حربٌ مائية تُمارس على مناطق شمال وشرق سوريا

وسط سخطٍ كبير وتردي في أوضاع السَّكان ولا سيما المّهجرين منهم، يطالب أهالي شمال وشرق سوريا بوقف الحرب المائية المُمارسة ضدهم، وإعادة ضخ المياه؛ لأنها شريان الحياة

مركز الأخبار ـ .  
فمنذ سيطرة تركيا على مدينة رأس العين/سري كانيه في عام 2019 يعاني أهالي مناطق شمال وشرق سوريا من أزمة مياه حادة نتيجة لاستخدام تركيا ومرتزقتها أيقاف محطة علوك عن العمل بين الحين والآخر كورقة ضغط لتبدأ أزمة جديدة لا تقل عن كونها حرباً إنسانية. 
قللت الدَّولة التَّركية من توريد مياه نهر الفرات، وأوقفت محطة علوك عن العمل، مما تسبب بنتائج كارثية.
أضرار كبيرة على البشر والثَّروتين الحَّيوانية والنَّباتية ناجمة عن قطع مياه الفرات
تقول رابعة بكرو من أهالي مدينة منبج أن الدَّولة التَّركية تشنُ حرباً خاصةً عليهم عبر قطعها للمياه "لا يمكن الحياة من دون الماء، ولا سيما في شهر رمضان، وهو ضروري لتوليد الكهرباء والزَّراعة".
وأضافت "في ظل انتشار فيروس كورونا لا يمكننا الخروج دائماً لجلب المياه من الأماكن المزدحمة، هذا يشكل خطراً علينا".
وتتساءل رابعة بكرو عن صمت المجتمع الدولي الذي طال "السَّكوت عن هذا العمل هو تشجيع على الاستمرار به، لذا نتمنى أن يتحرك المعنيون بالأمر ويضعوا حداً لهذا الموضوع". 
 
 
ولم يتوقف تأثير انقطاع المياه على البشر فحسب بل امتد إلى النَّباتات، والحديث للمزارعة من مدينة دير الزور حمدة المطلق، التي تزرع الشَّتل من أجل أن تؤمن قوتها اليومي، إلا أن انقطاع المياه أثر بشكل سلبي في عملها "تعتمد الزراعة على المياه بشكل رئيسي، وعدم توفرها قللّ من نمو النَّباتات، وبالتالي تسبب في نقص إنتاج المحاصيل".  
وقلة المياه لم تُضر الثروة النَّباتيَّة فحسب، بل إن الضرر طال الثروة الحيوانية "تحتاج المَواشي إلى كميات كبيرة من مياه الشرب، والثَّروة السَّمكية في الأنهار مهددة بالخطر". 
وتناشد حمدة المطلق المنظمات والجَّهات المعنية بالضغط على الدولة التَّركية لإعادة المياه "الماء هو شريان الحياة النَّابض، من دونه لا نستطيع العيش".
 
 
83قرية يعيش سكانها دون ماء منذ خمس أشهر 
تقول الرَّئيسة المشتركة لمؤسسة المياه في إقليم الفرات خليصة عبد القادر، أن الدَّولة التَّركية قطعت مياه نهر الفرات في 27كانون الثاني/يناير 2021وحتى الآن، مما أدى إلى مخاطر كبيرة على الثَّروة الحيوانية، والنَّباتية، والكهرباء والصَّحة.
وعن الاتفاقية بين سوريا والدولة التركية بشأن منسوب مياه نهر الفرات المُبرمة في عام 1987، تبين "لم تتقيد تركيا بهذه الاتفاقية، التي تنص على منح سوريا حصة قدرها 500 متر مكعب في الثَّانية من منسوب المياه". وتضيف "تبلغ نسبة المياه التي تمنحها تركيا بين 150 و200 متر مكعب في الثَّانية".
وحول الأضرار التي تسبب بها نقص المياه في كوباني تقول "أُجبرت مؤسسة المياه على قطع الماء عن 83 قرية في الجَّهة الغربية المحاذية لتركيا، ومُنع ضخ المياه على منطقة الشهيد كاوا داخل المدينة".
واتخذت مؤسسة المياه في إقليم الفرات إجراءات عدة والحديث لخليصة عبد القادر "غيرنا نظام توريد المياه في كوباني، ففي السَّابق كنا نضخ 12 ساعة باليوم، أما الآن فأصبح التَّقنين بين أربع وست ساعات، وذلك لأنه لا تعمل إلا مضخة واحدة، أي أننا نقدم مقدار من المياه يكفي للشرب فقط".
وتضيف "هنالك العديد من السَّكان ممن يعانون من انقطاع المياه، القسم الأول في شارع 48 والآخر منهم في جميع أحياء كوباني، إذ يصعب وصول الماء إليهم بسبب ارتفاع المنطقة كونها موازية لقرية مشتى النَّور".
ولأن تركيا خرقت شروط الاتفاقية، طالبت خليصة عبد القادر بالتَّدخل العاجل وإلزام تركيا بإعادة المياه "إذا استمر الوضع هكذا، فمن المُحتمل أن تشهد مناطق شمال وشرق سوريا كارثة إنسانية ستخلف أضراراً كبيرة".
 
 
مُهجرون تحت الخيام يعانون الحرمان من الماء 
وفي مخيم واشوكاني الواقع قرب بلدة توينة عند المدخل الغربي لمدينة الحسكة، والذي يضم قرابة 3000 عائلة مهجرة من رأس العين/ سري كانيه منذ عام 2019، أثر إيقاف محطة علوك في 19 نيسان/ أبريل 2021 الماضي للمرة التاسعة عشر على التوالي، بسبب ممارسات الدولة التّركيَّة، على أوضاع المُهجرين بشكل كبير.
وتقول رئيسة مجلس المُخيم سوزان عبد الرحمن حميدان، أن وضع المخيم غير جيد بسبب ظروف الحَّجر والحاجة للوقاية من وباء كورونا، ولا سيما مع انقطاع المياه.
وتَعتبر أن قطع الكهرباء والمياه عمل إرهابي، "الخيم تصبح شديدة الحرارة في فترة الذَّروة، ولهذا يقوم سكان المخيم بشراء المياه من الصَّهاريج، إلا أنهم نازحون لذا أوضاعهم الاقتصادية ليست جيدة".
وتؤكد سوزان حميدان على مطلب أهالي سوريا جميعاً، بإعادة ضخ المياه وبالتالي زيادة ساعات تقنين الكهرباء "آلاف النّازحين يعيشون دون ماء وكهرباء في ظل ظروف نزوح صعبة، لأن هذين العُنصرين أساسيين لاستمرار الحياة".
والهدف من هذه الخطوة كما تبين هو إخضاع الأهالي واحتلال أراضيهم "سنقاوم حتى العودة لمنازلنا، وصمت الدَّول على استخدام محطة علوك للضغط علينا ما هو إلا مؤامرة".
وطالبت سوزان حميدان الجهات المختصة بإيقاظ ضمائرهم النَّائمة "هنالك أطفال وكبار في السَّن تحت هذه الخيام، ربما لن يستطيعوا تحمل هذه الظَّروف".
أما النازحة حمرة عز الدين فتذكر أن أجمل ما كانت تتميز به رأس العين/ سري كانيه مياهها وتقول إن المياه كانت في السَّابق متوفرة وصحية من نهر الخابور، "المياه التي نشربها اليوم غير نظيفة، وأطفالنا مرضى بسبب الحرارة، أصبحنا نتحسر للحصول على قطرة الماء".
ويُهدد استمرار قطع المياه على أكثر من مليون نسمة من سكان الحسكة وريفها بكوارث إنسانية وطبيعية، وبالرغم من أن مجلس المدينة حفر 28 بئراً سطحياً في مناطق مختلفة منها، لتأمين مياه الغسيل والاستعمالات المنزلية، إلا أن هذا لم يغطي الحاجة للماء.