازات ومكتسبات عديدة على صعيد تواجد النساء في الساحة العسكرية وتأسيس جيش بفكر وإدارة المرأة وفق نهج القائد عبد الله أوجلان، لتصبح بذلك مثالاً وقدوة للنساء حول العالم مما جعلها نقطة هدف للجهات المعادية والتي تحارب المرأة بكافة السبل وعلى رأسها الاحتلال التركي.

لمعرفة أهمية وحدات حماية المرأة كقوى نسائية وضرورة تأكيدها خلال كونفرانسها الرابع، على أن أي نهج أو تحالف للقوى المحلية والدولية لن يكون مقبولاً إذا لم يخدم مصالح الشعب ومكتسبات ثورة المرأة، وفي ظل الأوضاع التي تشير أن الحرب المعلنة ضد المنطقة لا تقتصر على الهجمات العسكرية، بل كافة أشكال الحرب الخاصة التي تديرها العديد من القوى، وسبب تزايد عدد القوى المتحالفة ضد المنطقة، كان لوكالتنا حوار مع القيادية في وحدات حماية المرأة YPJ ساريا عفرين.

 

كيف تعمل وحدات حماية المرأة على تطبيق مبادئ حرية المرأة وتنظيم الحياة وفق استراتيجية حرب الشعب الثورية؟

مرّ عقداً على الذكرى السنوية لهجوم داعش على مدينة كوباني، كما نمر بالذكرى السنوية الثانية لانطلاق انتفاضة Jin Jiyan Azadî في إيران وشرق كردستان، وذكرى استشهاد القيادية شرفين سردار التي كانت من مؤسسات وحدات حماية المرأة وحملت على عاتقها مسؤوليات كبيرة لنصل إلى يومنا الراهن، وهناك العديد من الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم أثناء تصديهم لداعش في كوباني وأصبحوا أمل للشعوب ورموزاً للحرية كوحدات حماية المرأة عقدنا مؤتمرنا الرابع وتم أخذ العديد من القرارات الهامة خلاله، إلى جانب تقييم الأعمال لإعادة البناء على أساس استراتيجية حرب الشعب الثورية.

تعد الانتفاضة الأخيرة في إيران وشرق كردستان من نتاج نضال المرأة الحرة بشخصية الشابة جينا أميني التي باتت رمزاً لكافة النساء حول العالم. وبالتطرق إلى استراتيجية حرب الشعب الثورية لكل قوى وحركة تسعى لتنظيم صفوفها أو معركة مع جهة معينة لا بد من تواجد الشعب بالدرجة الأولى.

لذا منذ بداية ثورة روج أفا وفي مرافعات القائد أوجلان المبنية على أساس الأمة الديمقراطية من أساسياتها تنظيم صفوف الشعوب، ففي إقليم شمال وشرق سوريا إذ استطعنا تنظيم صفوفنا والاستمرار بهذه الثورة فهذا بفضل فكر وفلسفة القائد أوجلان والقوة الذي ألهمها وزرعها في نفوس الشعب، ونحن على هذا المبدأ بدأنا بالثورة ونستمر في كافة النواحي.

المشروع الذي طرحه القائد عبد الله أوجلان بات من أقوى المشاريع التي على أساسها كوحدات حماية المرأة ننظم صفوفنا أو من خلال قوات الحماية الجوهرية التي تنظم صفوف الشعب، بالتالي نكون أقوى في وجه أي جهة معادية، فعدم تواجد الشعب في الثورة والحرب ضد الجهات المعادية ومساندة أبنائها وبناتها المقاتلين لن تنتصر تلك الثورة ولن نصل إلى أهدافها المرجوة، فخلال الحروب والمعارك التي قدناها سواءً في وجه الإرهاب أو الاحتلال كنا نطبق هذا الأمر بحذافيره وخير مثال على ذلك معركة عفرين وسري كانيه وكري سبي.

ولترسيخ استراتيجية حرب الشعب الثورية وتطبيقها بتكاتف وتواجد الشعب مع قواته، فأهم ما نركز عليه هو أهمية الفكر والإرادة الحرة وترسيخ الوعي، وذلك من خلال التدريب الفكري والعسكري والسياسي، وتنظيم وتوحيد صفوف النساء لتكنّ مستعدات لمواجهة الذهنية الذكورية، ولتدركن حقيقتهن وتحددن هدفهن في ظل ما تعيشه المرحلة من حروب خاصة ضد المرأة.

 

في تقييم الوضع السياسي والعسكري، أكد الكونفرانس الرابع لوحدات حماية المرأة (YPJ)، أن أي نهج أو تحالف للقوى المحلية والدولية لن يكون مقبولاً بأي شكل من الأشكال، إذا لم يخدم مصالح الشعب ومكتسبات ثورة المرأة، كيف بإمكان قواتكن حماية منجزات المرأة؟

منذ بداية ثورة روج آفا نحن كنساء قمنا بتنظيم صفوفنا على أساس حب الوطن والتي هي من أساس فكرة تحرير المرأة، وعلى هذا الأساس استطعنا أن ننظم أنفسنا لمواجهة كافة الهجمات والتحديدات التي تواجه الشعب والمنطقة، فمنذ البداية اخترنا الخط الثالث حيث لم نكن مع حكومة دمشق التي تأخذ السلطة والرأسمالية أساساً لها، ولا المعارضة التي كانت تحت راية بعض الدول وأصبحت مرتزقة لهم، لذا كان النهج الثالث لا يخدم مصالح الدول بل يخدم مصالح الشعب، ولا يقبل بسياسية التهميش والأنظمة الاستبدادية فكان طريقنا مشروع الأمة الديمقراطية الذي يأخذ حرية الشعوب أساساً له.

قدمنا خلال الحروب والهجمات التي شهدتها المنطقة والمعارك ضد داعش ومرتزقة الاحتلال التركي، تضحيات عديدة ومقاومة بطولية في سبيل حماية الشعب، وسطرنا أعظم ملامح البطولة، فاليوم يتم إصدار العشرات من الكتب والأفلام السينمائية عن تلك البطولات، لكن الدول المهيمنة والسلطوية تسعى لتطبيق مشروع شرق الأوسط الكبير، وأرادوا من خلالنا كقوة نشطة أثبتت ذاتها على أرض الواقع والتي لعبت دوراً مهماً في دحر داعش، لتطبيق هذا المشروع، لكن نحن دائماً واضحين في أهدافنا هذه الثورة لم نبدأها لنصبح بدون إرادة مرة أخرى أو الخلاص من ظلم دولة وتوجه لظلم دولة أخرى، لذا أي أمر يتم فرضه علينا ويخدم المصالح الدولية على أساس تضحياتنا ولن يكون لصالح الشعب والمرأة لن نقبله.

فنحن نسعى جاهدين لإحداث تغييرات ولن نكون أدوات لأي جهة كانت، كما تفعل حكومة دمشق التي تسعى لإعادتنا إلى ما قبل عام 2011 نحن متواجدات لخدمة الشعب ولسنا كباقي الأطراف التي تتقبل كل ما يفرض عليها وتصبح مسلوبة الإرادة، وخير ما نذكره لو قبلنا بما تفرضه علينا الدول المهيمنة لم تكن اليوم العديد من المدن في إقليم شمال وشرق سوريا محتلة، وكنا استطعنا تحرير العديد من المدن، لكننا نثق بأن خطنا الثالث هو الأصح، فالنتائج واضحة على أرض الواقع في سوريا مقارنة مع الأطراف التي خرجت ضد حكومة دمشق ونتائج ثورتنا أكبر دليل.

 

اتخذت وحدات حماية المرأة بعد تقييم فعاليات العامين الماضيين قرار "إعادة بناء وحدات حماية المرأة من جديد"... كيف بالإمكان الرفع من المستوى التنظيمي والسعي لبناء سوريا ديمقراطية وشرق أوسط ديمقراطي؟

خلال كونفرانس الرابع اتخذنا قرار إعادة بناء وحدات حماية المرأة من جديد، فبالنسبة لنا إعادة النظر وتقييم الهيكل والتنظيم والوضع السياسي والعسكري وتوسيع قاعدتنا بين الحين والآخر ضرورة ملحة. بعد سنوات طويلة منذ بداية تأسيس وحدات حماية المرأة في عام 2013 لغاية يومنا الراهن في كافة إقليم شمال وشرق سوريا، كنا متواجدات بين الشعب والجبهات سعياً لتوسيع وزيادة عدد قواتنا أكثر، ففي البداية بدأنا بعملنا وتأسيس قواتنا بطابور في عفرين و قامشلو وكوباني، واليوم عندما نقيّم ونرى ليس فقط في هذه المدن في كل بلدة ومدينة هناك طابور لنا ومقاتلات من كافة المكونات، أي بمعنى أن وحدات حماية المرأة باتت قوى نسائية أممية تضم في صفوفها كافة المكونات والأطياف.

الطوابير التي بدأت بثلاثة مدن، وصلت اليوم إلى آلاف المدن ليست فقط من سوريا بل من كافة البلدان حول العالم، وهذه الخطوات لم تأتي بالأمر السهل في منطقة عشائرية ترى أن دور المرأة محدود، فمحاولة انضمام نساء من هذا المجتمع بدءاً من ارتدائهن الزي العسكري هو ثورة بحد ذاتها، لكن اليوم بعد الوعي الذي وصل له المجتمع هناك عوائل تقوم بضم بناتها لقواتنا، وهذا يعطينا الدافع لنرفع من وتيرة نضالنا، ونسعى إلى نشر هذا الفكر في كافة المناطق وننظم ذاتنا على هذا الأساس في كافة الساحات لنتفادى النواقص والمعوقات، وننظم هذه القوى من الناحية الدبلوماسية في كافة البلدان، لذا تنظيم صفوفنا والتدريب والتقدم والوصول لكافة النساء ضمن المجتمع وتعريفهن بحقيقة فكرهن وجوهرهن، من أهم مبادئنا.

 

لا تزال خلايا داعش النائمة تهدد حياة السكان... ما الدور الذي ستلعبه وحدات حماية المرأة لحماية المنطقة من تلك الخلايا والقضاء عليها؟

بهدف القضاء على خلايا داعش المتواجدة في المنطقة كان هناك العديد من الحملات التي أطلقناها، بالرغم من أننا قضينا على داعش، إلا أن فكره لا يزال متواجد في بعض المناطق وهناك العديد من الدول التي تدعم وتغذي المرتزقة من كافة النواحي، فندرك أن داعش لن يستسلم بسهولة وسيسعى للانتقام، لكن ذلك لن يكسر إرادتنا وثنينا عن القضاء على فكر داعش.

ما حدث في مقاطعة دير الزور أكبر مثال ودليل لهذه المحاولات لضرب الأمن والأمان واستقرار المنطقة من خلال استهدافها بالتفجيرات أو استهداف شخصيات معينة في المدن وهكذا محاولات ستبقى مستمرة لكن بدورنا كوحدات حماية المرأة على أساس محاربة الإرهاب من خلال الحملات التي نطلقها، فمنذ فترة قمنا بعمليات متفرقة واعتقلنا العديد من خلايا داعش، إلى جانب ذلك نحن على أهبة الاستعداد لم ولن نكون في غفلة حيال هذه الخطورة بعد تحرير المنطقة.

وأهالي المنطقة مدركون حقيقة الحروب التي تمارس عليهم من قبل كافة الجهات المعادية والأشخاص المشتبه بهم، كما أنهم يتعاونون معنا كقوات لإيقاف هذه الخلايا والهجمات التي تمارس على الشعب.

 

تشير الأوضاع اليوم إلى أن الحرب المعلنة ضد المنطقة لا تقتصر على الهجمات العسكرية، وإنما تتعرض لأشكال خطيرة من الحرب الخاصة تديرها العديد من القوى، فالهجمات والتهديدات على إقليم شمال وشرق سوريا مستمرة... ما الهدف من تزايد عدد القوى المتحالفة ضد المنطقة؟

حرية الفكر والأشخاص الذين يسيرون على نهج وفلسفة القائد عبد الله أوجلان، يصبحون هدف هذه القوى، كل هذه الهجمات واتحاد هذه الدول معاً رغم كافة التناقضات التي بينهم، هي من أجل احتلال كردستان. هناك العديد من الانتهاكات بحق الشعب، كما أن إقليم كردستان وصل إلى مرحلة يتم بيع الأراضي والمتاجرة بها، وفي شمال كردستان كان مقتل الطفلة نارين كوران نتيجة الذهنية الذكورية، السبب في مطالبة النساء بالحقوق وإيقاف الهجمات الخاصة ضدهن.

الدولة الروسية وحكومة دمشق والدولة التركية وكافة الدول المهيمنة تمارس كل هذا على المنطقة من خلال الحرب الخاصة لإبعاد الشعب عن حقيقته وقضيته وجوهره والهروب من وطنه من خلال الحصار والأزمات الاقتصادية، وكل هذا استراتيجيات الدول المهيمنة التي تود السيطرة على المنطقة.

ويحاولون تنفيذ هذه السياسية أيضاً من خلال فرض العزلة المشددة على القائد عبد الله أوجلان، فالمحتل يحاول ترسيخ فكرة أن نعيش بدون قائدنا ونتعايش مع هذا الأمر وكأنه أمر ليس بغاية الأهمية، لكن الشعب وقواتنا دائماً يثبتون رفضهم لتلك العزلة والهجمات من خلال مواصلة نشر فكره. تستهدف الدولة التركية من خلال الطائرات المسيرة القياديات والرياديات اللواتي تسعين إلى تغيير الواقع والقضاء على الذهنية الذكورية، بطرق مخطط لها بهدف إفشال مشروع الأمة الديمقراطية وثني الشعب عن السعي إلى نيل الحرية.

يجب على الشعب أن يدرك ويحلل ما يدور في المنطقة، والوعي بأن المحتل يسعى لاستخدم الشعب كأداة لتنفيذ مصالحه، ونحن كقوات نحمل على عاتقنا معرفة هذه الحقائق ورفع وتيرة النضال في وجه كافة الجهات المعادية وحماية الشعب، ونكون ضمان لتحقيق الحرية الجسدية للقائد أوجلان وحماية مكتسبات ثورة المرأة. بتكاتف النساء الأحرار فكرياً، نستطيع أن نفشل كافة الهجمات، أما من جانب آخر هناك حاجة لزيادة عدد المنضمات لقواتنا لحماية المنطقة.