الحكومة السورية المؤقتة تمنح التطرف طابعاً رسمياً

ارتكب جهاديي هيئة تحرير الشام مجازر يندى لها جبين الإنسانية، وبدلاً من أن تكون الإدارة الجديدة حامية لكافة مكونات الشعب السوري يتم منح التطرف طابعاً رسمياً والتبرير للمجازر بل وشكر من قاموا بها.

روشيل جونيور

السويداء ـ منذ نشأة ما سمي بـ "حكومة الإنقاذ السورية" عام 2017 بقيادة أبو محمد الجولاني كذراع سياسي لهيئة تحرير الشام، كان الهدف المعلن إدارة المناطق التي وقعت تحت سيطرة الهيئة، غير أن ما جرى على الأرض عكس واقعاً مختلفاً، حيث تحولت هذه الحكومة إلى سلطة متعصبة دينياً ومتهمة بارتكاب سلسلة واسعة من الانتهاكات في مناطق عدة من سوريا.

بدلاً من أن تبدأ مرحلة مهمة من إعادة الإعمار وتحسين الوضع والحقوق دخلت سوريا نفق مظلم من الفوضى والانهيار الأمني بعد سيطرة جهاديي هيئة تحرير الشام على الحكم، وبدلاً من تحقيق مطالب العدالة والديمقراطية والمدنية تنزلق سوريا لتصبح أفغانستان ثانية وسط تخاذل وتآمر دولي وإقليمي.

 

حكومة فقدت الشرعية والثقة

أوضحت الكاتبة جهان العوام من مدينة السويداء جنوب سوريا أن "حكومة الإنقاذ التي تأسست في إدلب استلمت الحكم في دمشق بعد سقوط النظام البائد لبشار الأسد، وسرعان ما ظهر الطابع الطائفي والمتشدد الديني لهذه الحكومة".

وقالت "بدأت الانتهاكات من أحداث الساحل، ثم الاعتداء على الكنائس في دمشق، ونهب الممتلكات العامة، وصولاً إلى جرمانا وصحنايا وعش الورور والسومرية، حيث تم تهجير الأهالي من منازلهم، وفي الفترة الأخيرة تصاعدت الانتهاكات في السويداء، حين طالب أهالي المدينة بدستور ديمقراطي جامع لكل فئات الشعب، والرد كان بالهجوم العسكري، وترافق ذلك مع قتل وتهجير وانتهاكات لم تستثنِ لا الأرض ولا العرض ولا الأرواح".

وترى جيهان العوام أن الأخطر من هذه الجرائم هو غياب المحاسبة، إذ لم يتم التحقيق أو محاسبة أي طرف مسؤول "على العكس، خرج رئيس الحكومة المؤقتة أحمد الشرع ليشكر المهاجمين، ما شكل خذلاناً عميقاً لأهالي السويداء، وكذلك، ظهور وزير الثقافة برفقة قصي الشمري، أحد المتورطين في المجازر، منح هؤلاء شرعية بدلاً من محاسبتهم".

واعتبرت أن "حكومة الجولاني اليوم لا تحاسب المجرمين بل تكافئهم، وتترك الضحايا من دون إنصاف. هذا ما جعلها حكومة فاقدة للشرعية والقبول الشعبي، وغير مؤهلة لإدارة الشأن المدني". موضحةً أنه "داخلياً نعيش تحت سلطة الأمر الواقع حيث تغلق الطرق بوجه المساعدات، وتفرض الإتاوات على القوافل، والمدارس امتلأت بالنازحين، فيما الأهالي عاجزون عن التنقل نحو دمشق. خارجياً، قدمت الحكومة صورة سلبية للمنظمات الدولية ودول العالم بأنها سلطة غير مؤهلة للحكم".

 

 

"إقصاء ممنهج وتغطية على الإرهاب"

من جانبها، أكدت المحامية شروق أبو زيدان من نقابة المحامين بالسويداء أن "حكومة الإنقاذ بدأت بسياسات إقصائية منذ وصولها إلى دمشق، حيث شكلت حكومة مؤقتة على غرار حكومة الإنقاذ في إدلب، وركزت على عناصرها المرتبطين بهيئة تحرير الشام".

وأشارت إلى ما سمي بـ "مؤتمر النصر"، بالقول أنه "جمع الفصائل الموالية للهيئة، تم تعيين رئيس لا يمثل السوريين، بل يمثل لوناً واحداً. هذه الحكومة استمرت بإقصاء المكونات، وحتى تصريحات الناطقات الرسميات كانت تهمش النساء وتضعهن بعيداً عن المشهد. الإعلام الرسمي عزز بدوره تغول السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية، ورئيسها الشرع كان على قوائم الإرهاب".

ولفتت إلى أن الأحداث في الساحل وما تبعها من مجازر أثبتت أن الأمن العام التابع للهيئة متورط بشكل مباشر، "مع ذلك تغاضت الحكومة المؤقتة، أما في السويداء، فقد دخلت قوات الأمن العام والدفاع تحت شعار بسط الأمن، لكن النتيجة كانت آلاف الضحايا ومئات المخطوفين والمخطوفات وتهجير السكان من قراهم، مع حرق 35 قرية بالكامل. الحكومة لم تقف إلى جانب الضحايا، بل وافقت على ما قام به مرتكبي الانتهاكات".

واعتبرت شروق أبو زيدان أن المشهد الأكثر استفزازاً هو ظهور وزير الثقافة إلى جانب أحد المجاهدين المشاركين في الهجوم على السويداء، الذي تفاخر بخطف النساء والتهديد بقتل الدروز، قائلة بأن "هذا المشهد يؤكد أن الحكومة المؤقتة لا تتغاضى فقط عن التطرف، بل تتعامى عنه وتمنحه غطاء رسمياً".