ارتفاع الحرارة... يفاقم معاناة الأطفال والنساء في المخيمات
مع ارتفاع درجات الحرارة في إدلب، والتي وصلت ٤٠ درجة مئوية، يواجه الأهالي ظروفاً بالغة الصعوبة وسط غياب الكهرباء وانعدام وسائل التبريد، ما تسبب بأمراض وضربات شمس أكثر ضحاياها من النساء والأطفال
سهير الإدلبي
إدلب ـ .
يشكو الطفل أيهم النجار البالغ من العمر خمس سنوات من طفح جلدي سببته الحرارة المرتفعة وانعدام مقومات الحياة الطبيعية داخل مخيمهم في بلدة قاح الحدودية، وعن وضعه الصحي تقول والدته صفاء العلي (٣٠) عاماً أن ابنها لا يستطيع النوم طوال الليل جراء هذا الطفح وما يسببه من حكة وحرارة وإزعاج.
وتضيف "نقيم داخل خيمة مصنوعة من شادر بلاستيكي لا يقينا حر الصيف بل يزيده أضعافاً مضاعفة فلا كهرباء ولا ماء كاف، ولا أدري إلى متى يمكننا تحمل هذا العذاب وهذه الحياة القاسية".
وتشير إلى أن الطفح الجلدي بدأ يظهر على ابنها مع بداية ارتفاع درجات الحرارة وهو عبارة عن حساسية تنتشر في كل أنحاء جسده، وتسبب له تهيجاً وارتفاع بحرارة الجسم وحكة مستمرة، وبات كثير البكاء ولا تعلم كيف يمكن أن تساعده على الشفاء خاصة مع استمرار درجات الحرارة بالارتفاع، ومع عدم وجود أي خدمات طبية أو خدمية أو وسائل تبريد يمكن أن تخفف عن طفلها ما يعانيه.
ومع انقطاع الكهرباء وعدم وجود البرادات يستعين معظم المدنيين في إدلب بشراء ألواح الثلج الجاهزة والمنتشرة في الأسواق، ولكن حتى تلك الألواح الثلجية غدت مفقودة مع ارتفاع درجات الحرارة نتيجة ازدياد الطلب عليها وعدم قدرة معامل الثلج على تأمين الكميات المطلوبة، ما دفع التجار لاستغلال الأمر وزيادة أسعار ألواح الثلج وهي المنفذ الوحيد للأهالي لمواجهة هذا الجو الحار.
وفي هذا السياق قالت الأربعينية روعة السليمان بأنها أمضت أكثر من ساعة وهي تبحث تحت أشعة الشمس الحارقة عن لوح ثلج بين المحلات المنتشرة في أسواق مدينة الدانا شمال إدلب، ولكنها لم توفق في ذلك "نواجه صعوبة في تأمين الألواح التي سرعان ما تباع بأكملها مع ساعات الصباح الأولى، ولذا فمن يأتي باكراً يحظى بقطعة ثلج، عكس من يأتي متأخراً مثلي فيجوب الشوارع بحثاً عما يخفف عنه حرارة اليوم ولكن دون جدوى".
وتشير إلى أن "الاستغلال بدأ واضحاً في بيع تلك الألواح حين يرتفع سعرها فجأة مع ارتفاع درجات الحرارة، فبينما تباع القطعة عادة بليرتان أو ثلاث ليرتفع سعرها مع ارتفاع درجات الحرارة لتغدو خمس أو ست ليرات تركية، أي ما يعادل ٢٠٠٠ ليرة سورية وهو مبلغ كبير جداً بالنسبة للوح ثلج سرعان ما تذيبه المياه الحارة المتدفقة من صنابير الخزانات القابعة تحت أشعة الشمس".
غلاء قوالب الثلج يحرم الكثير من محدودي الدخل وممن لا يجدون مصدر للرزق من الحصول عليه فيضطرون للاستغناء عنه رغم حرارة الطقس.
لم يكن تأمين ألواح الثلج والطفح الجلدي المشكلة الوحيدة التي ترافقت مع ارتفاع درجات الحرارة هذا الصيف وإنما أيضاً كثرت الإصابات بضربات الشمس التي عانى منها العديد من النساء والأطفال في المخيمات والتي أثرت سلباً على صحتهم مع انعدام وجود الوسائل الوقائية والتوعوية.
سقطت الطفلة سلاف الرشيد البالغة من العمر ست سنوات على الأرض فجأة بينما كانت تلعب داخل مخيمات قاح مع صديقاتها تحت أشعة الشمس بسبب إصابتها بضربة شمس استدعت اسعافها إلى المشفى على الفور، وعن حالتها تقول والدتها نهى الأسود إن ابنتها أصيبت بمرض السحايا الناتج عن ضربة الشمس، وتترافق أعراضه مع صداع ودوار وغثيان وألم بمؤخرة الرقبة، إضافة لاحمرار الرأس وهو ما استدعى إسعافها للمشفى وتلقيها العلاج الذي استمر أسابيع دون أن تتحسن حالة الطفلة حتى الآن.
لم تكن حالة الطفلة سلاف الرشيد الوحيدة وإنما تعددت الحالات بين الأطفال نتيجة خروجهم من الخيام الحارة وتعرضهم لأشعة الشمس المباشرة.