سوريات عالقات بين خيار العودة والانتظار
لاجئات سوريات منقسمات بين الحنين للعودة إلى البلاد والانتظار حتى تتضح الصورة في ظل المشهد الضبابي الذي يخيم على الشارع السوري.

أسماء فتحي
القاهرة ـ تعاني السوريات من واقعٍ قاسٍ خاصة اللاتي تركن أوطانهن وأجبرن على العيش في بلدان أخرى، الأمر الذي يحملهن تبعات ما يحدث داخل تلك البلدان من مسارات تتعلق بالمرأة وتنميط دورها أو تهميشها، بالإضافة لفكرة أنها وافدة من دولة أخرى مما يجعلها تُحرم من حقوق المواطنة وغيرها.
تلك التحديات ليست قاصرة على دولة دون أخرى ولكنها أمر مُسلَم به في جميع البلدان التي تستقبل لاجئين ووافدين وما زاد الأمر تعقيداً هي ظروف الحرب التي جعلت الكثيرات يقبلن بما قد لا يقبلنه في الأوضاع الطبيعية من استغلال وضغط وابتزاز في بعض الحالات نتيجة تعذر قدرتهن على العودة لأوطانهن.
في مصر واقع السوريات له خصوصية عن باقي الجنسيات فالسورية ندى عبدي تعتبر أنها لا تعاني من تحديات قاسية وضعتها تحت وطأة الضغط أو الرغبة في مغادرة البلاد بل أنها درست في الجامعات المصرية وتم توظيفها، إلا أن أبرز ما يواجهها من تحديات تتعلق بطبيعة العمل ذاته وما إن كان يوافق ظروفها أو لا.
مشاعر مرتبكة وحنين مستمر للوطن
وأكدت ندى عبدي بأن "مشاعر الحنين والألم عادة ما ترافق اللاجئين في الظروف الطبيعية فما بالنا بمن أجبرتهم الظروف والنزاعات والحروب لترك أوطانهم والحياة بأماكن أخرى والبدء من جديد في تكوين العلاقات على جميع المستويات"، لافتةً إلى أنها كقريناتها تحتجن لوقت كي تتكيفن مع الواقع الجديد بمختلف ملابساته ومستجداته، وبناء الحياة من جديد.
واعتبرت أن الشعور بالغربة يمكنه أن يزول مع الوقت، إلا أن مشاعر الفقد تظل مسيطرة على الوافدين والوافدات ولا ينتهى الأمر بتقادم الزمن لربما تتكيفن مع واقعهن الجديد، إلا أن الحنين للحياة داخل الوطن يظل رغم العمل على بناء مجتمع جديد.
سوريا وعودة المغتربين
بعد سقوط النظام السوري انقسم اللاجئين السوريين بين الراغبين في العودة والمشاركة في الإعمار وآخرين يرون أن الوضع لا يبشر ويحتاجون لوقت حتى يحسمون أمرهم بينما يفضل بعضهم مواصلة حياتهم في البلدان التي سافروا إليها بعد استقرارهم وإيجاد الملاذ والاطمئنان فيه، مؤكدة أن الغالبية يرغبون بالعودة لوطنهم، ولكن ضبابية المشهد في الداخل السوري تجبرهم على الانتظار حتى تتضح الصورة وتتكون رؤية خاصة بحالة الإعمار.
التحديات كثيرة في الغربة
كشفت ندى عبيد أن هناك العديد من التحديات التي تواجه المغتربين خارج أوطانهم خاصة النساء فرغم وجود فرص عمل، إلا أنها غالباً لا تكون مناسبة للمؤهل أو للحالة الاجتماعية لمن يبحثن عن فرص عمل لائقة، مشيرة إلى أنها درست في الجامعات المصرية وتخرجت فوجدت فرصة عمل لائقة وتستكمل مسارها المهني دون أية معوقات تحول دون قدرتها على تحقيق أحلامها.
ولفتت إلى الدعم الحقيقي الذي تلقته من أصدقائها والمحيطين بها، معتبرةً أن الحل لأغلب الأزمات التي تعاني منها المغتربات تتمثل في التكاتف وخلق المساحة الآمنة للنساء فيما بينهن مما يمكنهن من تقديم الدعم والمساندة للتكيف على الحياة المشتركة التي يصبح جميع من فيها يداً واحدة.
وأكدت أن الواقع الاقتصادي في مصر ضاغط على الجميع سواء وافدين ووافدات أو أبناء البلد وهو الأمر الذي يتطلب إدراك حقيقي ووعي، فمواجهة التحديات تحتاج لتكاتف، معتبرةً أنها تربت في مصر وتعتز بكونها على أرضها ولكنها تشتاق لسوريا وتعتقد أن كل سورية وسوري يأملون بالعودة مرة أخرى وهناك من عاد فعلياً والبقية ينتظرن حتى تكتمل الصورة في عيونهم.