معاناة نساء غزة تتفاقم في ظل نقص الأدوية

تعاني النساء في قطاع غزة من نقص حاد في الأدوية، فتارة تجدها وتارة أخرى يستمر انقطاعها لعدة أشهر، خاصةً أدوية الأمراض المزمنة التي تشكل النساء 60% من مجموعة المرضى منه.

رفيف اسليم

غزة ـ تتعدد أسباب نقص الأدوية في قطاع غزة منها الحصار المفروض عليها منذ ما يقارب 17عام، الذي أدى إلى زيادة حالات الجلطات الواردة لمشافي القطاع.

تعاني نوال محسن من التهاب المفصل الروماتويدي منذ سنوات عدة، فتجد صعوبة بالغة في الحركة تجبرها للبقاء حبيسة المقعد طوال اليوم، وتقول أنه لم ينقذها من ذلك الوضع سوى المداومة على العلاج، لتصطدم بمشكلة عودة الألم مرة أخرى عند انقطاع الدواء وعدم إيجاد بديل له.

وأوضحت أنها تواصلت مع العيادة لعدة مرات كي تؤمن عدد من حبات الدواء التي تصرف لها بحسب الأيام، لكن في كل مرة تكون الإجابة أن العلاج لا يتوافر في الصيدلية لديهم، لذلك اضطرت لشرائه من خارج البلاد عدة مرات، ثم امتنعت بفعل تردي الوضع الاقتصادي لديها وغياب المعيل فأثرت أن تبقى حبيسة منزلها برفقة ألمها.

وقالت الدكتورة سهر النجار "أن النساء في قطاع غزة تحصلن على الدواء من ثلاث مصادر وهي وزارة الصحة التي تغطي تكلفة العلاج عن طريق التأمين الصحي، وعيادات وكالة غوث والأخيرة هي الصيدليات الخاصة، والتي غالباً ما يتم اللجوء إليها بسبب عدم توافرها في المصادر الأساسية بالرغم من ارتفاع ثمنها".

وعن أسباب نقص الأدوية في قطاع غزة أوضحت أن "الحصار المطبق المفروض عليها منذ ما يقارب 17 عام، يمنع دخول أنواع معينة كالعلاج الكيماوي الخاص بمرض السرطان وأدوية التهاب المفاصل، وبعض الأدوية الخاصة بالأمراض الصدرية وأدوية ضعف المناعة، وتلك المنظمة لدقات القلب، وغيرها التي يعتبر غيابها متعلق بشكل أساسي بصحة المريضة وبقائها على قيد الحياة".

وأشارت إلى أن "هناك بعض الأدوية العادية التي لا يتم توفرها في وزارة الصحة كالمضادات الحيوية والمحاليل الطبية، ومضادات الفيروسات، وأدوية الضغط والسكري والمعدة، ومخفضات الحرارة، وتلك الخاصة بسيولة الدم، التي من المفترض أن تعطى للمريضة فور دخولها للمشفى، فتضطر لشرائها من الصيدليات، وذلك إن سمح لهن وضعهن المادي بذلك".

وأضافت أنه "في الغالب تلجأ النساء لعدم شراء تلك الأدوية بسبب غياب المعيل أو تردي وضع الأسرة الاقتصادي، بالتالي تبقى فريسة المضاعفات المترتبة عن ذلك، ومواجهة ألمها بصمت، خاصة أنه لا يمكن توقع ما سيحدث معهن فقد يودي ذلك إلى فقد حياتهن كمريضات القلب، والكلى والسرطان اللواتي تتأخر جلساتهن لعدة مرات على التوالي".

وأكدت على أنه "أكثر من 50% من القائمة الأساسية للدواء المتفق عليه بحسب منظمة الصحة العالمية غير متوافر في قطاع غزة، فقد اختفى من السوق المحلي في الفترة الأخيرة ما يقارب 3700 صنف دواء، ليرتفع سعر الأدوية المتواجدة في غزة نسبته من 8 إلى 30%، الأمر الذي سبب عزوف عن شراء تلك الأنواع بالرغم من أهميتها".

وأوضحت أن "عدم شراء المرضى لبعض الأدوية قد زاد من حالات الجلطات الواردة لمشافي القطاع"، لافتةً إلى أنه "حتى أدوية منع الحمل التي من المفترض أن تتوافر للنساء على الدوام غير متواجدة في الوقت الحالي في العيادات بشكل مجاني، ليضعوا على كاهل النساء أعباء جديدة من المفترض أن يغطيها التأمين الصحي".

وأضافت "ما يحزن في الأمر أن المريضة في بعض الأحيان تطلب شراء المسكنات بدلاً من الدواء الأساسي لغلاء ثمنه، مما يسبب لها أعراض لأمراض أخرى كانت في غنى عنها، أو أن تلجأ لأنوع بديلة ليس له علاقة بما هو مخطوط بالوصفة الطبية، لتقنع نفسها أن تناولت العلاج ستشفى عما قريب، لافتةً إلى أن البديل يجب أن يحتوي على نفس المادة المركزة لكن مع اختلاف اسم الشركة المصنعة كي يؤدي الفعالية ذاتها".

وكان قد بين مركز الميزان لحقوق الإنسان في ورقة بحثية له، أن النساء تشكلن نسبه 60% من نسبة الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة في قطاع غزة.