عاملات المنازل عرضة للانتهاكات مع غياب مظلة قانونية تحميهن

تتعرض عاملات المنازل للانتهاكات في ظل غياب قانون يحميهن أو مظلة توفر لهن حماية تشريعية.

أسماء فتحي

القاهرة ـ عاملات المنازل من الفئات الهشة التي تعاني كونها خارج مظلة الحماية التشريعية، وهو الأمر الذي دفع عدد من الجمعيات والمؤسسات الأهلية لجعلهن على قائمة اهتمامها ومنها الجمعية المصرية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

تحتاج عاملات المنازل لاهتمام وعمل دؤوب على قضاياهن بشكل مختلف كونهن الأكثر عرضة للانتهاكات كواحدة من تبعات ما يقمن به من أعمال لا تشملها المظلة التشريعية المحلية، وهو الأمر الذي جعل هناك تقاطعات وتعقيدات مركبة لما يقع عليهن من عنف قد يقترب من حيز الظاهرة.

وخلال تقريرنا هذا سنقف على عدد من التجارب والأزمات التي تتعرض لها عاملات المنازل، وكذلك أدوات التعامل معها خاصة تلك التي تقوم بها مؤسسات المجتمع المدني المختلفة المهتمة بهذا الملف وتمنحه جانب من اهتمامها باعتبارها تعمل على حقوق المهمشات ومنها الجمعية المصرية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

فاطمة أحمد المتطوعة بالجمعية المصرية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية تحدثت لوكالتنا عن مجموعة البرامج التي تقدم لعاملات المنازل وكيفية توفير عمل لائق لهن يراعي حقوقهن ويحتوي على قدر عادل من الالتزامات التي تحول دون وقوع أية انتهاكات عليهن.

 

العمل على الفئات المهمشة أولوية

تقول فاطمة أحمد أنهم يهتمون بالفئات المهمشة مجتمعياً وتمكينهم بالأدوات المختلفة من الاندماج والتواجد بفاعلية من خلال خدمات الدعم النفسي والقانوني والمعرفي كذلك، مضيفةً أنهم يعملون على توفير عمل لائق لهن وخاصة عاملات المنازل لكونهن خارج الحماية التشريعية وبالتالي يقدمون مجموعة من التدخلات لتأمين عمل لهن بأجر ثابت.

وأكدت أنهم يركزون على تأمين وضع العاملات بشكل عام وجعلهن يشعرن بمساحة أمان على ذواتهن من خلال إدخالهن مظلة الحماية الاجتماعية والتأمين الاجتماعي عليهن، وأيضاً إقامة سلسلة من التدريبات لهن، لافتة إلى أنهم يوجهون جانب من برامجهم للأطفال والشباب كذلك.

 

قصص وإشكاليات تتعرض لها عاملات المنازل

سردت فاطمة أحمد العديد من القصص التي استوقفتها ومنها "التقيت فتاة والدها بواب لعمارة ووالدتها تعمل بها وهي كانت كذلك مسؤولة عن واحدة من الشقق ولكنها كانت تدرس وتتحدث بأسلوب مختلف ومثقفة واتضح لاحقاً أنها طالبة في كلية الطب وتعمل من أجل الإنفاق على نفسها وأهلها خاصة أن دراستها مكلفة إلى حد كبير".

وبينت أن تلك الفتاة لا ترى نفسها أقل من الأسر التي تخدمها ولكنها تتعرض للإساءة والإهانة المستمرة منها باعتبارها عاملة منزل جعلها في أزمة عدم اتزان حقيقية والجميع تأثر من تجربتها القوية خاصة أن التعليم حقها وتوفير العمل اللائق كذلك حق ولكن الفرص المتاحة لم تكن كثيرة أمامها مما جعلها تتحمل مختلف الانتهاكات حتى تنهي تعليمها وتعتمد على نفسها.

وبينت أنه "كانت هناك عاملة منازل أخرى تتعرض للضرب كثيراً من الزوج الذي يتعاطى المخدرات ويجبرها على العمل لإعالة أسرتها وتعليم أبنائها ومع ذلك تهان وتضرب منه"، قائلة أنها كانت تخشى طلب الطلاق وتم التدخل القانوني مع الحالة وتقديم جميع أنواع الدعم لها ومنها توفير عمل مناسب، ومكان آمن تستطيع العيش فيه.

 

أزمات عاملات المنازل بالجملة

"الكثيرات لا يخبرن عن عملهن ويقمن به سراً، وبالتالي فالانتهاكات التي يتعرضن لها عادة ما تستمر لوقت طويل أو لا يتم الابلاغ عنها" بحسب ما أكدته فاطمة أحمد، معتبرةً أن أكبر عائق يصادفونه في التعامل مع هذا الملف تعمد العاملات إلى إخفاء هويتهن حرصاً على عدم معرفة ذويهن بما يقمن به من أعمال.

ولفتت إلى أن العاملات تعشن الكثير من التعقيدات النفسية لكون تلك الأعمال "موصومة اجتماعياً"، كما أنها تخرجهن من التأمينات وضمانات الحماية حال تعرضهن لأية أمراض، وهو الأمر الذي يتم العمل عليه في الجمعية، موضحةً أن هناك عدد من الجمعيات الأخرى التي تساعد في توفير بدائل آمنة لهن بتوقيع تعهد بعدم تعريضها لأي نوع من الأذى معنوي كان أو مادي.

وأكدت أن غياب القانون أحد أكبر الأزمات التي تحول دون القدرة على حماية عاملات المنازل أثناء عملهن لدى الأسر وهو ما يتسبب في هدر الكثير من الحقوق والخوف من البوح بما يتعرضن له من انتهاكات.

 

الدعم التكاملي فيما بين عاملات المنازل يؤثر عليهن بالإيجاب

وأوضحت فاطمة أحمد أنهم يعملون على تشكيل مجموعات من عاملات المنازل للتحدث إلى بعضهن البعض وربطهن على صعيد تكاملي لتستفيد كل منهن من خبرة الأخرى وتطوير معارفهن، وكذلك مسار عملهن وعلاقاتهن.

وكشفت أن الكثيرات تخفن من الانخراط في المجتمع الخارجي وترين أن هناك من ينظر لهن بدونية، معتبرة أن الجلسات التي جمعتهم فتحت الكثير من الآفاق للبوح بما تشعرن، خاصة أن مسؤولة تلك الجلسات هي أخصائية نفسية تساعدهن بالدعم اللازم فيما يطرحنه من مشاعر، مشيرةً إلى أن تلك الجلسات أفرزت تآلف فيما بين العاملات وتبادل الخبرات، فضلاً عن العمل الجماعي على إيجاد الحلول التي تمكنهن من العمل الآمن وتدعم وجودهن في مساحة عمل تحترمهن "الجمعية بالتعاون مع شركاء آخرون تقدم جميع أدوات الدعم التي تطلبها عاملات المنازل بما فيها النفسي والقانوني".