'نسعى من خلال الاتفاقية إلى إنهاء العنف... وهذه نواقص قانون مكافحة العنف التونسي'
انضمت تونس إلى المسودة الأولى للاتفاقية الدولية للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات، التي تشارك فيها 28 دولة
زهور المشرقي
تونس- ، قد تعزّز طرق مجابهة آفة العنف التي تقتل النساء في كل بقاع العالم.
قالت الناشطة النسوية وممثلة "مرصد نسا" منيرة بلغوثي لوكالتنا، إنّ مشروع الاتفاقية هو تتويج لثماني سنوات من البحث والمشاورات المكثفة مع الخبراء في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الناشطين في الخطوط الأمامية والناجيات والخبراء الطبيين والأكاديميين ومحامي حقوق الإنسان والباحثين القانونيين والدبلوماسيين، وصانعي السياسات.
ولفتت إلى أن الاتفاقية هي المسودّة الأولى؛ لأن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في نهاية المطاف هي التي ستصادق عليها وتتثبت في النسخة النهائية، مشددةً على أن المسودة قابلة للدارسة قبل بدء المفاوضات.
وأشارت إلى أنه بحسب منظمة الصحة العالمية، فإن العنف ضد النساء "منتشر بشكل مدمر"، ويمسّ امرأة من كل 3 نساء على مستوى العالم إضافة إلى أن النساء الأصغر سناً هن أكثر عرضة للخطر.
وبينت منيرة بلغوثي أن هيئة الأمم المتحدة للمرأة لقّبت الوضع بـ "جائحة الظل" التي تفاقمت بشكل جنوني مند تفشي جائحة كورونا، مشيرةً إلى أنه يمكن وضع حد للعنف ضد النساء والفتيات بتكاثف الجهود.
وعن كيفية العمل ضمن هذه الاتفاقية العالمية لوقف العنف ضد النساء والفتيات، قالت "أنها ستقوم بتوضيح القواعد التي تهدف للوقاية وطرق الحماية، فضلاً عن السعي لوضع إطار عمل محدد لإعداد تقارير قائمة على المقاييس، وستسعى لإنشاء هيئة مراقبة دولية وفرض التدريب والمساءلة لضباط الشرطة والقضاة والمهنيين الصحيين الذين يرفضون التعامل مع ضحايا العنف ومساعدتهن".
ووفق ممثلة "مرصد نسا" التونسي، سيتمّ العمل على زيادة التمويل لخدمات الناجيات مثل الملاجئ والخطوط العاجلة وتوفير المساعدة القانونية المجانية وإعطاء الأولوية لتلقين كيفية الوقاية من العنف وكسر حجز الخوف والصمت الذي دفع إلى ارتفاع النسب.
وذكّرت منيرة بلغوثي بوجود معاهدات دولية للتبغ والألغام الأرضية والتعذيب، معبّرة عن أملها في إبرام اتفاقية عالمية لحماية النساء والفتيات من العنف، خاصة مع وجود توافق بين مختلف الدول المشاركة في الاتفاقية.
وبخصوص توقعاتها لمدى نجاح هذه الاتفاقية، تأمل أن تساهم في إنهاء العنف ضد النساء والفتيات وإيقاف آلة القتل المستمرة ضدهن في كل بقاع العالم بما فيها تونس التي باتت مسرحاً لاستهداف النساء.
وأكدت منيرة بلغوثي أن نتائج الرصد والتوثيق لمجمل الأحكام القضائية الصادرة في قضايا تعلقت بحقوق النساء في "مرصد نسا" الذي تم إطلاقه قبل أربع سنوات قد أثبتت وجود عقبات قانونية ومؤسساتية تكرّس العنف والتمييز ضد النساء، ولا تزال القوانين التمييزية سارية ممّا يعيق إمكانية وصول المرأة للتمتع بعدالة منصفة مصرحة، "أبرز مثال على ذلك ما تنص عليه أحكام مجلة الأحوال الشخصية المتعلقة بالمهر (الفصل 12 و13) وأدوار ومسؤوليات الزوجين (الفصل 23) والولاية (الفصل 154) وحضانة الأطفال (الفصول 55 و58 و60 و63) والحريات الفردية (الفصول 230 و125 و226 و226) من المجلة الجزائية، فيما يتعلق بعدالة النوع الاجتماعي أمام المحاكم".
وأوضحت أن قاعدة البيانات التي تم تجميعها من أحكام وقرارات قضائية في "مرصد نسا"، كشفت أن نسبة 63.7% من القوانين التي استندت إليها تلك الأحكام مصدرها مجلة الأحوال الشخصية، تليها قوانين مجلة المرافعات المدنية والتجارية بـ 51.8%.
وتبين نتائج الرصد والتوثيق والتحميل لمجمل الأحكام الصادرة عن محاكم تونسية في قضايا تعلقت بحقوق النساء أن الدستور الجديد مثّل خلفية لإصدار 3% فقط من مجمل الأحكام الصادرة خلال الأربع سنوات التي جرى فيها تجميع الأحكام وتوثيقها الكترونياً، فيما مثل القانون الأساسي عدد 58 للسنة 2017 والمؤرخ في 11 آب/أغسطس 2017 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة الخلفية لإصدار مثلت نسبته 0.5% من مجموع الأحكام الصادرة والتي تم توثيقها.
وأشارت إلى أنه تمّ رصد العديد من المعوقات المتعلقة بترجمة قانون مكافحة العنف على أرض الواقع، من حيث غياب التنسيق بين جميع الأطراف المتداخلة لدعم النساء ضحايا العنف في القطاعات الطبية والنفسية والاجتماعية ونقص وجود أنظمة فعالة لإنفاذ القانون والقضاء، مؤكدةً نقص عدد الوحدات المختصة أيضاً وبعدها المكاني عن الضحايا، وعدم إصدار أوامر لتفعيل الاعانة العدلية للمعنفات، والأمر ذاته بالنسبة للأوامر المتعلقة بتفعيل التعويضات للضحايا حسب الآثار المترتبة على العنف، كما أن مراكز ايواء النساء المعنفات التي تتعهد بهن نفسياً وصحياً وقانونياً واجتماعياً، فعلى ندرتها لا تفي باحتياجاتهن، إضافةً إلى عدم توفير مراكز خاصة، وعدم تأهيل مساعدين مختصين في العنف بكل محاكم الجمهورية، على حد قولها.
وتابعت "غياب التطبيق الفعلي للقانون الأساسي عدد 58 وعدم الحرص على تسخير الميزانيات الضرورية لإنفاذه يمكن رصده في الصعوبات التي تواجهها النساء ضحايا العنف بمختلف اشكاله، في تعاملها مع مرفق العدالة، وقد رصدنا في المرصد الالكتروني الاجتهادات السيئة والجيدة التي تضمنها القرارات والأحكام القضائية المتعلقة سواء بقرارات الحماية أو التتبع والمعاقبة والتعهد حسب ما نص عليه القانون الجديد، كما مكنتنا عملية قراءة القرارات والأحكام من تسليط الضوء على جملة الاشكاليات العملية المتعلقة بإجراءات تطبيق القانون سواء منها المتعلقة بالحماية أو بالتعهد والتتبع والمعاقبة".
وانتقدت منير بلغوثي هشاشة الموارد اللوجستية للمؤسسة القضائية وما يتسبب فيه من تعثر وتعطيل للنساء المعنفات في الوصول للعدالة وتمتعهن بالتدابير الاستعجالية والإجراءات الحمائية والتعهد بهن وتتبع معنفيهن، هذا بالإضافة إلى القوالب النمطية والعقلية الذكورية التي تسيطر على بعض القضاة.