ناشطة تؤكد على ضرورة اتحاد الشعب الكردي ضد الأنظمة الحاكمة

شددت الناشطة رزان محمد سعيد المعروفة باسم رزان قصاب، على ضرورة اتحاد الشعب الكردي ضد الأنظمة الحاكمة لمنع الاضطهاد والظلم، وتحقيق المساواة بين كافة شرائح المجتمع.

جوان كرمي

مركز الأخبار ـ في 16 آذار/مارس 1988، تعرضت مدينة حلبجة بإقليم كردستان لهجوم كيماوي في إطار حملة الأنفال التي نفذتها الحكومة العراقية ضد الشعب الكردي وذلك بعد 48 ساعة من سيطرة الجيش الإيراني على المدينة.

وحول القصف الكيماوي على مدينة حلبجة وتداعياته وتكرار تلك الممارسات بتسميم الطالبات في إيران وشرق كردستان لمشاركتهن في الانتفاضة الشعبية، كان لوكالتنا حوار مع الناشطة رزان محمد سعيد من مدينة حلبجة بإقليم كردستان، وهي إحدى النشطاء الذين لم يتجاهلوا هذه المأساة وحاولت التعبير عن معاناة الضحايا وأهل المدينة والأمة المقاومة من خلال الفن كونها أيضاً رسامة وشاعرة ومعلمة.

 

يعد الهجوم بالأسلحة الكيماوية على حلبجة من أكبر الهجمات في التاريخ، برأيك لماذا يتم استهداف الكرد، وكيف كان تأثير الكارثة عليكِ وعلى عائلتكِ وأقاربك؟

بينما كنا نطالب بحقوقنا المشروعة تعرضنا للقمع والإبادة الجماعية بأبشع الطرق من قبل الأنظمة العراقية المتعاقبة، وكان أعنف هذه الأنظمة هو النظام البعثي لصدام حسين، الذي استخدم أسلحة الدمار الشامل مثل النابالم وحتى الفوسفور وهي أسلحة محظورة دولياً، ضد الشعب الكردي منذ السبعينيات وما بعدها.

قبل عام أو عامين من الكارثة المؤلمة للقصف الكيماوي على حلبجة، كان على جزء من العائلة أن يعيش في السليمانية بسبب الظروف السياسية والعسكرية غير المواتية في المدينة، بينما اضطر الجزء الآخر إلى البقاء في حلبجة. أثناء القصف الكيميائي كان شقيقاي اللذان كانا هاربين لأنهما لا يريدان الانضمام إلى جيش البعث والمشاركة في الحرب ضد الحركة الكردية أو الحرب العراقية الإيرانية، يعيشان في حلبجة.

للأسف تضررت أعينهم بشدة. ذهبا مع عائلة عمي إلى حدود إيران وتشردوا مثل غيرهم من سكان حلبجة. لم نسمع عنهما شيئاً لعدة أشهر وكنا نعتقد أننا لن نراهما مرة أخرى لأننا اعتقدنا أنهما توفيا. كان الوضع مؤلماً للغاية، لقد فقدنا ما بين 50 ـ 60 من أقارب أمي.

لقد عانينا من الكثير من المصاعب. بعد عودة شقيقاي، استغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى يعودا إلى أوضاعهما الطبيعية عقلياً وجسدياً واستعادة صحتهما. إن مجزرة حلبجة هي الأكثر إيلاماً ومأساوية حدثت للكرد على الإطلاق.

 

كيف كان أثر الكارثة على النساء والأطفال وكبار السن، وهل لا يزال الشعب الكردي يتعرض للإبادة؟

عندما يتم استهداف المدنيين والعزل فهذه جريمة وانعدام الأخلاق لدى المعتدي في الحرب، لأن النساء والأطفال وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة ليس لهم دور في قرار الحرب وهم أبرياء. على سبيل المثال، كان هناك موضوع آخر أثر بشكل كبير علينا وهو وفاة جدتي في منزلها نتيجة القصف الكيماوي لأنها لم تقبل مغادرة المنزل. عندما وصلت مروحية من إيران، حاولت أسرة عمي وأشقائي جاهدين اصطحاب جدتي على متن المروحية وأخذها معهم، لكنها رفضت ذلك وقالت أنها تريد أن تموت في منزلها، وبعد فترة طويلة تمكنا من العودة إلى حلبجة مع سكان المدينة، اكتشفنا أنه وفقاً لإرادتها تم دفنها في منزلها ومن ثم قررنا نقل قبرها إلى مقبرة ضحايا القصف.

إن إبادة داعش للإيزيديين، وهجمات تركيا الكيماوية على إقليم كردستان وروج آفا كل هذه الحقائق تخبرنا أن الأنفال لا تزال مستمرة ومثل هذه المآسي تتكرر. طالما يستمر الاحتلال ويتم تفسير الدين لصالح القوى المهيمنة، فإن الأنفال والإبادة الجماعية ستستمر. يجب أن يتحد الشعب الكردي بكل أفكاره ومعتقداته وقواه ضد الغزاة حتى لا يتبقى للأعداء فجوة يتسللون منها بيننا.

 

كيف تقيمين دور حكومة إقليم كردستان والحكومة العراقية في عدم اعتراف المجتمع الدولي بأنها إبادة جماعية للشعب الكردي بالرغم من أن المحكمة الجنائية العليا في العراق اعترفت بذلك؟

في الآونة الأخيرة، اعترفت السويد بمأساة حلبجة على أنها إبادة جماعية، كما عقدت الحكومة الألمانية والبرلمان الألماني عدة اجتماعات في هذا الصدد. لكن بشكل عام، أعتقد أن سبب إهمال المجتمع الدولي هو أن الدول المحتلة لكردستان تكثف جهودها مع الدول الأوروبية لعدم الاعتراف بحقوق الكرد في قوانينها وفي المجتمع الدولي، وهم يريدون قمع الشعب الكردي بالتزام الصمت لئلا يصبح عقبة أمام احتلاله في المستقبل وينتهي به الأمر إلى الإضرار به. من ناحية أخرى، تحاول حكومة إقليم كردستان دائماً الضغط على الدول والحصول على الدعم لإيصال صوت الكرد، لكن العوائق القائمة أكبر من قوة هذه الجهود.

 

بصفتكِ شاعرة ورسامة، ماذا يمكن للفنانين أن يفعلوا من أجل الاعتراف بالإبادة الجماعية؟ وما هي أعمالكِ التي تعبر عن مأساة حلبجة؟

لسوء الحظ، كانت ردود الفعل والمواقف التي رأيناها حتى الآن في إطار المواقف السياسية وقائمة على المصالح السياسية. تم كتابة العديد من الكتب وعقدت الندوات. على سبيل المثال، حتى الآن لا يوجد سوى عدد قليل من الأفلام للكرد أنفسهم حول الإبادة الجماعية، وهو برأيي غير كاف، وكان من المفترض أن يتم إنتاج عدة أفلام رفيعة المستوى عن تلك الأيام السوداء حتى لا تتكرر مثل هذه الإبادة كالهولوكوست التي أصبحت موضوعاً لعدة روائع فنية.

من المشاريع التي شاركت فيها حفل الذكرى الأولى للقصف الكيماوي على حلبجة. في ذلك الوقت، كنت أقضي سنتي الأولى كطالبة في جامعة السليمانية للفنون الجميلة، وشاركت في الحفل بعدة لوحات تجسد الكارثة، كانت هناك مشاهد مأساوية لها تأثير كبير عليّ، وأردت رسم لوحات مثل الولاء للمدينة والأرض التي ولدت فيها. لحسن الحظ، على الرغم من كونها بداية عملي الفني، فقد لقيت هذه اللوحات إقبال جيد. سعيدة جداً كوني حاولت أن أكون صدى صوت سكان مدينتي، ولا تزال هذه القضية واحدة من تلك القضايا التي أفتخر بها. كما أنني أعمل على مشروع إصدار ديوان شعر يتحدث عن تاريخ حلبجة.

 

منذ كانون الأول الماضي، تستخدم الحكومة الإيرانية الهجمات البيولوجية والكيماوية ضد طالبات المدارس في إيران وشرق كردستان، ما هي العلاقات التي ترينها بين هذه الهجمات؟

من خلال الهجمات على مدارس البنات، يريد النظام الإيراني الانتقام من الشعب الكردي بسبب اندلاع الانتفاضة الأخيرة من شرق كردستان رداً على مقتل الشابة الكردية جينا أميني، ولهذا السبب يحاول معاقبة الكرد. إذا وضعنا أمام أعيننا أن مدارس البنات تستهدف لحرمان فتياتنا من التعليم والتدريب، فهذا سيجعلنا في المستقبل أمهات جاهلات وأميات، الأمر الذي سيكون له أثر سلبي على تعليم وتربية الفتيات. إنهم يريدون أن يجعلوا الطريق إلى أهدافنا أطول، وكل هذا يتم في اتجاه تدمير أمة يبلغ عدد سكانها خمسين مليون نسمة. لذلك يجب على الشعب الكردي إثبات مقاومته بطرق مختلفة.