روضة هيفي لذوي الاحتياجات الخاصة... تمكين الأطفال لمواجهة المجتمع

تقدم روضة هيفي للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة الدعم النفسي، والعلاج الفيزيائي، إلى جانب إتاحة الفرصة أمام الأطفال لممارسة هواياتهم المفضلة؛ بهدف تنمية قدراتهم واكسابهم المهارات التي سوف تؤهلهم للاعتماد على أنفسهم لمواجهة المرحلة القادمة في المجتمع

دلال رمضان
كوباني ـ .
بعد تحرير مدينة كوباني في شمال وشرق سوريا من مرتزقة داعش في كانون الثاني/يناير 2015 وإعادة بناء البنية التحتية للمدينة افتتحت هيئة المرأة بإقليم الفرات روضة "هيفي" في عام 2017؛ بهدف توفير الخدمات التأهيلية لأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة حسب الفئة العمرية من رعاية اجتماعية ونفسية وتنمية قدراتهم واكسابهم المهارات التي تؤهلهم للاعتماد على أنفسهم، ويقدم خدماته بشكل مجاني.
 
 
قالت الإدارية بروضة هيفي لذوي الاحتياجات الخاصة هالة علي (32) عاماً، وهي خريجة رياض أطفال وتعمل في المركز منذ عاماً تقريباً "تعد الروضة المركز الأول من نوعه في مدينة كوباني، فإضافة لاهتمامها بالأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة تعمل على تقديم الرعاية النفسية وتنمية قدراتهم من أجل تأهيلهم للاعتماد على أنفسهم بعد عمر الـ 14 عاماً، لتسهيل حياتهم اليومية". 
وعن الحالات المرضية التي يعاني منها الأطفال بينت أن "غالبية الأطفال يعانون من إعاقات جسدية كالشلل الرباعي، شلل نصفي، الصم والبكم، الخلع الولادي، التوحد، الضمور العقلي، متلازمة داون، والتخلف العقلي"، وأضافت "يقدم علاج نفسي للأطفال وآخر فيزيائي من قبل طبيب أو كوادر مختصة بالعلاج، للمساعدة في تحسين مستوى أدائهم الجسماني والعقلي والنفسي بشكل متوازي".
وعن الدروس التي يتلقاها الأطفال قالت هالة علي "يتم إعطاءهم المنهاج المدرسي مثل اللغات الكردية، والعربية والإنكليزية، وكذلك الرياضيات وتكون الحصص والدروس حسب استيعابهم إلى جانب النشاطات الترفيهية وممارسة هوايتهم المختلفة مثل تأدية الرقصات، والرسم والغناء وتقديم المسرحيات البسيطة والعمل في الأشغال اليدوية". 
وعن تشجيع العوائل لإرسال أطفالهم إلى المركز بينت بأنها وزملائها قاموا بدعاية للحضانة مما ساعد في تقدم كثير من الأهالي لتسجيل أطفالهم، واعتبرت هالة علي هذه النتيجة إنجازاً حقيقياً "العديد من العوائل تعتبر أطفالها من ذوي الاحتياجات الخاصة عبء عليهم"، وأضافت "لذلك أنشئنا صفحة خاصة باسم الروضة وعملنا على نشر النشاطات التي نقوم بها للأطفال مما لاقى ردود فعل إيجابية من قبل الأهالي ودفع الكثير منهم لتسجيل أطفالهم في المركز"، موضحةً أن وجود باص خاص للمركز يحضر الأطفال ويعيدهم إلى منازلهم سالمين ساهم في زيادة ثقة الأهالي.
وعن كيفية التعامل مع الأطفال الذين لديهم حالات خاصة ويصعب التعامل معهم قالت "أطفال ذوي الاحتياجات الخاصة يحتاجون لمعاملة خاصة، ونحن بقدر المستطاع نحاول مساعدتهم نفسياً فعندما يضجرون من الدراسة نلجأ لإعطائهم النشاطات الترفيهية فنعلمهم الرقص مع الموسيقا والأغاني التي يحبونها".
وتابعت "إلى جانب جميع النشاطات الترفيه والدعم النفسي نذهب مع الأطفال إلى الحدائق القريبة فالأطفال يحبون معلميهم بشكل كبير وقد اعتادوا على المجيء لذلك لا يتغيبون عن الحضور".
ويسعى المركز لافتتاح فرع آخر خلال الأيام القليلة القادمة لفصل الأطفال من ذوي الإعاقة الجسدية عن الاعاقات الذهنية، "المبنى الحالي يضم ثلاث غرف فقط ولا تكفي للأطفال الموجودين حالياً".
وأوضحت بأن عدد الأطفال الموجدين حالياً 46 طفل/ة أعمارهم تتراوح ما بين (4 ـ 14) عاماً، كما توجد 4 معلمات في المركز، ويتم تقديم الدعم والمساعدة لهم عن طريق هيئة المرأة في إقليم الفرات وإحدى الجمعيات الدولية. 
وبنت أن أكثر الحالات التي تحتضنها الروضة هي فيما يتعلق بإعاقات "السمع والنطق"، مشيرةً إلى أن "بعض الأطفال يمتلكون أجهزة سمع فيما هناك آخرون لا يملكونها، بسبب الظروف المادية لأسرهم لذلك يتم التعامل معهم عن طريق الكتابة والرسم لعدم وجود معلمات مختصات بلغة الصم والبكم، أما حالات التأخر العقلي يكون التعامل معها عن طريق الأنشطة الترفيهية". 
وفي ختام حديثها دعت هالة علي أسر الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة لإرسال أطفالهم إلى المركز "نقدم لهم جميع أنواع الدعم، ونساعد الطفل للتعبير عن نفسه من خلال ممارسة هواياته ودعم مواهبه لكيلا يشعر بالنقص أمام أقرانه، فعلى الأهل عدم اعتبار الطفل من ذوي الإعاقة عبء عليهم".
 
 
وعن الصعوبات التي تواجه المعلمات في المركز قالت المعلمة بقسم اللغة الكردية روشين حمي (22) عاماً "كل طفل يعاني من إعاقة مختلفة لذلك نعاني صعوبةً بالتعامل معهم أحياناً؛ لأنهم يتطلبون رعاية خاصة بهم ولكننا بالرغم من ذلك نعمل بكل جد من أجل إسعادهم".
وعن كيفية تدريسهم وتشجيعهم للتعلم قالت "عندما أجد صعوبة في التعامل معهم أطلب المساعدة من المعالجة النفسية، أو مساعدة الأهل من أجل فهمهم وكيفية التعامل معهم والطرق التي يجب اتباعها في التعامل". مؤكدةً أن هدفهم هو مساعدة الأطفال وتنمية مهاراتهم ليلعبوا دوراً فعالاً في مجتمعهم "أريد مساعدتهم وتعليمهم بطرق سهلة عن طريق النشاطات الترفيهية ليكون لهم مستقبلاً مشرق". 
ولكون المركز يهتم بالأطفال حتى عمر الـ 14 عاماً طالبت روشين حمي بافتتاح مراكز بعد هذا العمر "عليهم استكمال تعليمهم في الجامعات والمعاهد وعدم التوقف عند نقطة معينة، وعلى المؤسسات المعنية بشؤون الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة تقديم الدعم لهم".
 
 
فيما قالت الطفلة ميساء علي ذات الـ 12 عاماً والتي تعاني من إعاقة جسدية في يدها اليسرى منذ صغرها أنها سعيدة بتواجدها في المركز "أتعلم هنا القراءة والكتابة بعدة لغات، وأخضع للعلاج الفيزيائي أيضاً"، مضيفةً أنها سعيدة بوجودها في مركز هيفي.
والجدير بالذكر بأن أطفال روضة هيفي شاركوا خلال الأعوام الأربعة الأخيرة في ثلاثة مهرجانات ومعارض فنية، وسوف يشارك المركز بفرقة الرقص والغناء في أيلول/سبتمبر القادم بمهرجان الطفل.