ساكنات الجبال متشبثات بالتراث رغم الصعوبات
في بعض الجهات التونسية تتشبث النساء بالعيش بالمناطق المتاخمة للجبال وتحرصن على المحافظة على تراث المنطقة وعاداتها وتقاليدها رغم جميع الصعوبات.

نزيهة بوسعيدي
تونس ـ في ظل ارتفاع نسبة النزوح من المناطق الريفية الجبلية إلى المناطق الحضرية بحثاً عن حياة أفضل وأيسر لازالت نساء منطقة أم العلق بمعتمدية زانوش في محافظة قفصة التونسية تحافظن على المكان والتراث والعادات والتقاليد من ملابس ومأكولات وأغاني وتربية الماعز والأغنام.
عرض لعادات المنطقة
خارج إطار كافة المؤسسات الحكومية أو غير الحكومية وبعيداً عن المبادرات التي يقوم بها المجتمع المدني لفائدة النساء المحتاجات للتأطير والتوعية والمساعدة وبمبادرة شخصية من امرأة من الجهة تم تنظيم "لمّة نسوية" بمخيم زردوب بالمنطقة تم خلالها تقديم عرض لتراث الجهة وذلك في إطار الاستعداد لشهر التراث الذي انطلق في 18 نيسان/أبريل الجاري.
هذه اللمّة أو التجمع النسوي حرصت خلاله النساء على ارتداء أجمل الملابس التقليدية للجهة، واكتملت زينتهن بالحلى التقليدي وقدمن عروضاً فنية تقليدية للزوار باعتماد أداة البندير والدربوكة وقدمن أغاني التراث التي غنتها الجدات في الزمن الجميل وتخشى نساء المنطقة اندثارها بسبب عدم اقبال فتيات اليوم عن حفظها والاهتمام بأغاني الراب وغيرها من الأغاني الحديثة.
وقالت صالحة بن عامر رداوي "حفظت كل هذه الأغاني وكل أنواع الذكر عن أمي وخالاتي اللاتي حافظن على توارثه عبر الأجيال".
وأضافت أن الجهة غنية بأغاني التراث ولازالت النساء تحافظن عليه وترددنه في المناسبات "نحاول تمريره إلى بناتنا إلا أنه في العموم فتيات اليوم لا يقبلن على حفظه مقابل الاهتمام بالأغاني العصرية".
وأوضحت أن نساء الجهة يحرصن على تربية المواشي من أغنام وماعز كما يصنعن قبعات الشمس "المظلة" ويقمن بتحويل الطين إلى أواني وحريصات على طبخ المأكولات التقليدية كالبركوكش، مبينةً أن نساء المنطقة تحافظن على العادات والتقاليد وكل ماله علاقة بالتراث المادي أو اللامادي واستخدامه في مستوى عائلي ومحلي فقط بسبب ضعف إمكانيات الترويج.
واعتبرت صالحة بن عامر رداوي أن منتزه زردوب وفر لهن فرصة لتقديم منتوجاتهن للعموم إلا أنه يحتاج إلى الرعاية من السلطات المحلية والجهوية ليتحول إلى فضاء سياحي يساعد على استقطاب الزوار إلى الجهة وبالتالي استيعاب منتوجات النساء وترويجها.
تربية الماشية خاصة الأغنام والماعز من الأشياء الأساسية لأهالي الجبال فهم يحرصون على تربيتها كمصدر رزق ومصدر لتوفير الغذاء من حليب ولحم.
وتقول خديجة بنت رمضان "من المأكولات الاساسية التي نحافظ عليها بالجهة "البسيسة" ونعدها للأشخاص الذين يأتون لجز الأغنام صباحاً"، موضحةً أن النساء تقمن بحلب الماعز صباحاً وإعداد الخبز"الكسرة" و"الغناي" ثم يتم قطعها إلى أجزاء صغيرة وخلطها بالحليب الساخن والزبدة وتقديمها للموجودين وعند منتصف النهار يتم طبخ الكسكسي بـ "المسلان".
وعموماً تظل المرأة صمام أمان للمناطق المتاخمة للجبال ليس فقط من حيث الحفاظ على تراث هذه الأماكن بل أيضاً لتثبيت الأجيال القادمة في هذه المناطق ومكافحة الإرهاب الذي يستغل خلو المكان من السكان ليعشّش داخلها.