مبادرات عديدة اثبتت جدارة المرأة في التصدي لجائحة كورونا

على الرغم من سرعة تفشي فيروس كورونا وتركه لآثار صحية ونفسية على الإنسان، إلا أن المرأة نججت في إطلاق مبادراتها الخاصة التي شملت كافة الأصعدة، وتصدت لهذا الفيروس الذي أصبح وباءاً عالمياً.

مركز الأخبارـ
 
مؤسسات نسائية تبادر بصنع الكمامات
لم تأبى المرأة أن تقف مكتوفة الأيدي في وقت تواجه فيه الحكومة التونسية هذه الأزمة الصحية، فقررت مصممة الأزياء التونسية خلود القاسمي التي لم تتجاوز الخامسة والعشرين من عمرها الاعتزال عن عالم الموضة، وتحويل ورشتها الفنية التي اعتادت فيها صنع تصاميمها إلى مصنع صغير لإنتاج الكمامات الطبية الواقية، ومساعدة أبناء بلدها بعد تصاعد وتيرة العدوى وانتشار الفيروس في كافة أنحاء محافظات تونس.
باشرت خلود القاسمي بإجراء بحث حول كيفية صنع الكمامات الطبية الواقية بطريقة سليمة تضمن حماية مستخدميها، مستفيدةً من شهادتها الجامعية في علم الأحياء، فعند ذهابها لشراء الكمامات من الصيدلية ولم تجدها، ورؤيتها للناس يتجولون دون حماية وقائية لهم، فكرت في إنتاج كمامات واقية وتوزيعها على الناس بالمجان.
وحرصت خلود القاسمي على إنتاج كمامات مطابقة للمعايير الصحية، واستخدمت في الكمامة الواحدة ثلاث أنواع من الأقمشة التي تضمن سلامة مرتديها.
كما بادرت الناشطة العراقية رئيسة مؤسسة المظلة لحقوق الإنسان نادية محمد العزاوي بصنع الكمامات يدوياً وتوزيعها بالمجان على الأشخاص والأحياء الفقيرة. 
العمل الإنساني الذي أبدته نادية محمد العزاوي دفع عدداً من الجهات المسؤولة للتعاون والمساهمة في إطلاق مبادراتهم، حيث فتحت مديرية رياضة وشباب كركوك أبوابها أمام المتطوعين وآلات الخياطة الخاصة بهم للعمل في مساحة واسعة، وليتم توزيعها أيضاً على الكوادر الطبية في المستشفيات ورجال الأمن في الطرقات.
وفي مناطق شمال وشرق سوريا أطلقت مبادرات عديدة بعد إعلان الإدارة الذاتية حظر تجوال في23آذار/مارس 2020، وانتشرت قوى الأمن وقامت لجان من بلديات الشعب والصحة بعمليات التعقيم وتنظيف ومراقبة للأسواق، بادرت ورش عمل ومشاغل نسائية عديدة كانت للخياطة بصناعة الكمامات.
حيث بادرت العاملات في مشغل آماركي للخياطة في 11نيسان/إبريل 2020، بصنع الكمامات ووزعتها لجنة الاقتصاد التابعة لمؤتمر ستار في عدة مناطق من مقاطعة قامشلو، كما سلمت لجنة اقتصاد المرأة في مقاطعة قامشلو في إقليم الجزيرة 17 ألف كمامة للجنة الطوارئ التابعة لخلية الأزمة في شمال وشرق سوريا.
وفي مدينة منبج قدمت لجنة المرأة بالتنسيق مع لجنة الصحة مبادرة لصنع الكمامات في مشغل الشهيدة ساكنيه عسلية لتوزيعها على قوى الأمن الداخلي.
 
مبادرة نسوية في إعداد وجبات طعام
تضاعفت الأعباء على العاملين في القطاع الطبي والصحي من الأطباء والممرضين، الأمر الذي أدى إلى دفع المرأة إلى تقديم المساعدة والدعم لتخفيف هذا العبء، حيث شاركت ملكة ماليزيا تونكو عزيزة أمية ميمونة إسكندرية في طهي وجبات الطعام من تلقاء نفسها، وتقديمها إلى الأطباء وطاقم التمريض والعاملين في مستشفيات العزل الصحي لمرضى كورونا، كما ساندتها ابنتها الأميرة تنكو بترو أفزان أمينة بتحضير عدد من الأكلات المحلية يومياً وتوزيعها على المستشفيات التي تقدم العلاج لمرضى كوفيد ـ19 . 
وفي لوس أنجلوس قامت الأميرة ميغان ماركل بتجهيز وتوزيع وجبات مخصصة طبياً للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة في لوس أنجلوس.
وانخرطت الإعلامية القطرية إيمان الكعبي في الأعمال التطوعية، وتوزيع المواد الغذائية على العمال في مناطق الحجر الصحي، وتوزيع عدد من المنشورات والفيديوهات التوعوية التي تشمل إرشادات التعامل مع فيروس كورونا. 
وقد ساعدت هذه المبادرة في تحفيز مبادرات إنسانية أخرى لمساعدة المصابين وغير القادرين، وتخطت ذلك إلى مساعدة الجهات المسؤولة في الدول ورجال الأمن والأطباء.
 
مبادرات اجتماعية وحملات توعية
تفاعلت رئيسة مجلس أمناء مؤسسة "أهل مصر" المصرية هبة السويدي مع أبناء شعبها المصريين في التصدي لوباء كورونا، وأطلقت مبادرة "خليك في البيت" والتي عملت على بث الإعلان للمبادرة وتشجيع الشخصيات العامة للمشاركة فيها لحث المواطنين على أتباع الإجراءات الوقائية والبقاء في المنزل، نظراً لخطورة وسرعة انتشار الفيروس. كما أعلنت التكفل بتجهيز خمس غرف عناية مركزة متكاملة، وتوفير 30 جهاز تنفس صناعي لمصابي كورونا، وتقديم أقنعة للوجه مصنعة محلياً، لحماية الأطباء والمصابين من عدوى كورونا.
ومع ارتفاع معدلات الوفيات في أغلب دول العالم بسبب فيروس كورونا، أطلقت في مصر أيضاً مبادرة نسوية من قبل عضوة نقابة المعلمين جيهان مختار في محافظة قنا لتوعية النساء ومنعهن من التجمع في مراسم العزاء وجلسات الفرح من أجل الحد من انتشار فيروس كورونا.
ولم تتوانى المرأة السودانية في تصدرها الصفوف الأمامية لمواجهة جائحة كورونا، بعد دورها البارز في الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير عام 2019، فقد كرست الطبيبة إسراء عثمان جهودها في مكافحة هذا المرض، من خلال المساعدة في تجهيز مراكز العزل وتوفير الإمكانيات اللازمة له، وتزويد المستشفيات وغرف الطوارئ بأجهزة التنفس.
كما أطلقت دوقة كمبردج ويليام وكيت حملة تحت اسم "إيفري مايند ماترز" للمساهمة في تقديم الخدمات الصحية للأشخاص الأكثر عرضة لخطر المعاناة من سوء الصحة العقلية خلال تفشي الفيروس.
 
جينيفر هالر... أول متطوعة لتجربة لقاح كورونا
تمتعت جينيفر هالر بالشجاعة والقوة في مختبر سياتل في الولايات المتحدة الأمريكية، عندما أقدم أحدى الخبراء بحقن كتفها الأيسر بلقاح تجريبي للفيروس المستجد كوفيد ـ19، وتعد أول شخص في العالم تتلقى لقاحاً محتملاً للعلاج، على الرغم من المخاطر التي ربما قد تنطوي عليها، وتشمل التجربة العلمية التي يجريها علماء معهد كايزر برمينانت واشنطن للبحوث الصحية، على حقن جرعتين من لقاح تجريبي خلال 28 يوماً، ثم يتم إجراء المراقبة والتحاليل والفحوصات على مدار عام.
تعمل جينيفر هالر في إحدى شركات التكنولوجيا الناشئة، التي وجهت دعوة للمتطوعين للمشاركة في التجربة التاريخية وعقدت العزم على الاستجابة والمشاركة، والتي قامت بتدوين ملاحظات بأي أعراض تصيبها بشكل يومي على مدار الأسبوعين المتتاليين للحقن باللقاح المحتمل والذي تم في 16 مارس/آذار عام 2020.
ووصفت الأعراض التي أصابتها في اليوم الأول والتي فيها تعرضت لارتفاع في درجة الحرارة بنسبة قليلة، وفي اليوم الثاني شعرت بألم شديد في ذراعها الأيسر. 
 
هبة مصطفى... عالمة مصرية ساهمت في تطوير اختبار كورونا
استطاعت العالمة المصرية هبة مصطفى التي التحقت بأهم المراجع الصحية "جونز هوبكنز" فهم انتشار وباء فيروس كورونا، وقد درست أعراضه وطورت أحد أسرع الاختبارات وأدقها لتشخيص الإصابة به خلال دقائق.
هبة مصطفى، عالمة أوبئة، وأستاذة في علم الأمراض الفيروسية بجامعة جونز هوبكنز، عملت على تطوير اختبار مخبري لتحليل العينات والمادة الوراثية للفيروس PCR، حيث كانت الاختبارات التشخيصية مقتصرة على مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها CDC، وبعدها تؤخذ الاختبارات إلى المركز الرئيسي في الولاية الأمريكية.
ويعد الاختبار الذي أجرته العالمة هبة مصطفى متوفر فقط للمرضى في المستشفيات التابعة لكلية الطب بجامعة جونز هوبكنز والذي يشمل مستشفيات مدينة بالتيمور ومقاطعة هوارد ومقاطعة مونتغمري بولاية ميريلاند.
بخبرتها العلمية، استطاعت معرفة أعراض الفيروس الذي اجتاح دول العالم بسرعة فائقة بأنه شبيه بفيروس سارس الذي انتشر في عامي 2002 ـ2003، وبأن فيروس كوفيد ـ19 يسيطر على الأشخاص الذين يعانون من ضعف مناعي أو أمراض أخرى تتعلق بالجهاز التنفسي.
 
إيلينا ساميشينا تبتكر طرق التشخيص بالأشعة المقطعية
استطاعت مرشحة العلوم الطبية وكبيرة أطباء المستشفى بموسكو إيلينا ساميشينا الكشف بطريقة فعالة لمعرفة المصابين بفيروس كورونا المستجد من خلال التشخيص بالأشعة المقطعية، الذي يكشف عن أعراض مميزة للمرض تشبه "التأثير في زجاج بلوري".
وبطريقة التشخيص هذه "الأشعة المقطعية" يمكن الكشف عن إحدى المراحل الأربع المتدرجة صعوداً من الالتهاب الرئوي، في المرحلتين الأولى والثانية يتم إرسال المرضى للعلاج في المنزل، أما في الثالثة أو الرابعة من تقدم الإصابة يتم إدخال المرضى فوراً إلى المستشفى.
 
مبادرات لتخفيف وطأة العزل وضغوطه
بعدما خيم الصمت وخلت الشوارع من المارة لتطبيق الحجر المنزلي بسبب فيروس كورونا، قامت عازفة الكمان المتجولة سارة جرانت بتقديم عرض موسيقي متجول في أحياء نيو أورليانز الأمريكية، لتخفيف وطأة العزل عن سكان المدينة. 
كانت سارة جرانت بعرضها الموسيقي أول امرأة استطاعت أن تبادر وتدخل الفرح والبهجة إلى قلوب الناس في ظل الخوف والجزع اتجاه الجائحة التي انتشرت بسرعة هائلة في معظم مقاطعات أمريكا.
وفي فرنسا، حولت الرسامة آجنيس جويت نشاطها لداخل المنزل ومتابعة هوايتها "الرسم" بحثاً عن الإلهام، بعد أن طالبت الحكومة الفرنسية من سكانها الالتزام بالحجر المنزلي تفشي الفيروس. وقد استطاعت الرسامة آجنيس جويت تحديث ألبوم رسوماتها بالألوان المائية، وأن تبدع في اختيار الألوان.
 
نجوى الاصبحي... أول امرأة تقدم مبادرة لحماية الحيوانات
لم تكتف المرأة بالمبادرات التي تحمي البشرية من وباء كورونا، بل استطاعت أن تطلق المبادرات التي تحمي الحيوانات أيضاً، حيث حصلت الطبيبة البيطرية الأردنية نجوى الأصبحي على تصريح مرور يستثنيها من قرار الحظر الذي أقرته السلطات الأردنية لمواجهة فيروس كورونا، كما اتخذت تدابير وقائية كالتعقيم وارتداء القفازات والكمامة للوقاية وحماية نفسها من تأثير العدوى، إذ يتركز عملها على إسعاف الحيوانات الأليفة وتأمين الغذاء والدواء لها، وبحسب طبيعة العمل يتطلب هذا العمل الذهاب لبيوت مربيها.
تحتاج الحيوانات الأليفة التي تضررت بشكل كبير بسبب ظروف الحجر الصحي إلى رعاية صحية، لذلك استقبلت نجوى الأصبحي عشرات الحالات يومياً، وكانت مبادرتها اتجاه حماية الحيوان أول مبادرة نسوية، وحذرت من رمي الحيوانات الأليفة في الشارع بحجة خوف أصحاب تلك الحيوانات من إصابتهم بفيروس كورونا.
 
المرأة القيادية أكثر التزاماً بمعايير السلامة
تبينت استجابة ملحوظة واحتواء لفيروس كورونا بالنسبة لـ "تايوان ونيوزيلندا وألمانيا" ولبعض الجزر، والسبب في ذلك نجاح النساء القياديات اللواتي أخذن الحيطة واستطعن اتخاذ التدابير السليمة والالتزام بمعايير السلامة، ففي وقت تزايدت عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا في جزيرة شرقي جزر الأنتيل إلى الشرق من بورتوريكو، خاطبت رئيسة الوزراء سانت مارتن "سيلفيايا جاكوبس" شعبها الالتزام بالأساليب الوقائية والتباعد الاجتماعي، إضافة إلى الالتزام في البيوت، إذ لم يكن لدى مراكزها الصحية سوى سريرين في وحدات العناية المركزة.
وفي الدنمارك، أغلقت رئيسة الوزراء ميت فريدريكسن حدود الدولة الإسكندنافية في 13آذار/مارس عام 2020، ومن ثم ألزمت مؤسسات التعليم والجامعات بالإغلاق التام والالتزام بالحجر المنزلي، ومنعت التجمعات تحت طائلة المسؤولية، وقد تبين أن هذا الحزم والتشدد قد أنقذ الدنمارك.
فيما فرضت رئيسة الوزراء النيوزيلندية جاسيندا أرديرن الحجر الصحي منذ 14آذار/مارس عام 2020، ثم ألحقته بحظر صارم بعد أسبوعين من إبلاغ شعبها بالالتزام وأتباع الأساليب الوقائية.
وفي ألمانيا ساعدت توضيحات أنجيلا ميركل المصورة، وتدخلاتها المباشرة المقبولة، باتخاذ التدابير المناسبة، وقدّم لها الثناء اتجاه جهودها المبذولة في احتوى فيروس كورونا.
وقد تحركت الرئيسة التايوانية تساي إنجون بخطوات مماثلة في الالتزام بمعايير السلامة اتجاه شعبها، وأتباع القواعد والأساليب الوقائية، إذ فرضت قيوداً على السفر وإجراءات الحجر الصحي، وجرى تنفيذ تدابير وقائية غرضها تعقيم الأماكن العامة والمباني والشوارع، واستطاعت تحقيق نتائج جيدة اتجاه احتواء المرض في البلاد، كما أن معامل انتاج الكمامات والأقنعة في التايوان تعمل على إرسال منتوجاتها إلى الأجزاء الأكثر تضرراً من الولايات المتحدة وأوروبا.
كما أصبحت رئيسة مركز السيطرة على الأمراض في كوريا الجنوبية جونج أون أيقونة وطنية، بعد أن أشرفت على استراتيجية "الاختبار، التتبع، الاحتواء"، والتي جعلت البلد نموذجاً يحتذى به في مواجهة فيروس كورونا الذي هلع البشرية أجمع، وقد أطلق عليها لقب "أفضل صياد فيروسات في العالم".
تاريخ المرأة قديم ومن البديهي تصدرها المراتب الأولى في إطلاق أي مبادرة تساهم في إفادة البشرية والمخلوقات الحية على وجه الأرض، وقد أثبتت جدارتها في التعامل مع الوضع الراهن، فكانت مساهمتها فعالة في أنجاح جهودها المبذولة للوقاية من الوباء والعدوى.