ارتفاع معدلات الإصابة بسوء التغذية لدى الأطفال في ليبيا

تتزايد معدلات الإصابة بسوء التغذية لدى الأطفال في ليبيا يوماً بعد آخر نتيجة الظروف المعيشية الصعبة، وانخفاض جودة بعض المنتجات الغذائية، بالإضافة إلى عدم وعي الأمهات بأهمية الرضاعة الطبيعية، فضلاً عن عدم توافر اللقاحات اللازمة للطفل.

هندية العشيبي

بنغازي ـ يتسبب عدم حصول الأطفال على العناصر الأساسية من الطعام، في إصابتهم بسوء التغذية، وهو أحد الأمراض الغذائية الخطيرة التي تصيب الأطفال خاصة ما دون العامين، ما يؤثر سلباً على نموهم الجسدي والعقلي، ويتسبب في إصابتهم بالعديد من الأمراض المزمنة، كأمراض السمنة والقلب وغيرها.

 

 

حنان الفايدي وهي أم لطفلين أحدهما يعاني من سوء التغذية والهزالة رغم أنه لم يتجاوز الثلاث سنوات من عمره، وعن ذلك تقول "لقد أهملت الاهتمام بنظام طفلي الغذائي منذ أن كان رضيعاً، كوني اعتمدت على الحليب الاصطناعي في غذائه".

وأضافت أن طفلها يرفض تناول الطعام بشكل متواصل، ولا يتناول سوى المشروبات والعصائر، ولا يحبذ تناول الخضراوات والفواكه والأرز والخبز، ويعتمد غذائه هذه الفترة على الحليب والمشروبات فقط.

ولفتت إلى أنه "لقد عرضنا طفلنا على الكثير من الأطباء والمستشارين الصحيين الذين أكدوا نحافة (هزالة) ابننا نتيجة لسوء التغذية التي تلقاها حين كان رضيع، ولكننا نعمل الآن على علاجه مع مختصين في هذا المرض بواسطة بعض الأدوية والفيتامينات التي تساعده على الأكل والهضم".

وأوضحت حنان الفايدي أن سوء التغذية الذي عانى منه طفلها لم يكن سببه ضعف الحالة الاقتصادية لديها أو عدم مقدرتها على توفير الطعام الصحي لأطفالها، ولكن رأت أن السبب هو عدم وعيها بأهمية الرضاعة الطبيعية للطفل، وأهمية العناية بغذائه الصحي في شهوره الأولى من عمره، داعية الأمهات إلى ضرورة الاهتمام بصحتهن خلال الحمل وبعده وأن تعتمدن الرضاعة الطبيعية لضمان صحتهن وصحة أطفالهن في المستقبل.

وعرفت طبيبة التغذية العلاجية سمر بالخير سوء التغذية لدى الأطفال بأنه العملية التي تشمل معدلات النقص ومعدلات الزيادة في مدخول الطاقة (السعرات الحرارية) التي تدخل جسم الطفل عن طريق الطعام، أو المغذيات الكبرى وهي البروتينات والكربوهيدرات والنشويات أو الدهون التي يحتاجها جسم الطفل، بالإضافة للمغذيات الصغرى وهي الفيتامينات والمعادن بشكل عام.

ولفتت إلى أن معدلات الزيادة في مدخول الطعام تتسبب في أمراض مزمنة لدى الأطفال في مراحل عمرية صغيرة، منها أمراض السمنة والقلب والسكري، لكنها أكدت أن معدلات النقص في التغذية أو ما يعرف بسوء التغذية لدى الأطفال هي الأكثر شيوعاً في ليبيا.

وعن أشكال أمراض سوء التغذية لدى الأطفال، تقول إن مرض الهزال هو أحد أشكال سوء التغذية والذي يظهر في انخفاض حاد في وزن الطفل مقارنة بعمره، وهو ناجم عادة عن نقص الأغذية والإصابة بنوبات متكررة من الأمراض منها الإسهال والحصبة والملاريا التي تُضعِف المناعة لدى الطفل، فهو ليس مزمن ولكن مرتبط بمرض معين.

أما الشكل الثاني من أشكال سوء التغذية لدى الأطفال فهو التقزم، الذي يعرف بأنه انخفاض معدل طول الطفل مقارنة بعمره وهو أيضاً ضعف أو اختلال نمو وتطور الأطفال مقارنة بالمعدلات الطبيعية لأقرانهم، وهذا المرض يعتبر مؤشر خطير على سوء التغذية التي تحصل عليها الطفل خلال المراحل العمرية المختلفة، بحسب ما أوضحته سمر بالخير.

وبينت أنه من أشكال سوء التغذية لدى الأطفال أيضاً هو انخفاض طول الطفل مقارنة بوزنه بالإضافة للنقص في الفيتامينات والمعادن في جسمه، التي تتسبب في إصابته بعدد من الأمراض منها الكساح والتقزم ومشاكل في الابصار والجلد والمناعة وغيرها من الأمراض.

وعن أعراض سوء التغذية لدى الأطفال، نوهت إلى أنها تشمل الإرهاق، الصداع، تسوس الأسنان، والخمول هشاشة العظام، مشاكل في الجلد، التهاب في اللثة، والنزيف، القلق والاضطراب، فقدان الشهية، وغيرها، مشددة على ضرورة الاهتمام برضاعة الأطفال بشكل طبيعي لتجنب الإصابة بسوء التغذية في مراحل عمرية مختلفة.

كما اعتبرت أن الفقر يلعب دور كبير في نوعية الغذاء التي يحصل عليها الأطفال، حيث ربطت سوء التغذية لدى الأطفال بالوضع الاقتصادي للعائلة، فكلما كانت تواجه الأسرة ظروف معيشية صعبة، كلما زادت نسبة سوء التغذية داخل الأسرة والمجتمع الواحد.

وأوضحت سمر بالخير أن علاج سوء التغذية لدى الأطفال يختلف من طفل لآخر، فهناك حالات قد تكون حادة تتطلب دخول الطفل للمستشفى، وأخرى تتطلب علاجات دوائية فقط.

وكان قد نشر مكتب "اليونيسف" في ليبيا تقرير أوضح فيه أن أكثر من 32 ألف طفل في البلاد يعاني من سوء التغذية خلال عام 2022.

وأرجعت سمر بالخير هذا المعدل الكبير لسوء التغذية في ليبيا، لتدني المستوى المعيشي والاقتصادي للعائلات، حيث يصعب على أولياء الأمور توفير المواد الغذائية والصحية اللازمة لتغذية أطفالهم بشكل يومي، بالإضافة إلى انخفاض جودة بعض المنتجات الغذائية الموجودة في السوق بسبب عدم الرقابة الجيدة على هذه المنتجات من قبل الجهات المختصة بذلك.

وأشارت سمر بالخير إلى عدم توافر اللقاحات والتطعيمات اللازمة للأطفال داخل المصحات العامة والخاصة بالمدينة، لافتةً إلى أن نقص التوعية لدى النساء الحوامل والمرضعات والأمهات بأهمية التغذية الصحية للأطفال في مراحله العمرية المختلفة ومدى تأثيرها على نموه الجسدي والعقلي يؤثر على إصابة عدد كبير من الأطفال بسوء التغذية.