تجمع نساء زنوبيا يشيد بنضال شهيداته ويعاهد بمواصلة دربهن
عائشة عبد القادر وإيمان أحمد وقمر السود، ثلاث مناضلات في تجمع نساء زنوبيا أصبحن هدفاً لذهنية مرتزقة الاحتلال التركي وغدون رمزاً للنضال النسوي.
الرقة ـ شن الاحتلال التركي ومرتزقته مطلع كانون الأول/ديسمبر الجاري، هجوماً على مقاطعة منبج في إقليم شمال وشرق سوريا بالأسلحة الثقيلة والطائرات الحربية والمسيرات، ومع دخول مرتزقته المدينة بدأت بقتل المدنيين، وانتقاماً من نضال المرأة أقدموا على قتل ثلاث عضوات من تجمع نساء زنوبيا اللواتي رفضن الخضوع لتهديدات المرتزقة ولسلطة الاحتلال.
حول نضال (عائشة عبد القادر ـ قمر السود ـ إيمان أحمد) عضوات في تجمع نساء زنوبيا، اللواتي تم استهدافهن، تقول الإدارية في تجمع نساء زنوبيا في مقاطعة منبج المحتلة في إقليم شمال وشرق سوريا زينب دلشير، إن عضوات التجمع ستعملن على إكمال مسيرة هؤلاء المناضلات.
وعن الشابة عائشة عبد القادر التي لم تتجاوز التاسعة عشرة من عمرها بعد، ولدت وترعرت في لبنان، عادت إلى بلدها سوريا مع بدء شن هجمات على لبنان من قبل إسرائيل مؤخراً، واستقرت في مدينة منبج، لتبدأ بالعمل في قسم الأرشيف والإعلام في مجلس تجمع نساء زنوبيا، كما أوضحت زينب دلشير "لقد كانت نشيطة وفعالة فرغم صغر سنها، إلا أن فكرها وذكائها كانا يفوقان عمرها، ولطموحاتها الكبيرة وإصرارها على التقدم والتطور كانت تبدأ يومها وعملها بمعنويات عالية".
ولأنها عاشت في الغربة بعيداً عن أرضها سعت من خلال عملها للتعبير عن مدى حبها لبلادها، كانت تعمل على تغطية جميع الفعاليات والأحداث في سبيل نقل آلام النساء ومعاناتهن ومقاومتهن للعالم أجمع بقلمها وكاميرتها "بالرغم من أنه تعد تجربتها الأولى في العمل الصحفي، إلا أنها في فترة وجيزة تمكنت من الخروج إلى الميدان"، مضيفةً "خضعت عائشة عبد القادر لدورة تدريبية فكرية في مقاطعة الطبقة، وبعد انتهاء الدورة سخرت كل ما تعلمته لخدمة عملها".
ولأنها ترعرعت في كنف عائلة وطنية تلقت التشجيع الأكبر من عائلتها لتطوير ذاتها كما أوضحت زينب دلشير، مشيرةً إلى أنه "أثناء الهجوم الذي شن على منبج دخل الجميع في حالة قلق وتوتر بينما هي تقربت من الأمر بشكل طبيعي وشددت على ضرورة المقاومة، وطمأنت من حولها وبهذه الروح واصلت عملها".
وعن اللحظات الأخيرة ومقتل عائشة عبد القادر، تقول زينب دلشير "في اللحظات الأخيرة عندما وصلت المعارك للمدينة، بدأت حرب الشوارع في الأحياء، فسارعت عائشة عبد القادر مع عدد من زميلاتها، من بينهن الإدارية في قوات حماية المجتمع والمرأة إيمان أحمد، في الخروج من المدينة لكي لا يقعن أسيرات بأيدي المرتزقة، فهي كانت تعلم إن مرتزقة الاحتلال التركي يمارسون أبشع الانتهاكات وخاصة بحق النساء والشابات ومن يتم قتلهن من قبلهن يتم التنكيل بجثثهن، ومع وصولهن إلى محيط جسر قراقوزاق تم استهداف السيارة التي كانت تقلهن من قبل مسيرة تركية، لتفقد كل من عائشة عبد القادر وإيمان أحمد حياتهما وتواريا الثرى في مزار الشهيدة دجلة بمدينة كوباني".
وعن الإدارية في وحدات حماية المجتمع إيمان أحمد، وهي أم لأربعة أطفال، تقول زينب دلشير إن "الشهيدة إيمان أحمد بإيمانها بالحرب الشعب الثورية وفي إطار الدفاع المشروع وحماية مدينتها وأرضها وأطفالها ونساء المدينة انضمت لقوات حماية المجتمع والمرأة، وبهذه القناعة كان تعمل رغم أنها كانت أم لأربعة أطفال لم تتردد في أداء واجبها الوطني، إلى جانب ذلك كانت تعمل على توعية النساء من أجل الحماية والدفاع عن الأرض".
لم يكتفي الاحتلال التركي ومرتزقته من استهداف هؤلاء المناضلتين، بل أقدم كذلك على قتل قمر السود في مدينة منبج، وهي أم لطفلين، كانت تقوم برعاية طفليها بعد انفصالها عن زوجها "قمر كانت أم مثالية وامرأة قوية تتمتع بالشجاعة والثقة بذاتها، فرغم الظروف الصعبة كانت تسعى جاهدة لرعاية طفليها، وانخرطت في العديد من مجالات العمل ومنها أكاديمية المجتمع الديمقراطي كإدارية ومدربة، لتساهم بذلك في رفع مستوى المعرفة لدى النساء، حيث كانت ترى أنه من واجبها ومسؤوليتها تطوير مجتمعها، لتعمل بعدها في مؤتمر الإسلام الديمقراطي وتساهم في إظهار حقيقة الإسلام ومكانة المرأة فيها، ومؤخراً عملت في مديرية جمارك مقاطعة منبج".
وأضافت "لقد انتفضت قمر السود، بوجه الرجعية والعادات والتقاليد البالية التي تحجب دور المرأة، حيث واجهت المجتمع والمفاهيم الخاطئة التي لحقتها كغيرها من النساء فقط لأنها امرأة ومنفصلة عن زوجها، ولم تقبل التقليل من شأنها أو جنسها"، مشيرةً إلى أنه بعد تحرير مدينة منبج من داعش عام 2016، كانت قمر السود من بين النساء اللواتي أدركن قيمتهن ودورهن وسعين للعب دورهن.
وعن التهديدات التي تلقتها قمر السود لترك العمل الذي تقوم به، تقول زينب دلشير إن "خال قمر كان أحد عناصر مرتزقة الاحتلال التركي، وكان يهدد قمر بترك العمل، ولكنها كانت مقتنعة بدرب الحرية الذي تسير فيه، لذا لم تعر الاهتمام لتهديدات خالها، وواصلت عملها بوتيرة عالية دون تردد".
وتابعت "بعد دخول مرتزقة الاحتلال التركي إلى مدينة منبج، أقدم خال قمر السود على أخذ أطفالها منها وقتلها أمام أعينهم لأنها لم تخضع لتهديداته، ليتم دفن جثتها في مدينة منبج. لم نستطع جلب جثمانها لأن الحادثة وقعت بعد احتلال المدينة".
وعاهدت زينب دلشير، المناضلات الثلاث بمواصلة مسيرتهن "نعاهد رفيقاتنا بمواصلة دربهن ونؤكد بأن قلم وكاميرة الشهيدة عائشة لن تبقيا على الأرض بل سنحملهما بالأمل والطموح التي كانت تعمل به لتصبح صوتاً لجميع النساء".