نهلة الضبع: تداول تقرير الطب الشرعي للضحية نيرة أشرف انصياع لثقافة المجتمع
أثار ما تم تداوله من أخبار حول تقرير الطب الشرعي الصادر عن حالة جثة الطالبة الجامعية نيرة أشرب التي قتلت على يد زميلها محمد عادل جدل واسع نتيجة تصدر حالة غشاء البكارة مختلف الأخبار المتداولة.
أسماء فتحي
القاهرة ـ كأننا أمام قضية تحتمل كل تلك المهاترات المثارة عن سلوك الضحية وأخلاقها واختياراتها في الحياة وما إن كانت تلائم معايير ومقاييس المجتمع الذي قد لا يفقه هو ذاته سبب وضعها الخاص بالصورة النمطية لسلوك النساء ومنها العفة والشرف والأخلاق.
قضية ذبح الطالبة نيرة أشرف كشفت الغطاء عن حالة المجتمع المزرية أخلاقياً والتي باتت تبحث بشتى الطرق عن سبب ومبرر لقاتل خطط ودبر وذبح زميلته لرفضها الزواج منه في واحد من أبشع مشاهد التعدي الآدمي على حقوق الإنسان ومساحات الغير في اتخاذ قراراتهم.
وفور صدور تقرير الطب الشرعي الخاص بتلك الجريمة راحت المواقع الإخبارية وصفحات التواصل الاجتماعي المختلفة تتحدث عن حالة غشاء بكارة القتيلة وأنها لم يتم مساسها وكأنها في حاجة للدفاع عن نفسها بعد ذبحها وهو الأمر الذي أسفر عن سؤال جوهري ماذا لو لم يكن على هذا النحو هل هذا يعد تبرئة للقاتل أو مبرر اجتماعي يبيح ذبح الفتيات علناً في الشوارع وهو الأمر الذي وجد تحفظ واسع من جميع النسويات والناشطات في مجال حقوق المرأة.
القضية لا علاقة لها بنوع القاتل أو القتيل
قالت رئيسة مؤسسة صبية لحقوق المرأة والطفل نهلة الضبع أن القضية لا علاقة لها بنوع المجني عليها وما يترتب عليه من سلوكيات لأن هذا أمر لا يؤثر على مسار الإجراءات القانونية أو القضاة، فلكل جريمة عقاب وتلك الواقعة على وجه التحديد لا تحتاج لذلك لأنها مثبتة تماماً.
وأرجعت تفسير ما يحدث للثقافة المجتمعية التي تتعامل مع قضايا النساء بشكل مختلف وتتخذ من السمعة سبباً لدرء التهمة عنها أو إلصاقها بها.
ووعي الصحفيين والإعلاميين بشكل عام بالنوع الاجتماعي وقضايا الجندر واحد من أهم أسباب تناول تقرير الطب الشرعي الخاص بنيرة أشرف على هذا النحو بحسب ما ترويه نهلة الضبع التي اعتبرت أن الأزمة تكمن في البحث عن معدل مرتفع من التداول في المواقع الإخبارية بغض النظر عن تبعات ذلك وتأثيره.
تقرير الطب الشرعي إجراء روتيني ولكن تناوله بهذا الشكل عمدي منصاع للثقافة العامة
وأكدت نهلة الضبع أن تقرير الطب الشرعي وما ورد به أمر طبيعي وتقليدي ومعتاد وفي حالة كونه صادر بشأن امرأة يتطرق عادة إلى وضعها سواء كانت حامل أو وقع عليها الاغتصاب وما إلى ذلك من تفاصيل بينها ومنها وضع غشاء البكارة للفتيات في حال عدم زواجهم.
واعتبرت أن خروج التقرير للعوام ولغير مختصين أو المعنيين بالقضية على هذا النحو هو المستحدث نظراً لما تم تداوله بشأن سلوكيات الضحية من بعض المدافعين عن القاتل والتي تعد انتهاك صارخ لحرية الآخر وخصوصيته، بل وتقنين عملية البحث عن مبرر للمجرمين مستقبلاً وهو ما يصنف انصياع للشكل الذي صاغه المجتمع وفق ثقافته لمسار النساء وتعاملاتهم وفق حدود الوعي التقليدي.
وأشارت إلى أن "نبش" سمعة النساء والبحث في أخلاقهم واحد من أهم أدوات المجتمع للدفاع عن الأفكار الرجعية بل وجوانبها الأبوية السلطوية في مواجهة كل من يحاول الانتصار لحق المرأة في تقرير مصيرها بل والتنعم بالأمان بغض النظر عن شكلها أو ملبسها أو ما يخالف المقاييس الدراجة لها مجتمعياً.
ماذا لو كانت نيرة أشرف على علاقة بالجاني وثبت ذلك؟
قالت نهلة الضبع أنها علمت أن والد نيرة أشرف ومحاميها وراء خروج تفاصيل تقرير الطب الشرعي الثابت لعذريتها، مؤكدةً أنهم يسعون لتبرأة ابنتهم من تهمة لا محل لها من النقاش على أرض الواقع، ولن تفيد أو تضر بسير التحقيقات المرتبطة بجريمة توافرت بها كامل الأركان مما استدعى الحكم بالإعدام على المتهم في محكمة الجنايات.
وطرحت تساؤل هو الأكثر أهمية فيما يتعلق بتقرير الطب الشرعي للطالبة نيرة أشرف "ماذا لو ثبتت علاقة الضحية بالقاتل هل هذا يبرر ذبحه لها"، معتبرةً أن الأمر يحتاج لقدر من التعقل في التعاطي مع تلك الجريمة فمهما كانت فعلة الضحية فإن الشخص المعتدي واعي وكامل الأهلية ويمكنه أن يقيم حجم الابتزاز والاستغلال في حال حدوثه وهذا لا يعفيه من العقوبة على جريمته.
وأوضحت أن التبرير بسوء سمعة الضحية هو أبشع ألوان الدفاع عن المجرمين، مؤكدةً أن ما يحدث في تلك القضية نتاج ثقافة تتعامل مع النساء كونهن درجة ثانية ويرونهن فقط غشاء بكارة وسمعة، وهنا يقع على كاهل النساء عبء الإيمان القطعي بأن لهن حقوق وعليهن واجبات لا تختلف عن أي ذكر في هذا المجتمع.
وأشارت نهلة الضبع، إلى أن القضية إجمالاً كشفت عن الكثير من الأزمات التي تشكل عبء على النساء فخروج مكالمات الفتاة الخاصة ورسائل الواتساب أمر بالفعل مخيف، مشددةً على أن المجتمع أمام قضية توافرت بها كامل الانتهاكات وعلى جميع المستويات للضحية سواء فيما يتعلق بحياتها الخاصة أو محاولة الإساءة لها أو حتى في محاولة تبرئتها بهذا التقرير المشين في الواقع لمن يحرص على نشره ويساهم في تداوله.