منى القندح... الأم الروحية في مخيمات دير حسان بإدلب

"أم المساكين، مختارة المخيم، الأم الروحية" تسميات أطلقها ساكني مخيمات دير حسان في إدلب

سهير الإدلبي
إدلب ـ ، على إحدى النساء الأرامل القاطنات هناك والتي لم توفر جهداً في مساعدة الحالات الإنسانية ومد يد العون بالرغم من ضعف إمكانياتها المتاحة.
منى القندح (46) عاماً من نازحي مدينة معرة النعمان ولديها عشر أبناء، تعيش في مخيمات دير حسان منذ نزوحها عن مدينتها أواخر 2019، تمتلك رغبة كبيرة في مساعدة من يلجأ إليها من الأرامل والأيتام والمعاقين والحالات الإنسانية المتعددة.
تقول منى القندح أن أوضاع مخيمهم مأساوية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فالفقر والمرض هما العنوان العريض لأهالي المخيم ومعظمهم من النساء الأرامل والمعيلات ممن ضاقت بهم الحياة.
فقدت أحد أبنائها خلال القصف الذي طال مدينتها، واضطرت للاعتماد على أبنائها الذين تخلوا عن دراستهم واتجهوا للعمالة من أجل الإنفاق على أمهم وأخوتهم الصغار، "يؤلمني رؤية نساء لا معيل لهم، أحاول تفقدهن بين الحين والآخر، وأرى في كثير من الأحيان افتقار خيامهن لكسرة خبز يطعمنها لأطفالهن، عدا عن حاجتهن للأدوية التي لا يملكن ثمنها ولا تستطعن تأمينها".
تحاول منى القندح جمع تبرعات من أهالي المخيم لمساعدة الحالات الإنسانية المتعددة التي تلجأ إليها والتي لم يكن حالها بأفضل منهن، فتعمل على تأمين ما يلزم لتلك العوائل من الغذاء أو اللباس أو الدواء أو حتى مواد التدفئة.
كثيراً ما يرى القاطنين في ذاك المخيم المنسي تجمهر الأطفال الأيتام حول منى القندح التي تشتري لهم بعض الحلوى والبالونات لتشعرهم بالسعادة والفرح، تقول إن "حصوة بتسند جرة" وهي تعبر عن ضعف المساعدة التي يمكنها تأمينها للعديد من الحالات ولكنها تبقى أفضل من "لا شيء" على حد تعبيرها.
صبحية العربو، امرأة مكفوفة في العقد الخامس من عمرها، تقيم مع أختها المعاقة في مخيمات دير حسان، تلجأ لمنى القندح في كثير من الأحيان حين تشعر بالحزن والأسى لحالها وأختها "إن لم تستطع مساعدتنا مادياً بجمع التبرعات من أهالي المخيم يكفي أنها تقدم لنا دعماً نفسياً، كم بتنا بحاجة إليه لنشعر بوجود من يهتم بأمرنا ويشعر بآلامنا وسط كل التهميش والإهمال الذي نعيشه هنا".
وأشارت إلى أنها لا تحصل على أي دعم أو كفالة من أي منظمة مجتمع مدني رغم إعاقتها وافتقادها المعيل، وتعيش على ما يقدمه الأهالي لها من مساعدات بشكل فردي تطوعي.
من جهتها ترى سعاد البرهوم (28) عاماً وهي إحدى أرامل المخيم ولديها ثلاث أبناء أن منى القندح تمثل المرشدة النفسية والاجتماعية للنساء وهي ذاتها تلجأ إليها لتشكو همومها فتسمعها وتصغي إليها وتساعدها على حل مشاكلها وتقبل واقعها بالنصح والإرشاد.
وتقول "حين أشعر بالضيق مما أواجهه من ظروف صعبة وسط النزوح والفقر وفقدان المعيل وقلة فرص العمل، أجد نفسي بحاجة لأشكو همومي لشخص أثق به ويتقبل شكواي ويدعمني فلا أجد أمامي خيراً من جارتنا أم المساكين التي تكتم أسرارنا وتمنحنا قوة وعزيمة في مواجهة واقعنا الصعب".
وتروي سهام الحجي (30) عاماً، إحدى المواقف التي ساعدتها من خلالها مختارة المخيم كما تصفها "مرض طفلي الرضيع وأصيب بالتهاب قصبات ولم أستطع اصطحابه للطبيب أو شراء الدواء لضعف امكانياتي المادية التي بالكاد تمكننا من شراء كيس الخبز اليومي، فلم أجد ما أفعله سوى أن ألجأ لأم المساكين التي أعطتني بعض الأعشاب الطبية مما ساعد على شفاء الصغير دون الحاجة لمراجعة الطبيب أو المراكز الطبية البعيدة عن المخيم".
وأوضحت أنها "لا تتوانى عن تقديم الاستشارة والنصح والعون لكل من يحتاجه، كم بتنا بحاجة لأمثالها، إنها الوجه المضيء للمخيم والذي يشعرنا أن الدنيا ما زالت بخير".