من مكان لحجز وتعذيب الإيزيديات المختطفات إلى مجلس لدعم المرأة

بعد تحرير مدينة دير الزور في شمال وشرق سوريا من مرتزقة داعش تحولت المباني التي كانت مراكزاً لتعذيب النساء إلى أماكن لحماية المرأة والدفاع عن حقوقها ودعمها، ومنها مجلس المرأة الذي كان سجناً للإيزيديات

زينب خليف 
دير الزور ـ
تسبب داعش بمآسي لا توصف، ويبقى الإيزيديون أكثر ممن تعرضوا للمجازر والإبادة على يد مرتزقته، بعد مهاجمة شنكال في الثالث من آب/أغسطس عام 2014، وتخلي حكومتي بغداد وأربيل عنهم وتركهم ليواجهوا مصيرهم المجهول. 
وخلال هجمات داعش على قضاء شنكال والتي وصفتها الأمم المتحدة بإبادة جماعية، اختطفت آلاف النساء الإيزيديات والأطفال، بينما قتل الرجال، ودفنت المسنات وهنَّ على قيد الحياة. تقول إحصائيات أن عدد المختطفات وصل لأكثر من ستة آلاف امرأة تعرضن للاستعباد الجنسي. 
نقل المرتزقة المختطفات إلى أماكن سيطرتهم في الرقة ودير الزور، وخلال عمليات التحرير التي أطلقتها قوات سوريا الديمقراطية، ومع تحرير كل قرية ومدينة تم تحرير مختطفات، وحتى طرد المرتزقة من آخر معاقلهم في الباغوز في آذار/مارس 2019 كانت قد حررت الآلاف منهن وعدن إلى أسرهنَّ. 
 
مركز للتعذيب 
عمل المرتزقة خلال سيطرتهم على دير الزور من تمكين الذهنية الذكورية، وأجبرت النساء على المكوث في منازلهنَّ والقيام بالأدوار التقليدية، تقول لوكالتنا الإدارية في لجنة المرأة بتجمع نساء زنوبيا ببلدة هجين فاطمة السالم أن مبنى المجلس استخدم كسجن للمختطفات الإيزيديات اللواتي جلبهنَّ المرتزقة من شنكال.
وبينت أن المكان كان يستخدم كمكتب للمرتزقة لكنه أغلق "فجأة بني له سور عالٍ، لم نكن نعرف ماذا يحدث داخله فقد أحاطت به سرية تامة لكن ولإن بيتي قريب منه كنت أرى السيارات القادمة، وألمح النساء اللواتي يجلبنَّ إليه".
وتعود فاطمة السالم بذاكرتها إلى الوراء، وما شاهدته في فترة سيطرة داعش على البلدة "استخدم داعش هذا المكان في السابق كمعتقل للنساء الإيزيديات؛ كانوا ينقلون النساء ليلاً على شكل طوابير وهنَّ موشحات بالسواد وأيديهن مكبلة بالسلاسل من الخلف". لافتةً إلى أنهم يأتون بـ 20 امرأة دفعة واحدة، وأحياناً أخرى يأتون بسيارة شحن كبيرة وهي محملة بالمختطفات.   
وتقدم السبايا كما أطلق عليهن التنظيم كهدايا لعناصر التنظيم وقياداته، أما اللواتي لا يتم اختيارهنَّ فيكنَّ بين خيارين إما العمل كجواري أو يستخدمنَّ كأدوات للقيام بعمليات إرهابية، كما تقول فاطمة السالم "يحاولون إقناع النساء بما يسمى الجهاد، ويرسلونهنَّ للقيام بعمليات إرهابية ويبتزون من لا تقبل منهنَّ بأن تصبح جارية، فيخترن الموت ولا يقبلنَّ بالإهانة".
واستذكرت إحدى الحوادث الكثيرة التي كانت شاهدة عليها "تم تزويج فتاة لم يتجاوز عمرها 15 عاماً، ثلاث مرات من مرتزقة داعش، فكلما مات أحدهم كانوا يزوجونها لآخر. هذا عدا عن أصوات التعذيب التي تصلنا خلال الليالي الهادئة".
   
حقوق المرأة بعد التحرير 
أعلنت قوات سوريا الديمقراطية تحرير قرية الباغوز آخر معاقل المرتزقة في 23 آذار/مارس 2019، بعد معارك دامت لـ 6 أشهر من إطلاق معركة "دحر الإرهاب" وهي آخر مراحل حملة عاصفة الجزيرة التي انطلقت في 18 أيلول/سبتمبر 2018. وبفضل التحرير أصبح السجن مركزاً للدفاع عن حقوق المرأة.
المرأة التي عانت خلال سيطرة المرتزقة ولم تكن تستطيع الخروج من منزلها إلا برفقة "محرم"، بدأت بأخذ مكانها في الكومينات والمجالس والمؤسسات والمشاركة في إعادة بناء المنطقة من جديد. 
ومن بين المؤسسات التي تم افتتاحها في بلدة هجين، مجلس المرأة المعروف اليوم باسم لجنة المرأة تجمع نساء زنوبيا. تؤكد فاطمة السالم أن هذا المكان الذي تعرضت فيه المرأة للاضطهاد وسُلبت منها كافة حقوقها تحول اليوم "بكل فخر واعتزاز" إلى مجلس يستعيد للمرأة حقوقها، ويجعل منها شخصية أخرى نفضت عن نفسها غبار العبودية. 
وافتتحت لجنة المرأة تجمع نساء زنوبيا في هجين في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2019 بهدف تقديم الدعم المعنوي والمادي للنساء والعمل على حل قضاياهنَّ. 
وفي الختام أشارت فاطمة السالم إلى أعمال المجلس من أجل دعم النساء "قمنا بنشر إعلانات توعوية لمناهضة العنف، وزيارة المنازل، ونظمنا عدة ندوات حوارية ومحاضرات كان هدفها تقوية المرأة ودعمها بعد التشتت الذي تعرضت له بسبب وجود مرتزقة داعش، وتقديم دورات تعليمة للفتيات من محو أمية وخياطة وتمريض وغيرها".