'رائحة أختي لا زالت في ذاكرتي'

حلبجة كانت مدينة هادئة تشهد حياة طبيعية حتى قبل 34 عاماً، إلى أن انتشرت في أحد الأيام رائحة التفاح، ومنذ ذلك اليوم رويت آلاف القصص المأساوية

كانت أسمر فرج كويخ امرأة حامل، وكانت واحدة من مئات الأشخاص الذين لا يُعرف مصيرهم بعد قصف مدينة حلبجة بالأسلحة الكيماوية، ولا يعرف ما حل بها. ولا تزال ذكراها حية في ذاكرة عائلتها وذويها.

مهريبان سلام كاكاي

حلبجة - حلبجة كانت مدينة هادئة تشهد حياة طبيعية حتى قبل 34 عاماً، إلى أن انتشرت في أحد الأيام رائحة التفاح، ومنذ ذلك اليوم رويت آلاف القصص المأساوية، الكلمات والذكريات لوحدها لا تستطع تخفيف آلام أهل حلبجة ولا شيء يمكن أن يداوي جراح أحد من ذوي الضحايا. في مجزرة حلبجة التي تعرضت للقصف بالأسلحة الكيمياوية من قبل النظام العراقي في 16 آذار/مارس عام 1988 استشهد الآلاف ونزح الآلاف وما زال مصيرهم مجهولاً. أسمر فرج كويخ واحدة من هؤلاء الضحايا الذين لا يزال مصيرهم مجهولاً ولا يعرف عنها أي شيء. 

شقيقتها سوران فرج كويخ قالت إن "أختي لديها ابنتان وولد، كانت في منزلها وهي حامل في شهرها الأخير. في هذا الحي جميعنا نعرف بعضنا البعض ومنزل أختي في مدخل الحي، بسبب القصف الكيمياوي اختبأ جميع الأهالي في الأقبية، كان النظام العراقي يقصف محيط حلبجة والجبال المحيطة، مما أثار الخوف والرعب في نفوس الأهالي. في وقت مبكر من صبيحة يوم 16 آذار عام 1988 قصفت الطائرات العراقية مدينة حلبجة، مما أدى إلى اختناق الآلاف من الناس، ونزوح الآلاف، كما فقد أثر المئات منهم ولم يعرف عنهم شيء".

 

"اختي كانت حاملاً وتختبأ في القبو"

وقالت سوران فرج كويخ إن شقيقتها اضطرت للبقاء في القبو كونها حاملاً، "بعد ذلك لم نعد نعلم أين كانت أو ماذا حل بها، كل شخص كان يقول شيئاً ما، ولم نحصل على أية معلومة أو وثيقة تؤكد استشهادها، أو ما إذا كانت على قيد الحياة أو مفقودة أو مصابة، كل ما قالوه لزوجها أن لها قبراً، ولكننا لم نعثر على قبرها. كل ما قالوه لم يكن مؤكداً وموثوقاً، وحتى الآن لا نعلم إن كانت شهيدة أو على قيد الحياة".  

 

"أسمر بمثابة أمي"

وواصلت سوران فرج كويخ الحديث عن ذكرياتها مع شقيقتها "شقيقتي كانت بمثابة أم بالنسبة لي، هي أكبر مني، ولطالما اعتنت بي مثل أمي، تمشط شعري، تساعدني على ارتداء ملابسي المدرسية، ولا زلت أعيش حسرة عودتها يوماً ما، اسمع غالباً أنهم عثروا على طفلة، ولكنني أنتظر أن تطرق امرأة يوماً ما بابنا".

 

عانينا كثيراً من آلام ومعاناة الأنفال

قالت سوران فرج كويخ أن سنوات الأنفال صعبة جداً، "حتى الآن، كلما أتذكر ذلك اليوم، أشعر برائحة تملأ فمي، كانت شقيقتي قد زرعت شجرة توت في باحة المنزل، وقالت لنا، سيأتي يوم وتقولون إن شقيقتنا زرعت شجرة التوت هذه".