'تجارب الحياة علمتني أن أكون قوية'

تعمل صباح العبيدي كمدرب دولي معتمد من البورد الألماني وهي عضو بمنظمة امازونات ليبيا ومدير العلاقات العامة بها

ابتسام اغفير

بنغازي ـ تعمل صباح العبيدي كمدرب دولي معتمد من البورد الألماني وهي عضو بمنظمة امازونات ليبيا ومدير العلاقات العامة بها، تقول إن النساء قادرات على تخطي الصعوبات لأنهن مسؤولات عن عائلة بأكملها فإذا انكسرن انكسرت العائلة وإذا قاومن وصمدن انقذنها.

صباح العبيدي والتي عانت من الحرب وآثارها، تصف السنوات الصعبة التي عاشتها "كان اغتيال زوجي وتفجيره بعبوة لاصقة في سيارته بمدينة بنغازي عام 2013 من أصعب مراحل حياتي، فقد ركنت للحزن ثلاث سنوات، لا أخرج لأي مكان وارتدي السواد طوال الوقت، حزني انتقل إلى أطفالي الأربعة حتى أن معلمة طفلي الصغير أخبرتني أنه بدأ يتجه للانطوائية والانعزال ويزداد حزناً".

صباح العبيدي امرأة متواضعة ترفض وصف نفسها بالمرأة القوية إلا أنها تؤكد أن تجارب الحياة علمتها أن تكون قوية "بعد وفاة زوجي كان علي تحدي النزوح والحرب، فخرجت من بيتي وكنت قد وضعت طفلي حديثاً، فعندما توفي زوجي كنت حاملاً في أشهري الأخيرة، وخرجت أنا وأبنائي بملابسنا فقط ولم نأخذ معنا شيء، وانتقلت للعيش في بيت أهلي".

"دخلت في حالة حداد لا أقوم بعمل شيء"

ما حدث معها أثر على نفسيتها بشكل كبير حتى استسلمت للحزن "دخلت في حالة حداد لا أقوم بعمل شيء إلا الأكل والشرب والنوم فقط، حتى أن أبنائي دخلوا في مرحلة اكتئاب، لكن معلمة أبني حركت في داخلي القوة وأخبرتني أن ابني حزين طول الوقت، ومكتئب فاين أنتِ من ذلك؟ من هنا قررت أن أكون قوية حتى أساعد أبنائي في تخطي هذه المرحلة بكل ما فيها من ألم".

فتحت أمامها آفاقاً عديدة عندما قررت أن تحارب من أجل أبنائها ومن أجل نفسها "خرجت وبدأت في العمل، واستلمت العلاقات العامة في ديوان وزارة التعليم، ثم دخلت إلى المجتمع المدني، وأسست منظمة، وانطلقت إلى الأمازونات ثم بدأت العمل كمدرب دولي، فقد كان أمامي خيارين إما أن أكون أو لا أكون، ليس من أجلي فقط بل من أجل أبنائي ومن أجل نفسي ثم من أجل جميع النساء".

 

"الجميع يخبرني بأنه لا ينقصني شيء فلماذا تعملين"

وعن الصعوبات التي تواجهها كونها أرملة وأم لأطفال في المجتمع الليبي وكيف تجاوزت هذه الصعوبات تقول "نحن نعيش في مجتمع ليبي ولن أقول شرقي أو مسلم بل أقول ليبي فهم ينظرون إليك كامرأة فقدت رجل، فلن يسمح لك ولن يتم تقبل خروجك في كل وقت وأن تقودي سيارة أو تعملين من أجل إعالة أطفالك، خاصةً إن كان غطائك الاجتماعي أي قبيلتك قوية فوالدي كان شيخ قبيلة، فالجميع يخبرني بأنه لا ينقصني شيء فلماذا تعملين؟ ولكن الحياة بالنسبة لي ليست أن أوفر الطعام والشرب لأبنائي فقط فأنا إنسانة لدي طموح، وأنا بحاجة لآن أكون قوية من أجلهم وحتى أكون قدوة لهم، مشكلتي في المجتمع الذي لا يتقبل المرأة الأرملة العاملة والتي تعيل أبنائها".

 

"كانت من أصعب وأروع تجارب التدريب"

تعمل صباح العبيدي كمدرب دولي معتمد من البورد الألماني وهي عضو بمنظمة امازونات ليبيا ومدير العلاقات العامة بها، ومن تدريباتها المميزة تدريبها لذوي الإعاقة البصرية وهي الفئة الأكثر حساسية، واعتمادهم على السمع يجعل من الصعوبة بمكان تدريبهم، حيث يعتمد التدريب في معظم حالاته على لغة الجسد. تقول صباح العبيدي عن هذه التجربة "كانت من أصعب وأروع تجارب التدريب فقد جاءتني فكرة تدريب هذه الفئة عندما سمعت شخص من ذوي الإعاقة يتمنى أن يصبح مدرب وأن يحصل على دورات المهارات الحياتية، ومن هنا فكرت أن أقدم لهم دورة وبحثت عن مجموعة تحتاج للتدريب وتواصلت مع رئيس منظمة ذوي الإعاقة البصرية، وعرضت عليه الفكرة، فأخبرني بأن هناك مجموعة تحتاج إلى هذا التدريب وعندما تحدثت إليهم وجدت أنهم بحاجة إلى تدريب مهارات وتعامل وتطور في التعليم".

وعن تعاملها مع هذه الفئة وتدريبها وإن كانت تلقت تدريبات معينة من أجل تدريبهم تقول "المدرب المتمكن يستطيع أن يتعامل مع جميع الفئات لأن التدريب هو صقل مهارات الإنسان كيف يتعلم وكيف يحتوي ويحب من حوله، ويعطي دون مقابل فإن امتلك المدرب هذه المهارات يستطيع التعامل مع جميع الفئات، فقبل أن يكون التدريب مهنة تسويقية للمدرب هو مهنة إنسانية".

وتضيف "لم اتلقى تدريب خاص، ولم أجد صعوبة في التعامل معهم، لأن المدرب المتمكن يستطيع بكل سهولة أن يتعامل مع كل الفئات، وبالتأكيد كانت هناك صعوبات فالبعض خاصة من الذكور لم يتقبلوني وكانوا حادين معي قليلاً، ولكن بانتهاء الدورة أصبحت علاقتي بهم ممتازة، وكان هذا نوع من التحدي، الفوز أو الخسارة، وهل أثرت في هذه الفئة بشكل إيجابي واستفادوا مما قدمته لهم أم لا؟".

وفي ختام حديثها أكدت صباح العبيدي أن ثلاث أرباع نساء بنغازي أرامل، بعد الحرب، وهن من جميع الفئات العمرية، لذلك على المرأة أن تكون قوية ولا تجعل هدفها رجل، "كوني أنت، ولا تسمحي لأحد بأن يكسرك".