"بوصلك لخيمتك" مبادرة طبية تقودها مسعفة نازحة من غزة

أطلق المواطنين على المسعفة رباب الحلوين لقب "سوبر ومن" أي المرأة الخارقة كون النازحين رأوا فيها تلك المرأة التي لطالما أنقذت حياتهم في منتصف الليل وليس خلال ساعات النهار فحسب.

رفيف اسليم

غزة ـ نظراً لانهيار القطاع الصحي في قطاع غزة نتيجة كثافة الغارات على المدنيين واستهداف المشافي والنقاط الطبية بشكل منتظم، قررت الحكيمة رباب الحلوين إطلاق مبادرة تهدف للوصول إلى المرضى أينما كانوا سواء بالمخيمات أو البيوت وتقديم الخدمات الطبية المناسبة لهم.

خطرت لرباب الحلوين، حكيمة الإسعاف والطوارئ والتوليد فكرة في الثامن من تشرين الأول/أكتوبر 2023، عندما لاحظت الضغط الشديد على الطواقم الطبية وخاصة المسعفين والمشافي، مقررة تقديم مبادرة تحت اسم "بوصلك لبيتك" استمرت لمدة 50 يوم على التوالي في منطقة شمال قطاع غزة قبل نزوحها للجنوب وإصابتها ثلاث إصابات أحدها بالقدم مانعة إياها من المشي.

وأضافت أن مبادرتها التطوعية الخيرية تهدف لخدمة المرضى لكنها مع تزايد عدد الاتصالات سعت لتلقي دعم ولو بسيط يغطي تكلفة المواصلات من خلال إعلان نشرته عبر صفحتها الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، متلقية دعم حقيبتان اسعاف أولي فقط تحتويان على شاش طبي، ومقصات، مشدات، بلاستر، محلول، وجميع ما يلزم الإسعاف الأولي.

وأوضحت رباب الحلوين أنها نزحت من بيتها في شمال قطاع غزة برفقة تلك الحقيبتين، في اليوم العشرين من شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2023، قسراً تحت نيران الصواريخ والقذائف وقنابل الدخان التي غطت منطقة جباليا، سالكة كما غيرها من النساء الطريق الآمن كما وصفته القوات الإسرائيلية، لتصل إلى جنوب القطاع وتحول اسم مبادرتها من "بوصلك لبيتك"، لـ "بوصلك لخيمتك".

وخلال رحلة النزوح لفتت رباب الحلوين، إلى أنها خرجت من المنزل وهي تحمل أربعة حقائب اثنتان منهما للإسعاف الأولى والأخيرتان تحوي مستلزماتها الشخصية، فأخبرها أحد النازحين أن القوات الإسرائيلية لن تسمح بمرور جميع تلك الحقائب وعليها التخلص من نصفهم، فما كان منها إلا أن تتخلص من حقائبها الشخصية خوفاً من إصابة عائلتها أو أحد النازحين على الطريق وعجزها من تقديم الخدمة الطبية.

وعن طبيعة الخدمات المقدمة، أوضحت أنه في حين سماعها دوي انفجار بمنطقة تهب لنجدة المصابين وهي لا تعلم ما هي الإصابات التي تنتظرها فربما تكون بسيطة يمكن التعامل معها، وفي كثير الأحيان تكون متعسرة فتضطر لطلب الإسعاف، مشيرة إلى أن من ضمن الإصابات التي وجدتها نزيف داخلي لشاب من يراه لا يصدق أنه مصاب، وأخرى لفتاة بترت يديها خلال الهجمة.

وبينت أن أكثر المستفيدين من المبادرة هم الأطفال، كونهم أشد حساسية وعرضة للأمراض بفعل الأماكن الغير صالحة للسكن، والمياه الملوثة يليهم النساء والشيوخ، لافتة إلى أنها كانت تأمل في توسيع نطاق المبادرة وإعداد فريق كامل من الممرضات في كافة مدن جنوب القطاع فعندما تتصل حالة من خانيونس أو رفح توجهها للمكان على الفور، لكنها لم تنجح في ذلك بسبب التمويل، فحصرت نشاطها بمنطقة وسط قطاع غزة ومدنه.

أطلق المواطنين على رباب الحلوين لقب "سوبر ومن" أي المرأة الخارقة وفقاً لما صرحت به، كون النازحين رأوا فيها تلك المرأة التي لطالما أنقذت حياتهم في منتصف الليل وليس خلال ساعات النهار فحسب، كما عملت على توليد 5 نساء داخل خيامهن كن يواجهن مصير مجهول ولا تعلمن ما الذي سيحل بهن لو انتظرن الإسعاف الذي يستغرق ربما ساعات أوقد لا يأتي خلال اشتعال المنطقة بالهجمات.

ولفتت رباب الحلوين، أنهن كـ "غريق تعلق بقشة" لإنقاذهن من الإصابات التي كانت تحل بهن نتيجة شظايا القذائف التي تسقط في وسط الخيام المعتمدة على قطع من القماش عاجزة عن توفير الحماية لهن، مضيفةً أنها تكون سعيدة عندما تتجول في المكان وتسمع الأطفال يهمسون لأمهاتهم "ها هي الطبيبة التي خلصتني من الحمة بالأمس وأزالت الوجع بمسحة يد واحدة".

وتواجه رباب الحلوين، العديد من الصعوبات أبرزها غياب ممول يؤمن بفكرتها ويدعمها على الاستمرار والتوسع، كما أنها لا تتلقى راتب في الوقت الحالي وتقوم بشراء المعدات الطبية على حسابها الشخصي، مبينة أنها خلال أوقات عملها في المشفى الذي تتطوع داخله قد تتصل حالة فتضطر للاتصال بطبيبة ودفع مبلغ مالي لها كونها لا تستطيع رد طلب أي شخص يستغيثها.

وتتمنى أن تنتهي تلك الحرب وتندثر الآلام التي يعاني منها أبناء شعبها والعودة إلى منزلها في جباليا والمشفى التي كانت تقدم داخلها الخدمات الطبية بشكل صحي، لافتة إلى أنها تأمل كذلك بفتح مركز طبي متخصص لتقديم خدمات الإسعاف الأولي وتدريب العديد من الممرضات لتصبحن على أهبة الاستعداد لتقديم ذلك الدور.