خطاب الكراهية يستهدف السوريات بهجوم غير مسبوق
كان ينبغي أن تكون سوريا أمام بداية لمرحلة جديدة من الحقوق والمشاركة، إلا أن النساء اللواتي بدأن في الظهور في الفضاءين العام والسياسي، جوبهن بحملات من الكراهية والرفض على مواقع التواصل الاجتماعي.

راما خلف
دمشق ـ بعد سقوط نظام البعث الاستبدادي كان الشعب السوري يأمل بتأسيس نظام ديمقراطي يحمي حقوق كافة الفئات والمكونات، لكن مع استلام جهاديي هيئة تحرير الشام السلطة واتباعها للعقلية المتطرفة ازدادت الانتهاكات بحق الطوائف المتواجدة في سوريا، إلى عدم وجود دور بارز للمرأة في كافة الأصعدة الحياتية.
في ظل التزايد المستمر لحملات التشهير والتنمّر، وفرض القيود على الناشطات أو الصحفيات أو كل من تجرؤ على الحديث في الشأن العام، تزداد المخاوف بتأسيس حكم طالبان الثاني في سوريا، بفرض قيود تحصر حقوق النساء وتمنعها من العمل والحديث بالشأن العام للبلاد.
وفي سياق ذلك قالت المحامية والناشطة في قضايا النساء رهادا عبدوش إن خطاب الكراهية ضد النساء ليس ظاهرة جديدة، بل انعكاس لمنظومة قانونية وثقافية تضطهد النساء منذ عقود، مشيرةً إلى أن هذا الخطاب لا يتغير بمجرد تغير السلطة أو النظام السياسي.
"يجب أن يكون للمرأة دور فعلي لا شكلي"
وأضافت "خطاب الكراهية ضد النساء ليس له علاقة بتغيير النظام بل بالقوانين والعقلية السائدة. المرأة تُحاسب أكثر من الرجل، وتُختزل في جسدها، وتُعطى أدواراً إنجابية فقط. لا أحد يعترف بأدوارها السياسية أو الاقتصادية، ولذلك فإن أول أشكال الهجوم ضدها تأتي من خلال جسدها وصورتها".
وأكدت رهادا عبدوش أن النساء اللواتي يشاركن في النقاش العام غالباً ما يُواجهن تعليقات مهينة مثل "مكانك المطبخ أو عودي لأدوارك الطبيعية"، ويتعرضن لحملات تشويه تستهدف صورهن وسمعتهن "المرأة أكثر من نصف المجتمع، ويجب أن يكون لها تمثيل فعلي لا تجميلي".
اساليب معنفة تمنع النساء من لعب دورهم في ميادين الحياة
وتتفق هذه الرؤية مع ما عبّرت عنه الناشطة مرام ديمير، التي رأت فيما يحدث دليلاً على انفصام حاد بين التحرر العسكري والتحرر الاجتماعي. وتقول أنه بعد سقوط نظام الأسد "كنا ننتظر مساحة أوسع للحرية، لكن ما حدث بقيت العقول سجينة. عندما بدأت النساء بالظهور والتعبير عن آرائهن، جوبهن بكراهية ممنهجة".
وتستذكر حادثة تواصلت فيها معها شابة ظهرت في بث مباشر عبر فيسبوك للحديث عن الحكم المحلي وأهمية مشاركة النساء، لكنها تعرضت لكمٍّ هائل من التعليقات المسيئة، ووُصفت بأنها "عدوة الدين"، وتم تداول صور قديمة لها في محاولة للنيل من سمعتها، ما اضطرها إلى إغلاق صفحتها لبعض الوقت.
ولفتت إلى أن ما حدث مع الشابة يوضح حقيقة العقلية المتطرفة التي تسعى إلى حكم البلاد "لم نتحرر من السلطة الذكورية. حرية المرأة ليست تفصيلاً، بل لبّ التغيير. نحتاج لمساحات آمنة تُحترم فيها النساء وتُحمى فيها أصواتهن".
"يجب أن تلعب المرأة دوراً ليس كمجرد رموز، بل كممثلات لقضايا نسوية حقيقية"
وأشارت عدة أصوات نسوية إلى أن هذا الخطاب الموجه ضد النساء في المجال العام يتطلب تدخلاً مؤسساتياً ومجتمعياً، بدءاً من تشريعات صارمة ضد خطاب الكراهية، وصولاً إلى دعم وجود النساء في المنصات الرقمية والسياسية، ليس كمجرد رموز، بل كممثلات لقضايا نسوية حقيقية.
كما تطرقت النقاشات إلى أن حماية المرأة في الفضاء الرقمي باتت أولوية في ظل التزايد المستمر لحملات التشهير والتنمّر، خاصة ضد الناشطات أو الصحفيات أو كل من تجرؤ على الحديث في الشأن العام.
واختُتمت الآراء بالتأكيد على أن حرية المرأة لا يمكن أن تُجزأ، ولا يجب أن تكون مؤجلة بل هي جزء من معركة التغيير الشامل الذي لا يكتمل دون تحرر النساء من العنف اللفظي والاجتماعي والرقمي.