العيش مع أسرة الزوج... تعميق للخلافات وإلغاء للخصوصية
الحياة في بيت العائلة أحد الأعراف الاجتماعية في عدد من المناطق بمصر، قد تكون بسبب الحالة الاقتصادية المرتدية لشريحة واسعة من الشباب المصري والذي يفضل السكن بعد الزواج في منزل العائلة مما يسبب مشاكل وصل بعضها لجرائم قتل
نيرمين طارق
القاهرة ـ .
تقول وفاء سمير (35) عاماً من قرية طحلة بالشرقية "تزوجت بتوكيل من زوجي لوالده ثم سافرت إليه إلى الكويت وعشنا هناك لمدة ثلاث سنوات دون خلافات أو مشاكل وبعد أن جمع مبلغ من المال بنى شقة في بيت والده وعدنا للحياة في بيت العائلة أو بيت الجحيم".
تتدخل أسرة الزوج بحياة الشريكين فوفاء سمير عانت من اقتحام الخصوصية "كان يعود يومياً ومعه أكياس من الفاكهة والحلويات ولكن والدته تدخلت وأخبرته أن هذا تبذير ولا يجب أن يفعل ذلك حتى لا نعتاد على الرفاهية"، مضيفةً "منذ وصولنا ولم أتناول وجبة إفطار أو غداء مع زوجي فلابد أن يكون الطعام مع والده ووالدته وشقيقاته"، كل ذلك زاد من الخلافات بين الزوجين وتحولت حياتهما لساحة حرب.
وتقول رقية عبد الحافظ (40) عاماً من مراغة بسوهاج "عندما يعتدي الزوج على زوجته بالضرب إذا كانت الحياة الزوجية في بيت مستقل يقوم الجيران بالتدخل للدفاع عن الزوجة لكن في بيت العائلة الأهل يشعروا بالسعادة عندما يروا ابنهم يسيء معاملة زوجته فهذا يعني أن الزوج ذو شخصية قوية، ولم تتمكن زوجته من السيطرة عليه"، هذه تجربتها مع الحياة في بيت عائلة الزوج.
وتضيف "لا أستطيع طلب الطلاق لإن والدي قال لي بكل وضوح ترجعين بمفردك دون أولادك فلست ملزم بتحمل أولاده، وهذه هي عادات الناس في الريف فالأطفال غير مرحب بهم في منزل عائلة الأم".
وتقول فاطمة محسن (38) عاماً من مغاغة بالمنيا "في بيت العائلة والدة زوجي هي التي تقرر ماذا سنأكل اليوم وماذا سنأكل غداً، وأي محاولة مني لإبداء الرأي تعتبر تمرد وجحود"، وأضافت "ضربني زوجي أكثر من مرة لإرضاء أمه وكان من الممكن أن اخسر حياتي عندما ضربني على رأسي"، ودون أمل تقول "هذه هي الحياة في بيوت العائلة فلا توجد حرية أو خصوصية ولا حتى احترام".
وتقول سامية محمد (29) عاماً من سمنود بالغربية "منذ فترة ارتفعت حرارتي وطلبت من زوجي أن يأخذني إلى المستشفى ولكن حماتي رفضت وقالت لا داعي للمصاريف وأن ارتفاع حرارتي مجرد فيلم للهروب من الأعباء المنزلية"، وأضافت "تدهورت حالتي وأغمي علي، لقد وصلت المستشفى وأنا بين الحياة والموت".
وتستذكر معاناة جارة لها كانت تعيش أيضاً في منزل عائلة زوجها "هناك جارة لي ظلت تخدم أهل زوجها وتتحمل ظلمهم ومعاناة لا يتحملها جبل، وعندما مرضت اتصلت حماتها بوالدها ليأخذها إلى بيته، وتزوج ابنها من امرأة أخرى حتى تتمكن من خدمة العائلة".
الخلافات الأسرية للمتزوجين في بيت العائلة قد تصل للقتل عن ذلك تحدثنا بسمة سليم خبيرة التنمية البشرية، وتقول "الحياة في بيت العائلة خاصة في الريف المصري ليست اختيار".
وأضافت "في القرى المصرية إذا حاول الشاب أن يتزوج بعيداً عن أسرته يتم حرمانه من الميراث أو تتم مقاطعته من قبل الأهل فلا يحضروا حفل زفافه، ولا يسمحوا له بدخول بيت العائلة بعد الزواج لذلك يرضخ الشاب لرغبة أسرته".
وأكدت بسمة سليم على أننا "بحاجة للعمل على تغيير ثقافة الريف المصري الذي مازال الأب يعتبر فيه ابنه ملكية خاصة، وتعتبر الأم زوجة ابنها خادمة لديها بدون أجر"، وأضافت "هذه الأفكار ساهمت بازدياد العنف الأسري نتيجة شعور الزوجات بالظلم والإهانة فالزوجة التي قتلت زوجها في قرية طوخ وسط محافظة القليوبية قبل أيام ظهرت حماتها واخت زوجها وزوجة عمه أمام الشاشات يتحدثوا عن كرم الزوج الذي حجز رحلة في الغردقة؛ ليذهب مع زوجته وأطفاله في رحلة صيفية، وعن سعر كريم الشمس الذي اشتراه لها، وعن سعر الملابس التي اشترتها مؤخراً وهذا يؤكد أن الزوجة التي أصبحت في نظر المجتمع قاتلة عانت من التدخلات والتحكم، كما اثبت تقرير الطب الشرعي أنها كانت في حالة دفاع عن النفس؛ لإن زوجها بادر بالاعتداء عليها، وعندما حاول الجيران التدخل للدفاع عنها منعتهم أم الزوج قائلة زوجها ويقوم بتربيتها".
وأكدت أنه ولحماية الأسرة على الزوجين الاحتفاظ بالخصوصية "نصيحة لأي زوج يريد حماية زوجته وأطفاله أن يمنع تدخلات أمه وأشقائه بحياته الزوجية".
وبينت أنه "كما أن طبيبة الأسنان التي قتلت على يد زوجها في حزيران الماضي، كشف زوجها في التحقيقات أنه قرأ مذكراتها الشخصية ووجدها تعيب في أمه وشقيقاته وهم معها في نفس المنزل لذلك قتلها، ولكن هذه المذكرات تكشف أيضاً أنها كانت تعاني بسبب الحياة في بيت العائلة، ولكنها لم تتمكن من الطلاق بسبب رفض أسرتها".
ويقول الدكتور جمال حماد استاذ علم الاجتماع في جامعة المنوفية "كثير من الزوجات تعرضنَّ لتشوهات وعاهات دائمة بسبب العنف الأسري المتزايد في بيت العائلة وعادة ما يتم نصح الزوجة بطاعة أم زوجها، ولا يتم نصح الأم بحسن معاملة زوجة ابنها، فالعرف في القرى يفرض على الصغار تحمل الكبار"، وأضاف "رغم صعوبتها ورغم أن الجميع يعلم أن الحياة في بيت العائلة مليئة بالمشاكل إلا أن الظروف الاقتصادية تجبر الشباب على الزواج مع أسرهم فتكاليف الزواج مرتفعة جداً والشاب لا يستطيع أن يزوج نفسه بمفرده، لذلك يتلقى المساعدة المادية من أبيه والأب يرفض مساعدة الابن الذي يتزوج بعيداً ويعتبره ابن غير بار لمجرد إنه قرر الاستقلال، كما أنهم لا يسمحوا لابنهم بإدارة حياته الزوجية بمفرده فيقوموا أحياناً بخلق المشاكل بينه وبين زوجته عندما تطلب الاستقلال".