المياه في قطاع غزة فصول من المعاناة ترويها النساء

لعل أكثر ما يحتاجه المواطنون بقطاع غزة في ظل ارتفاع درجات الحرارة الشديدة مع بداية شهر آب/أغسطس هو تواجد المياه الصالحة للاستخدام, سواء للاستحمام أو لتنظيف المنزل أو لغيرها من النشاطات اليومية, لكنها لا تتوافر في غالبية أيام فصل الصيف، مما يوقع النساء في حيرة كبيرة خاصة مع تفاقم الأوضاع الاقتصادية وزيادة قطع ساعات الكهرباء لتبقى مناشداتهم المستمرة للمسؤولين طي الكتمان لا أحد يستمع لها

رفيف إسليم
غزة ـ لعل أكثر ما يحتاجه المواطنون بقطاع غزة في ظل ارتفاع درجات الحرارة الشديدة مع بداية شهر آب/أغسطس هو تواجد المياه الصالحة للاستخدام، سواء للاستحمام أو لتنظيف المنزل أو لغيرها من النشاطات اليومية، لكنها لا تتوافر في غالبية أيام فصل الصيف، مما يوقع النساء في حيرة كبيرة خاصة مع تفاقم الأوضاع الاقتصادية وزيادة قطع ساعات الكهرباء لتبقى مناشداتهم المستمرة للمسؤولين طي الكتمان لا أحد يستمع لها.
تروي سما مهنا ذات (28 عاماً)، أن مشكلة عائلتها مع المياه مختلفة نوعاً ما، فمعيل الأسرة قد أصيب بجلطة منذ سنوات ولا يوجد من ينفق على المنزل، فبالكاد يستطيعون توفير احتياجاتهم الأساسية، لتصبح المياه مجرد رفاهية لديهم يحصلون عليها في فصل الشتاء وبعض الأيام الصيفية الحارة, لافتة أنه عندما تتوفر النقود تشتري المياه بمبلغ (40 دولار) والتي تكفي لاستخدام يوم واحد فقط ثم تعود المشكلة بالتفاقم من جديد.
شلل عام في حالة المنزل، تشير سما مهنا لأوضاع المنزل المتعثرة بعدما حاولوا أكثر من مرة بأن يحصلوا على المياه الواردة من بلدية غزة لكن لا جدوى، مضيفة أنها تحاول جاهدة أن تبقي المنزل نظيفاً وأن تنبه أولادها ألا يستخدموا الحمام سوى خلال ساعات معينة فيما تقضي هي غالبية وقتها بالبحث عن طرق لجلب المياه من بعض الجيران، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير جداً.
بينما تلخص ابتسام محمود البالغة من العمر (42 عاماً)، مشكلة المياه في قطاع غزة والتي هي عبارة عن أن جدول المياه في غالبية المناطق عكس جدول الكهرباء أي عندما تأتي المياه تنقطع الكهرباء اللازمة لسحبها إلى الخزانات في الأعلى والعكس صحيح, مضيفة أنها في مرة حاول زوجها الوصول للمسؤول والحديث معه بأن يتم توحيد ساعات الوصل للكهرباء والماء معاً مبلغه بكافة التفاصيل لكنه استمع إليه ليوم واحد ومن ثم أغلق هاتفه ولم يعد يرد على الاتصالات.
وتكمل ابتسام محمود أن حل تلك المشكلة ليست معجزة بل هي تقصير وعذاب إضافي يعيشه المواطن في قطاع غزة المحاصر, مضيفة أنها الآن تستعمل المولد الكهربائي والذي تبلغ تكلفته خلال الأسبوع ما يقارب الـ (40 دولار) في الأسبوع الواحد، لتتمكن من إنهاء أعمال المنزل التي تعتمد جميعها على المياه, خاصة الاستخدام الشخصي الذي يرتفع مع ارتفاع درجات الحرارة في ظل زيادة عدد انقطاع ساعات الكهرباء في القطاع.
وعلى عكس الحالة الأولى تشير آيات خضور التي تسكن منطقة شمال قطاع غزة، أن المياه والكهرباء ينقطعون معاً في بعض الأحيان, بينما تتحسن أحوال المياه في منطقتها في غالبية الأيام, لافتة أنها تفاجأت عندما كانت في زيارة لأختها بأحد أيام الصيف الحارة بعدم تواجد المياه وانقطاعها عن المنطقة لأيام عديدة دون أن يكون هناك أي بديل سوى شراء المياه من الصهاريج المتنقلة والتي تبيعها بضعف ثمنها للأشخاص محدودي الدخل.
وتوضح آيات خضور أن ملوحة المياه هي المشكلة الأبرز التي تعاني منها، فهي تحاول جاهدة شراء منتجات باهظة الثمن للمحافظة على شعرها لتجنب تلفه بسبب تلك المياه التي تصل ربما عن طريق البحر لأنها لا تختلف بدرجة ملوحتها الصارخة عنه, مضيفة أنها تحاول استخدام مياه مفلترة تقوم بشرائها خاصة عندما تستخدم منتجات العناية بالبشرة في ظل الحرارة الشديدة, محاولة بذلك التغلب على الوضع الراهن.
وحسب ورقة حقائق أصدرها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية "مسارات" لعام 2020، والذي صدر تحت عنوان "مشكلة تلوث المياه في قطاع غزة وآثارها على السكان", فإن نحو 25% فقط من سكان قطاع غزة يحصلون على المياه في منازلهم لفترة تصل إلى 7 ساعات يومياً، بينما يحصل 65% منهم عليها لمدة 7 ساعات كل يومين، و10% كل ثلاثة أيام. 
وذكرت الورقة ذاتها أن نسبة مياه الشرب غير الآمنة في قطاع غزة، ارتفعت من 90% في العام 2012 إلى 97% في العام 2019، وحذرت جهات دولية من تعرض طبقة المياه الجوفية الساحلية إلى أضرار لا يمكن إصلاحها, مع العلم أن مساحة قطاع غزة تبلغ 365 كم2، ويقطنه أكثر من 2 مليون نسمة، بمعدل كثافة سكانية 5,453 فرداً/كم2، وهي الأعلى عالمياً.
وأظهرت دراسة أجرتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر ونشرتها في الـ30 من تموز/يوليو الماضي، أن حوالي 80% من سكان غزة يعيشون معظم حياتهم في ظلام دامس، إذ لا يتوفر التيار الكهربائي إلا لمدة 10 أو 12 ساعة يومياً في أحس الحالات.