ناشطات مصريات: مقتل مهسا أميني أصبح شرارة ثورة على القهر والظلم

أكدت ناشطات مصريات أن حالة الغضب النسوية في الشارع الإيراني رد فعل طبيعي على وحشية التعامل مع الشعب الإيراني والنساء خاصةً.

أسماء فتحي

القاهرة ـ الشابة الكردية مهسا أميني لم ترتكب جرماً يذكر سوى كونها لم تلتزم بالشكل الذي أراده النظام الإيراني الحاكم للحجاب، بالرغم من أنها كانت ترتدي الحجاب، إلا أن "شرطة الأخلاق" لم يعجبها مواصفاته وقررت تأديبها فأخذتها إلى قسم الشرطة ومنه إلى المستشفى لتموت الفتاة على إثر ذلك.

 قد لا نتفهم كيف يحدث هذا القهر العلني للنساء بل والتدخل في مختلف قراراتهن لدرجة وصول الأمر إلى مجرد ارتداء حجاب من عدمه، ولكن حينما نتحدث عن النظام الإيراني الذي لا يأبه للاتفاقيات الدولية ولا لملف حقوق الإنسان متحدث عن سيادته على أراضيه ربما قد ندرك بعض مالا نستطيع فهمه.

والنساء الإيرانيات الآن تضربن مثلاً في الغضب لم يسبقهن إليه الكثيرون خاصةً وأنه يعد بالفعل تضحية بالأرواح لأن عنف النظام الحاكم وقمعه لمختلف الراغبين في التحرر لا يخفى على أحد، فقد ألقت بعض النساء الحجاب أرضاً وأخريات قمن بقص شعرهن ، بل إن الكثيرات قررن الخروج بدون حجاب في حالة غضب ورفض لما حدث لمهسا أميني ذات الـ 22 عاماً.

وسادت مواقع التواصل الاجتماعي حالة من الجدل بسبب ما حدث فالبعض رأى أن الحجاب وفرضه لا دخل له بما يحدث من قمع، وآخرون أكدوا أن الديكتاتورية باتت أكثر تضييقاً على النساء، فيما رأت الكثير من الناشطات في مجال حقوق الإنسان المصريات أن لمناخ الحرية العام دور أساسي في وضع حدود الحرية الشخصية بل وفتح المجال للاعتداء على النساء، معتبرين أن ما حدث مع مهسا أميني جريمة لا تغتفر وتستحق التكاتف الدولي لمواجهة ما يمارس من قمع بالداخل الإيراني.

 

النساء مستعدات للتضحية بحياتهن مقابل حريتهن

اعتبرت رئيسة مجلس أمناء مؤسسة المرأة الجديدة آمال عبد الهادي، أن ما حدث مع مهسا أميني يدل بوضوح على حجم العنف الذي يمارسه النظام ضد النساء، مشيرةً إلى أن حالة الغضب النسوية في الشارع الإيراني رد فعل طبيعي على وحشية التعامل مع الفتاة العشرينية التي تواجه بمزيد من القمع لأن آليات التعامل تفتقر لنوع آخر يحتوى المواطنين ويحترم النساء.

وأشارت إلى أن للنساء الإيرانيات دور كبير في إنجاح ثورة الخميني ولا يخفى على أحد وجودهم المؤثر والفاعل "الإيرانيات لم تكن تتوقعن أن يكون مصيرهن على هذا النحو بعد ثورتهن ونضالهن الذي خاضوه"، لافتةً إلى أن قتل مهسا أميني جاء في نطاق القمع الممارس على النساء بالدول العربية والذي وصل لحد الذبح في الطرقات بعدد من الدول منها مصر والأردن وليبيا.

وأكدت على أن التضييق في مجال الحريات العامة يتبعه كذلك تقليص في الحريات الشخصية فالمجتمع لا يوجه أي اتهام لمن يقوموا باستغلال وتعنيف الفتيات بل يتعمد لوم الضحايا ومعاقبتهم، موضحةً أن واقع الحريات في إيران مختلف وما يحدث ليس جديد فقد سبق وتم التنكيل بأساتذة جامعة ونشطاء وعدد ليس بالقليل منهم يضطر لترك البلاد.

واعتبرت أن الغاضبات من النساء اليوم خرجن للمواجهة وتدركن جيداً أنهن ستدفعن ثمن ذلك لأن منطق المقاومة نفسه يواجه بمزيد من القمع لذا فما يحدث الآن هو انفجار تضحي فيه النساء بأرواحهن.

 

ارتفاع معدل العنف نتاج ثقافة لا تحترم النساء

وأوضحت آمال عبد الهادي أن ما يحدث من عنف هو جزء من ثقافة لا تحترم النساء وتستسهل إهانتهن بل وقتلهن على الرغم من أن واقع تأثيرهن في المجتمع "يخرق عين الشمس" ولا لبس فيه فالإيرانيات تعملن وتتعلمن والكثيرات منهن ناشطات وفاعلات في مجتمعهن إلى حد كبير.

ولفتت إلى أن للحكومات دور رئيسي في إشاعة العنف أو الحد منه نظراً لأن بعض الدول تقوم بقهر النساء دون الرجال ومنها على سبيل المثال ما حدث مع فتيات "التيك توك" بمصر فرغم وجود جرائم لا نهائية من قبل الرجال إلا أن من عوقب وسجن هن النساء.

 

العنف والتعذيب جرائم لا تسقط بالتقادم

وبدورها قالت مسؤولة الدفاع وكسب التأييد في مؤسسة قضايا المرأة المصرية ندى نشأت، أن هناك ملفين يجب مناقشتهما في قضية قتل الشابة الكردية مهسا أميني أولهما العنف الممارس على النساء من قبل النظام وهو أمر تمارسه الكثير من الدول باستهداف النساء لكونهن نساء لا لسبب آخر غير ذلك، والملف الآخر هو التعذيب وثبوت ممارسته جريمة لا تسقط بالتقادم وفق ما هو منصوص عليه في أغلب الدساتير والاتفاقات الدولية.

وأكدت على أن أغلب النسويات ونشطاء ملف حقوق الإنسان لا يتواجدون بالداخل الإيراني بسبب قمع النظام، معتبرةً أن قتل مهسا أميني ليست الجريمة الأولى للنظام فالنساء هناك في وضع سيء لأقصى درجة وهذا يتضح جلياً في معدل أحكام الإعدام والسجن المؤبد وأحكام التعذيب التي يعرفونها بـ "الحدود" جميعها مخالف لمبادئ الإنسانية.

وأوضحت ندى نشأت أن النظام الإيراني كغيره من الأنظمة القمعية يستسهل قهر النساء ولا يأبه بالاتفاقيات الدولية وعدد من الدول باتت تردد حديثها حول وجود سيادة مستقلة، وهذا يشكل قصور واضح في أداء المجتمع الدولي صمته على ما يرتكب من جرائم وانتهاكات واضحة لحقوق الإنسان من قبل إيران على وجه التحديد.

وأما عن الوضع الحالي والاحتجاجات التي تقوم بها النساء، أشارت إلى أن هناك حراك في الداخل الإيراني يدفع ثمنه من يتبنوه وفي مرحلة ما ستتم كسر القيود المفروضة بشكل أو بآخر، لافتةً إلى أن الحركات التحررية تأخذ خطوات للأمام فلا يكتمل استقرار دولة تتعمد انتهاك حقوق الانسان.

ومن جانبها قالت مسؤولة الرصد والتوثيق بمركز المرأة أسماء رمزي، أن النظام الإيراني قمعي، ولكل سلطة من هذا النوع نهاية، فشرارة الثورة في مصر كانت شبيهة كثيراً حيث قتل الشاب خالد سعيد في أحد أقسام الشرطة.

وأضافت أن قتل شرطة الأخلاق لمهسا أميني يمكنه كسر القهر والقمع ضد النساء منذ مئات السنين، بل وقد يساعد في تغيير الواقع المؤسف.

وتساءلت أسماء رمزي عن سبب هوس السلطات الإيرانية بالحجاب لدرجة القمع الذي يتبعه سحل أي فتاة لا تظهر بالشكل اللائق تحت دعوى تأديبها، فبماذا قد يؤثر ظهور جزء من الشعر على سيادة الدولة لدرجة القتل؟ فنتيجة تلك الإجراءات عادةً ما تكون عكسية تماماً، وهو ما اتضح في الأيام السابقة حيث تعزف النساء عن ارتدائه بل وحرقه كما ظهر بالفيديوهات فالضغط قد يولد انفجار في وجه هذا الجشع الغير منطقي والإجرامي.

وأكدت على أن ثوب المرأة هو اختيار شخصي لا يحق للسلطة أو أفراد المجتمع التدخل فيه لأنه أحد بنود حقوق الإنسان المكفولة في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، مشيرةً إلى أن ما يحدث في إيران فرض وصاية تزيد من هوة الفجوة بين الجنسين خاصةً أنهم يعتبرون الردع العام أساسه قهر النساء بدلاً من فتح المجال لهن وحمايتهن ممن ينتهك حدودهن.

 

 

انقلاب مرتقب على القمع

وقالت المحامية مروة عبد الرحيم، إن قتل مهسا أميني يعد انقلاب حقيقي على القمع الواقع في إيران فمسألة سوء ارتداء الحجاب وما ترتب عليها من قتل فتاة بالضرب على رأسها وتلف مخها بحسب أكثر الأسباب ترجيحاً لن يعالجه أو يغير من واقعه، خاصةً إن كان الجميع يدرك حقيقة ما يمارس داخل الدولة من قهر وقمع للنساء.

واعتبرت مروة عبد الرحيم أن ما يقوم به النظام الإيراني مؤشر واضح على حجم الإرهاب والعنف بالمخالفة للقانون بل والمبادئ الإنسانية وهو انتهاك واضح لحقوق الإنسان، مشددةً على رفضها لتلك الطريقة الوحشية في التعامل مع النساء.