العنف ضد الأطفال متأصل في الصور النمطية الجنسانية والعادات الأبوية

لا يزال العنف الجنسي ضد الأطفال من المحرمات، وحتى التعليم المدرسي في هذا المجال يعمل على تعزيز نفس المحرمات، وفي هذا الإطار يحرم الأطفال من فرصة التعبير عن أنفسهم.

جينو درخشان

سنه ـ العنف المنزلي ضد الأطفال هو أحد أشكال العنف الذي يتضمن تجربة مستمرة من الإيذاء الجسدي، وحتى الجنسي ويعد تزويج القاصرات أحد أشكال العنف المنتشر ضد الأطفال في إيران.

الأطفال من الفئات الرئيسية التي تتعرض للعنف في المنزل، والعديد ممن يشهدون العنف تأثروا نفسياً وفي المستقبل ستكون صحتهم العقلية في خطر، إذا يعاني الأطفال من مشاكل في النوم والكوابيس والتبول اللاإرادي، وقد يكون الأطفال الأكبر سناً عدوانيين تجاه الأطفال الآخرين أو الوالدين، ولا يشعر بعضهم بالأمل بشأن المستقبل، بينما يعاني آخرون من مشاكل في التعلم والسلوك، إن العنف ضد الأطفال هو حقيقة مزعجة ومفجعة لا تزال موجودة في العديد من المجتمعات.

إن النظرة التقليدية للأسرة إلى حد تقديسها، مقترنة بالثقافة الأبوية والمفهوم المضاد للثقافة الذي يشار إليه بالشرف يؤدي إلى إنكار أو إخفاء العنف الجنسي والنفسي ضد الأطفال إذا تم ذلك.

 

"الأطفال هم الضحايا الرئيسيون للعنف المنزلي"

وترى مرشدة الأطفال والناشطة الاجتماعية فريمة صالحي أن "الأطفال هم دائماً أحد الضحايا الرئيسيين للعنف في المنازل؛ العنف الذي يصل أحياناً إلى حد التحرش الجنسي والاغتصاب، أو الاعتداء الجسدي ضد الأطفال والذي يشمل أي استخدام متعمد للقوة أو العنف ضد طفل يؤدي إلى الألم أو الإصابة أو المعاناة، ويمكن أن يشمل ذلك الدفع واللكم والركل إلى محاولة الاختناق، وهناك شكل آخر من العنف ضد الأطفال وهو العنف النفسي، ولا يقل خطورة ويمكن أن تكون له عواقب طويلة المدى على الأطفال المعنيين. كالإهانة والسخرية أو التهديد بالعنف الجسدي أو اللفظي. بشكل عام، قد تتسبب الآثار الطويلة المدى للعنف المنزلي في إصابة الأطفال بالصدمة والخوف إنهم يشعرون بالذنب والغضب، وكل هذه الأشكال من العنف تؤثر على عواطف الأطفال، ومن الصعب على كل من الأطفال والبالغين التعامل مع هذه المشاعر. غالباً ما تكون هناك حاجة إلى الدعم المهني والمشورة لإدارة ردود أفعال الطفل الطبيعية عند مشاهدة العنف لكن الآباء الأكثر وعياً يتخذون إجراءات لعلاج أنفسهم وطفلهم لأنه لا يوجد تعليم ومنصة لذلك في المجتمع".

 

"الولد يعتبر ملكاً للأب والجد لأبيه"

وأضافت "في إيران، بالإضافة إلى النظرة التقليدية للأسرة، هناك عوامل مثل عدم توفر التعليم اللازم للأطفال في البيئة المدرسية والأسرية، وكتابة القوانين المبنية على الثقافة الفقهية التي تعتبر الطفل ملكا للعائلة الأب والأجداد من جهة الأب، وغياب القوانين التي تحمي الأطفال، كلها أسباب لذلك، ولا يمكن تتبع الاعتداء الجنسي على الأطفال بشكل كبير حتى بعد الإبلاغ فمن الناحية العملية يُترك الطفل عاجزاً لأن العنف حدث إما من الأسرة أو من المقربين، وهذا العامل أدى إلى زيادة إحصائيات إساءة معاملة الأطفال بمختلف أشكال العنف، ولأن الطفل لم يتعلم فإنه لا يستطيع أن يدرك أنه يعالج باعتباره سلوكاً خاطئاً ولا ينبغي القيام به، فهو لا يعرف من يتحدث عنه، ولم يخبر أحد الطفل بذلك، لا في المنزل ولا في المدرسة".

وبينت أنه في بعض الأحيان حتى الأسرة لا تعرف ذلك "طلبت مني فتاة المساعدة وكانت قد تعرضت للاعتداء الجنسي واللفظي من قبل شقيقها، وخوفاً من أن يعلم أهلها بتصرفاتها صمتت لسنوات، ثم جاءت بعد ذلك لاستشارة حول زواجها، ولكن بعد سنوات من المحاولة لتخطي تجربتها لا تزال غير قادر على التغلب على صدمة تلك الأيام، وتشعر بالذنب لالتزامها الصمت، كل هذه السلوكيات العنيفة في مرحلة الطفولة لا يمكن محوها بسهولة من الأذهان، فمسألة العنف الجنسي ضد الأطفال لا تزال من المحرمات وحتى التعليم المدرسي يعمل على تعزيز نفس المحرمات لذلك لا يمكن للطفل البوح عن تعرضه لذلك".

 

"العنف الجنسي هو المظهر الأكثر خفائاً لإساءة معاملة الأطفال"

ولفتت إلى أن "العنف الجنسي هو أخفى مظاهر إساءة معاملة الأطفال، وهو يرتبط بشكل مباشر بسياسة تشجيع المرأة على الخصوبة وزيادة عدد السكان، وليس فقط عنف الوالدين والمجتمع ضد الأطفال لكن في بعض الأحيان يكون هنالك دعم قانوني أيضاً، فإن انخفاض سن الزواج، وخاصة بالنسبة للفتيات، يعني أنه من القانوني الاعتداء جنسياً على الفتيات اللاتي بلغن مرحلة النضج الجنسي وفقاً للشريعة والمتزوجات من رجال، ومن أجل الحد من العنف ضد النساء والأطفال، ينبغي زيادة مصادر قوتهم وحقوقهم، والنظر في إمكانية الحماية القانونية، والتقاضي الأكثر فعالية، وأساليب التنوير والوقاية. ومن خلال القوانين وتغيير الأعراف وإنشاء المؤسسات المدنية، من الممكن زيادة حماية الأطفال والنساء من خلال تعريفهم بطريقة التعامل مع العنف المنزلي والاجتماعي والجنساني، كما ينبغي معاقبة مرتكبي العنف ضد النساء والأطفال بشدة أكبر. بالإضافة إلى ذلك، فإن القضاء على الفقر والفجوات الطبقية، خاصةً في المناطق المهمشة، يلعب دوراً رئيسياً في الحد من هذا العنف. ولكن نظراً لحقيقة أن المجتمع الإيراني يغرق أكثر فأكثر في الفقر والتنافر الاجتماعي، فإن هناك خطراً كبيراً من تزايد أعمال العنف هذه ورغم كل هذا التنوير وإطلاق حملة العنف المعلق، للعمل على الحد من السلطة الذكورية العنيفة والدفاع عن النساء والأطفال إلا أن العنف ضد الأطفال متأصل بقوة في القوالب النمطية الجنسانية والعادات الأبوية".