ناشطة سودانية تنتقد الموقف الفرنسي من انتهاكات حقوق النساء

ترتفع إحصائيات حالات العنف ضد النساء السودانيات، في ظل غياب محاسبة الجهات التي تنتهك حقوق الإنسان وتمارس الاساليب المرعبة التي تستهدف النساء جسدياً ونفسياً.

أفراح شوقي

باريس ـ لم تزل محنة السودانيات هي الأكبر والأكثر دماراً والتي هي نتيجة الحرب الأهلية الدائرة في السودان منذ نحو عامين ولاتزال، ولعل الكثير من قصص النازحات والناجيات ممن تعرضن للعنف والاغتصاب وفقدان الأهل لم يجر تدوينها بعد، أو رصد أعدادها. 

الأوضاع الصعبة في السودان متلاحقة والاستجابة لاستغاثة النساء ضعيفة جداً كما تقول المحامية والناشطة في ميدان حقوق الانسان نجلاء محمد علي المقيمة في باريس حالياً، والتي ترى أن "القضية السودانية لا تحظى بالاهتمام الكافي من قبل المجتمع الدولي، ولم توفر السبل الكفيلة لتسهيل وصول العوائل السودانية وقبول ملفات اللجوء برغم كل تلك القصص المرعبة التي تحيق بهذه العائلات، والمخاطر التي تعرضت لها خلال الطريق ورحلة النزوح الصعبة".

وأضافت "من المؤسف أن الواقع الأمني والصحي مزري للغاية في السودان، ويزداد خطورة خاصة على النساء والأطفال مما يستدعي من الجميع تسليط الضوء عليهم وسماع استغاثتهم، هناك نساء خرجن مشياً لمسافات بعيدة باتجاه اثيوبيا وتشاد واوغندا وليبيا ومصر، وكذلك للتوجه نحو العاصمة الخرطوم كنزوح الداخلي، ولم يكن ذلك سهلاً أيضاً، هناك نساء فقدن أطفالهن خلال رحلة النزوح، وأخريات خرجن من جنوب السودان مشياً نحو ارتيريا لمسافات طويلة، وتعرضن لعنف كبير فنساء من الجزيرة تعرضن للقتل والاغتصاب والاحتجاز من قبل الجماعات المسلحة، أما النساء في اثيوبيا تعرضن للضرب والرعب من قبل الجماعات المسلحة كما في حادثة (غابة اولالا) في إقليم أمهرة والتي تحولت الى سجن كبير لأكثر من ستة آلاف من اللاجئين السودانيين وافتقرت للدعم سواء من الحكومة الاثيوبية أو الأمم المتحدة، كما أن النساء في مناطق دارفور والجنينة ونياله والفاشر لازلن تعانين من الحصار حتى وهن في معسكرات النزوح، وكذلك النساء في  معسكر أبو شوك وهن يحاولن الهرب من الاخطار المحيقة بهن".

ولفتت إلى تقرير نشر مؤخراً يتحدث عن 11 أسرة فقدت جزء من أفرادها وأطفالها وهي في صحراء ليبيا، ونساء توفين خاصة الكبيرات بالعمر "من المؤسف أنه تصلنا مطالب كثيرة للنجدة من نساء تعرضهن للعنف والاغتصاب، إذ لدينا تواصل مع ناشطات سودانيات موجودات في معسكرات النزوح وناجيات، يروين  قصصهن ، إضافةً لتقارير تأتينا من غرف الطوارئ ولجان المقاومة والتكايا، لكنها لا تجد من يسمعها ويقدم لها الدعم".

وحول وجود إحصاءات عن أعداد النساء اللواتي تعرضن للعنف والأذى بينت أنه "ليس هناك إحصاءات دقيقة، مثلاً النساء اللواتي فتحن بلاغات وسجلن شهاداتهن يمثلن اثنان في المئة فقط إذ ليست كل البلاغات تصل الشرطة، هناك حوامل فقدن حياتهن وأطفالهن بسبب غياب الدعم الصحي".

 ولدينا معلومات عن قرارات لوزارة الداخلية الفرنسية تدعو لتقليص قبول دعوات لم الشمل، وأنا قدمت طلب لدعوة ابنتي التي تعيش وسط الحرب في الخرطوم اليوم لكن تم رفضها، ومن يصل إلى الأراضي الفرنسية يكون عن طريق الهجرة غير المنظمة عبر البحر وهي طريقة محفوفة بالمخاطر لكنها جزء من تداعيات الحرب".

أما عن وجود منظمات سودانية في فرنسا لتقديم الدعم للعوائل القادمة من السودان فقالت "الروابط الاجتماعية تساهم في تقدم بعض الدعم المحدود ، لكن لا توجد أي منظمات إنسانية تهتم بحقوق النساء، ما نعرفه أنه توجد منظمات أو تجمعات سودانية تطوعت لاستقبال الناجين من العنف ومحاولة استقبالهم وتقديم بعض الدعم والمساعدات والنصح والإرشاد لكنها غير منظمة، مثل منصة بنيان المعنية بحقوق النساء ومشاركاتهن السياسية، وتقديم النصح".

وأوضحت أنه "نحاول بالقدر الذي نملكه تنظيم التجمعات والتظاهرات لأجل دعم المدنيين في السودان وخاصة النساء والأطفال إذ نظمنا مؤتمرين أحدهما في اوغندا بمشاركة مجاميع كبيرة، ومؤتمر آخر لقضايا التعليم، ونصرة النساء تزامنا مع احتفالات  8 مارس، بمشاركة أصدقاء عرب وفرنسيين, وكذلك نظمنا تظاهرة وسط باريس مؤخراً ضد انتهاكات الدعم السريع في معسكرات زمزم والفاشر بسبب عدد الضحايا من النساء، إضافة إلى مبادرة (الواحد يورو) التي سعينا من خلالها لجمع التبرعات للشعب السوداني وقد لاقت نجاحا كبيراً".

واختتمت الناشطة في ميدان حقوق الانسان نجلاء محمد علي حديثها بالإشارة إلى العديد من التقارير التي تصدرها المنظمات واصفة إياها بـ "المرعبة" عن حالات العنف الجنسي للنساء، لافتةً إلى أحدث تقرير قدمته مولانا روضة إدريس عبد القادر عضو اللجنة الوطنية للتحقيق في جرائم وانتهاكات القانون الدولي الإنساني في السودان.

يذكر أنه وثق تقرير وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل 1392 حالة عنف جنسي ارتكبتها قوات الدعم السريع منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023 وقد بلغ عدد الدعاوى الجنائية المسجلة أمام اللجنة في جميع الولايات 120376 دعوى، تم الفصل في 3787 منها، مع العلم وبحسب التقرير نفسه أن الأرقام المُوثقة لا تمثل سوى 2% من الواقع.