رغم أنهن أولى المتأثرات... النساء تلعبن دور في حماية البيئة

لا يمكن إغفال دور النساء المحوري في التعامل مع الأزمة البيئية وتلافي آثارها السلبية على حياتهن الخاصة، والعمل على البحث عن حلول للوقوف على ضرورة التكيف والبحث عن بدائل لتفادي تلك المخاطر.

أسماء فتحي

القاهرة ـ ألقت التغيرات المناخية بظلال تبعاتها السلبية على النساء في مختلف أنحاء العالم، وتحملت المرأة ويلاتها سواءً العاملات منهن بالقطاع الزراعي، أو وسطاء البيع في الأسواق أو حتى المستهلكات للسلع المتأثرات بارتفاع الأسعار الذي أحدث خللاً في دخل الأسر.

التعامل مع تبعات التغيرات المناخية خلال الفترة الأخيرة أخذ منحى نسوي في عدد من المؤسسات التي راحت تعلن صداقتها للبيئة وتفاديها لمسببات التلوث بشكل عام، بل أن بعضها دمج العمل على قضايا النساء بالأزمة البيئية وراح يطلق حملات التوعية التي اعتبروها داعمة للمرأة في تلك الأزمة باحثين معها عن البدائل العملية التي تحد من أزمة المناخ والتلوث البيئي.

وكان واقع الصعيد في مصر الأكثر تطوراً على الإطلاق حيث راح البعض يبحث عن مشاريع تمكن النساء من تجاوز تلك الأزمة وتساعد على تقنين الهدر من المنتجات الزراعية التي تأثرت بشكل مباشر بالتغيرات المناخية واضطراباته في الفترة الأخيرة، بل وتم تدريب النساء على استخدام بدائل في حياتهن اليومية تخفف من الضغط على البيئة.

 

تتحملن تبعات المخاطر البيئية

وقالت المحامية نور الهدى ولي الدين محمد إن النساء تتضررن بشكل مباشر من التغيرات المناخية خاصةً العاملات في المجال الزراعي مع العلم أن عدد كبير منهن مسؤولات عن إعالة أسرهن وأي اضطراب في الأحوال البيئية يتبعه تأجيل الالتزامات واضطراب معاملاتهن في الأسرة ذاتها أو الأسواق التي تعمل بعضهن بها، وذلك يؤثر على دخلهن.

وكشفت أن بعض المزارعات تعملن في دورة الإنتاج ذاتها المتعلقة بالبيع في الأسواق وعندما ضربت التغيرات المناخية بعض المحاصيل وجدن أنفسهن عاجزات عن توفير احتياجاتهن اليومية، فعملت بعضهن على البحث عن البدائل بينما قبلت أخريات بالأمر الواقع والبيع بسعر أقل مما أثر على دخلهن وقدرتهن على تلبية احتياجات أسرهن.

وأما عن ربات المنزل، أوضحت أن المرأة هي التي تتحمل أعباء الأسرة وتتعرض للعديد من الأزمات منها الغلاء الناتج عن التغيرات المناخية لذلك تذهبن للبحث عن خيارات بديلة من شأنها أن تعالج الأزمة كإتباع أسلوب الحياة الصديقة للبيئة كإعادة التدوير أو استخدام المنتجات الصديقة للبيئة والتوفير في الكهرباء والغاز والبحث عن بدائل تؤدي الغرض وتكون أقل ضرراً.

وبينت أن الضرر الذي تعرضت له النساء نتيجة التغير المناخي من صعب التعافي منه لذلك على المؤسسات النسوية والمبادرات الشابة التي تعمل على هذا الأمر العمل على توعية النساء بالمخاطر البيئية وسبل ترشيد الاستهلاك والبحث عن بدائل آمنة لذلك.

ولفتت نور الهدى ولي الدين محمد إلى أن توعية النساء تساعد في الاحتياط لأي أزمة مع البحث عن أدوات بديلة تسهل عليهن أسلوب حياة صديقة للبيئة ويقلل من المخاطر المتعلقة بالاستهلاك اليومي في المنزل.

وأشارت إلى أن المرأة يقع على عاتقها الدور الأكبر في بث المبادئ المتعلقة بالبيئة في أفراد أسرتها وتعديل من سلوكهم وهو ما يزيد من عدد العاملين على خلق أسلوب حياة صديقة للبيئة من أفراد الأسرة، كما أن المرأة تتابع التغيرات التي قد تساعدها في تغيير دورة عملها والبحث عن الاختيارات السليمة في إعادة التدوير أو مصادر الطاقة البديلة.

وعن العوائق التي تحول دون تمكين النساء في الملف البيئي، تقول إن السبب يكمن في حجبهن عن مصادر التوعية بسبب حصرهن في قالب نمطي وأماكن بعيدة عن تلك المساحات وهو ما يجعل للحركة النسوية دور مهم وضروري في تغيير هذا الواقع.

 

 

خلق مناخ صديق للبيئة في أسيوط تجربة تستحق الثناء  

بدورها قالت المديرة التنفيذية لجمعية "سوا أحلى للسكان والتنمية" بمركز أبوتيج في محافظة أسيوط أسماء مهران إن محافظة أسيوط تمتلك أهم مركزين لزراعة الرمان هما "ساحل سليم والبداري" لكن بعد التغيرات المناخية التي شهدتها المحافظة سواء من الارتفاع في درجة الحرارة أو الرطوبة، أثرت بشكل مباشر على عملية إنتاج الرمان حيث أصبح هناك هدر لكميات كبيرة منه.

وأوضحت أن التخلص من الرمان كان يتم بطريقتين أحدهما البيع بثمن بخس أو رميه في الترع والتي زادت من المشاكل الصحية والبيئة، لذلك قررت جمعية "سوا أحلى" البحث عن أساليب للتعامل مع هدر الرمان من خلال تدريب النساء على الخروج منه بمنتج لتحسين الدخل هو "دبس الرمان والحناء، وبعض الكريمات من البذور، بل والخروج منه بعلاجات للمعدة أيضاً".

وأضافت أن التغيير بدأ يظهر في الشوارع ولم يعد هناك كميات ملقاة بها كما كان في السابق لتتحسن معها أحوال النساء الاقتصادية، ولتحول الأمر لمشروع وتبعه تدريب على إعداد دراسات الجدوى وإشراكهن في المعارض المختلفة حتى لا تتأثرن بخسائر الناتجة عن التغيرات المناخية التي دفعت النساء ضريبتها.

ولفتت إلى أن هناك أزمة في محصول القمح وعدد من المزروعات الأخرى فبدأوا في تدريب النساء وأزواجهن على زراعات جديدة منها طريقة "المساطب" التي تقلل من استخدام المياه وفكرة الصوب الزراعية باعتبارها أحد الحلول الآنية التي يمكنها علاج الخلل، معتبرة أن أزمة التغيرات المناخية فرضت نفسها على الجميع وأصبحت هناك ضرورة للتعامل معها والبحث عن حلول ومخارج لآثارها السلبية بل والتكيف معها إن لزم الأمر.

وكشفت أسماء مهران أن للنساء دور رئيسي ومحوري في التعامل مع أزمة التغيرات المناخية وأنهم عملوا على تدريبهن بجمعية "سوا أحلى" في الاستخدامات اليومية وكمية الطعام اللازم للأسرة وتقليل الهدر، فضلاً عن ترشيد استخدام المياه.

وعن التقليل من الهدر في الطعام، لفتت إلى أنهن تقمن بتدريب النساء على التعامل مع بعض الخضروات ومنها الطماطم على سبيل المثال التي يمكن إخراج منها أكثر من منتج بعد تجفيفها وتحويل جزء منها لبودرة ليتثنى استخدامها في حال نقصها بالأسواق التي تتأثر بالتغيرات المناخية في الفترة الأخيرة.