الحوامل في السودان... بين معاناة النزوح ونقص الرعاية الصحية

يسجل السودان منذ عدة سنوات معدلات مرتفعة في وفيات الأمهات بسبب شح الرعاية الصحية وانعدامها في المناطق النائية والتي ضاعفت نسبها الحرب.

ميرفت عبد القادر

السودان ـ عانت نساء السودان عموماً والحوامل خاصة من رحلة نزوح شاقة ومتعبة منها استمرت لعدة أيام مشياً على الأقدام دون ماء أو غذاء كافي بعد أن توسعت رقعة القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

تروي نعمات علي أدم قصة نزوحها وهي في شهرها الثامن من الحمل "نزحت منذ اليوم الأول للحرب بمدينة سنجة التابعة لولاية سنار في رحلة استغرقت عدة أيام وعبرت عدة قرى حتى وصلت لولاية القضارف أقرب الولايات الآمنة إلينا، كنت بحالة صحية يرثى لها حيث استدعت تدخل الطبيب لإنقاذ جنيني".

 

نقص الغذاء وسوء التغذية

في معسكر النزوح الذي يضم عدد كبير من الأسر بمدرسة السكة حديد توفيت الطفلة جود بعد شهر من ولادتها بسبب سوء التغذية، وقالت والدتها أميرة إبراهيم "نزحنا من ولاية الجزيرة وبعد معاناة كبيرة وصلنا إلى مدينة بورتسودان وكنت في شهري السابع لم تسمح لي ظروفي وظروف زوجي لمتابعة أخصائي ولم أتناول الفيتامينات ووجبات كافية لذلك أصبت بأمراض سوء التغذية وكذلك مولودتي التي فارقت الحياة بسبب ذلك".

أميرة إبراهيم واحدة من آلاف النساء الحوامل بالسودان اللائي فقدن أرواحهن أو مواليدهن بسبب نقص الدواء والغذاء والاحتياجات الضرورية للحياة.

وقالت الدكتورة رويدا علي رئيسة جمعية تنظيم الأسرة والطفل وأخصائية النساء والتوليد بمستشفى ببورتسودان إن ازدياد أعداد النازحات من مناطق الحرب زاد من الاحتياجات العلاجية لهن والتي يصعب توفرها بكميات كبيرة في ظل هذه الظروف التي تمر بها البلاد، مشيرة إلى أن كل هذه العوائق ساعدت في ازدياد نسبة وفيات الأطفال والأمهات أثناء الولادة وبعدها.

وأوضحت المسؤولة عن وحدة الصحة بمنظمة اليونسيف ميرا نبيل إن نسبة معدلات وفيات الأمهات والأطفال أثناء الولادة ارتفعت كثيراً بنسبة 70 بالمائة وتعزو ذلك لخروج أكثر من 70 بالمئة من المستشفيات عن الخدمة بسبب الحرب حيث تتوقع ولادة 1.3مليون طفل خلال هذه الفترة.

وبينت أنه في السودان تفارق الحياة 270 امرأة من بين كل 10 آلاف ولادة حية. ومن بين كل 1000 طفل يولد حياً، يفارق 26 طفلاً خلال الشهر الأول، و37 طفلاً خلال العامين الأولين، و52 طفلاً قبل بلوغهم سن الخامسة.

فيما يخص المعالجة العاجلة أكدت أن النساء النازحات الحوامل تحتجن إلى رعاية بما في ذلك الرعاية السابقة للولادة وبعدها والرعاية الأساسية لحديثي الولادة، والوصول إلى خدمات الولادة الآمنة، ويجب أن يتم توفير هذه الخدمات بجودة وبشكل مجاني وأن تراعي الاعتبارات الجنسانية وعوامل الحماية بالإضافة إلى الخدمات الأساسية.

وأشارت إلى أن أغلب النازحات غير مدركات لوجود الخدمات، ولا تعرفن مواقع الخدمات بالضبط، وبالتالي، يجب العمل على تعريف النازحات بأماكن تلقي الخدمات المختلفة، ومع تزايد انعدام الأمن الغذائي، تواجه العديد من النساء خطر الإصابة بسوء التغذية وخاصة فقر الدم الذي يمكن أن يكون ضاراً بصحة المرأة ونتيجة الحمل. ولذلك، هناك حاجة ماسة إلى تقديم الدعم للنساء.

وبينت ماري لويس إيغلتون نائب ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونسيف) بالسودان أن التقديرات تشير إلى أن 24 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية العاجلة، وأكثر من 17 مليون شخص يعانون من الجوع الحاد، كما يعاني الأطفال من مخاطر عديدة، فأكثر من مليون طفل يعاني من سوء التغذية الحاد، وأسوأ ما في الأمر ان 730 ‪ ألف طفل يواجهون سوء التغذية الشديد ويواجهون خطر الموت إن لم يتلقون العلاج الفوري.

وكانت اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء السودانية قد حذرت من أن أكثر من 160 ألف امرأة حامل تواجهن الجوع والعطش ومحدودية الرعاية الصحية عقب نزوحهن من ولاية الجزيرة وسنار إلى ولايات والقضارف وبورتسودان، مؤكدة أنهن تواجهن مخاطر جسيمة أثناء النزوح مما يؤثر على صحة الأم والجنين.

وبينت أن جمعية تنظيم الأسرة والطفل ببورتسودان تقدم خدمات حسب حاجة المريضة، وهناك زيادة ملحوظة في عدد النساء الحوامل.