نادية ظاهر: لتحقيق المساواة يجب أن تتمتع المغربيات بفرص متساوية

منحت المرأة المغربية بعد دستور 2011 العديد من الحقوق، ودخلت مجالات مختلفة وتم تعيينها في مناصب وزارية، لكن رغم كل هذه الامتيازات لم تصل المرأة إلى المساواة التامة.

حنان حارت

المغرب ـ أكدت رئيسة جمعية السلام نادية ظاهر أن النساء حققن مكاسب على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والبيئي، لكن ذلك لا يرقى للطموحات، داعية إلى المزيد من الجهود لتحقيق عدالة اجتماعية والوصول إلى المساواة حتى تتمكن النساء من إحراز التقدم.

أوضحت رئيسة جمعية السلام نادية ظاهر، في حوار مع وكالتنا إن المرأة في مختلف أنحاء العالم مازالت تواجه فجوات هائلة بين الجنسين في مكان العمل، فهناك من يتم إقصاءها من بعض المناصب، رغم كفاءتها وقدراتها العالية.

 

حدثينا عن العمل الجمعوي النسوي انطلاقاً من تجربتك؟

العمل الجمعوي عمل نبيل وليس بالهين، يحتاج إلى نفقات وإلى مجهود ووقت وصبر، فلكل من أراد اقتحام هذا المجال لا بد أن يتصف ببعض المبادئ والأسس التي تكون ضرورية من أجل القيام بهذا العمل على أكمل وجه.

وبالنظر إلى التقدم الحاصل على مستوى وضع المرأة المغربية، فإن إحساسها بمسؤولياتها اتجاه أسرتها والمجتمع يتطور ويفرز لديها الرغبة في التساوي مع الرجل في كل المجالات المساهمة في الرقي بالمجتمع بما في ذلك المجال الجمعوي، لهذا برزت العديد من الجمعيات ذات الطابع الحقوقي والتنموي والاجتماعي التي ترأسها نساء جمعويات مناضلات يقدمن كل ما لديهن من جهد لخدمة الفئات التي تستهدفها برامج جمعياتهن.

وأهم ما يميز عمل المرأة المغربية في ساحة المجتمع المدني هو تفانيها من أجل تكريس ثقافة تهتم بقضايا النساء وشؤونهن وتساهم في توعيتهن بواقعهن ومشاكلهن، والمشاركة في مناقشة قضاياهن واقتراح أساليب لتغيير وتجاوز واقع مزر تعيشه النساء المغربيات في العديد من المناطق.

 

ماهي الصعوبات التي تواجه النساء عند ممارسة العمل الجمعوي؟

العمل الجمعوي مثله مثل باقي القطاعات يواجه صعوبات، والمرأة عندما تمارس العمل الجمعوي تواجه بعض المعوقات، ولكن عندما تكون هناك عزيمة وإرادة قوية تستطيع تحدي كافة الصعاب شرط أن تتوفر فيها النزاهة والصبر وأن يكون هناك إلمام بالقوانين المعمول بها في العمل الجمعوي في المغرب، وليس المرأة وحدها من يجب أن تتوفر فيها الشروط وإنما الرجل كذلك الذي يعمل في هذا المجال عليه أن يمتلك تلك الصفات، لأننا في مجتمع يعد المرأة والرجل شريكان فيه، ويعملان إلى جانب بعضهما البعض، وأي خلل بالمبادئ السامية التي يقوم عليها العمل الجمعوي يمكن أن يحرف هذا العمل عن مساره والأهداف التي يسعى من أجلها.

وهناك الأعباء المنزلية وتربية الأبناء هذه أول المعوقات، فبحكم أن المجتمع أبوي فهو يلقي بكافة الأعباء على عاتق النساء، فرغم تعدد مهامها خارج البيت، فهي تحمل عبء المسؤوليات المنزلية، ثم إن كانت تمارس مهنة خارج البيت عليها الالتحاق بعملها، ثم يأتي العمل الجمعوي فتكون المرأة أمام ثلاث مهمات، ونحن نعلم أن العمل التطوعي والخيري والجمعوي يتطلب وقتاً، وفي ظل الأعمال الكثيرة يمكن لزوجها أن يرفض ممارستها للعمل التطوعي، أو هي تتخلى بإرادتها عن العمل الجمعوي لأنه يظل تطوعياً نتيجة عدم توفيقها بين كل تلك المهام.

وهناك كذلك العقلية الأبوية، فالمغرب مثله مثل باقي الدول في منطقتنا هو مجتمع أبوي، ففي بعض الأحيان لا تمنح للمرأة المكانة التي تستحقها بسبب الهيمنة الأبوية، فيتم طمس مجهوداتها وكفاءاتها.

 

المرأة في ميدان العمل وخاصة في القطاع الخاص تعاني من التمييز في الأجر وفي المعاملة، برأيك كيف يمكن الخروج من هذا الوضع؟

المرأة في مختلف أنحاء العالم مازالت تواجه فجوات هائلة بين الجنسين في مكان العمل، فهناك من يتم إقصاءها من بعض المناصب، رغم كفاءتها وقدراتها العالية وإتقانها للمهام؛ لأن الأعراف المجتمعية تحصر دور المرأة في أعمال البيت وأنها لا تمتلك نفس القدرة التي لدى الرجل.

وهنا استحضر مقولة نابليون "المرأة التي تهز المهد بيدها اليمنى قادرة أن تهز العالم بيدها اليسرى" فعلى الجميع أن يعي أن المرأة ذكاؤها حاد ولها قدرة على تدبير الأمور بصبر وحكمة وتفان.

 

ما هي الصعوبات التي تواجه القرويات، وخاصة تعليم الفتاة؟ وكيف يمكن تجاوز هذه الصعوبات؟

المرأة القروية هي جزء لا يتجزأ من المجتمع المغربي، تعمل طيلة النهار بكد وجهد خارج البيت، وتقوم إلى جانب الرجل بعمليات الحصاد والزرع والسقي، بالإضافة إلى المهام الأخرى داخل البيت، لكن تظل المرأة القروية بعيدة عن كل البرامج الحكومية التي تنهض بالنساء.

وبالنسبة للفتيات القرويات فبعضهن يتركن المقاعد الدراسية، نظراً لبعد المنازل عن المؤسسات التعليمية، إضافة إلى ضعف القدرات المادية لأغلب الأسر التي تقطن في البوادي، كما أن عقلية بعض الأسر ترى أن من حق الرجل استكمال الدراسة ويبذلون كل ما في وسعهم من أجل تذليل العقبات وإتاحة الفرص أمامه، في حين يحدث العكس إذا تعلق الأمر بالفتاة فيتم التعامل معها على أنها ليست في حاجة لاستكمال الدراسة، لأن هناك شخص يريد الزواج منها، ونتيجة هذه الأفكار يكثر زواج القاصرات في هذه المناطق، وبالتالي يتم الحد من طموح الفتيات.

فاليوم لم يعد مسموحاً بأن ترتبط صورة المرأة القروية بالأمية وزواج القاصرات، والحرمان من حقوقها في التعليم والصحة، والعيش وسط التهميش والإقصاء والعمل الشاق.

ومن أجل تجاوز الصعوبات التي تعترض الفتاة والانتقال بها إلى مستويات ما بعد الابتدائي، يجب على الحكومة أن تقدم إعانات مادية لهم، كما يجب تعميم فكرة إنشاء دور للطالبات، فلا ننكر الدور الإيجابي والفعال للمبادرات التي تساهم في الحد من ترك مقاعد الدراسة وتحسين جودة التعليم بالنسبة للمنحدرين من الوسط القروي خاصة في صفوف الفتيات؛ فمن شأن هذه المبادرات تحفيز الفتيات على الابتكار في مختلف المجالات، وكذلك ينبغي تعزيز الإدماج الفعال للقروية في النسيج الاجتماعي والاقتصادي، من خلال تقليص الفوارق بينها وبين المجتمع الحضري.

 

باعتبارك فاعلة جمعوية ومهتمة بقضايا النساء، كيف يمكن تحقيق المساواة بين الجنسين؟

ينبغي أن أشير إلى أن المرأة المغربية تحظى اليوم بمكانة مهمة، فهي قطعت أشواطاً طويلة للوصول إلى ما تحقق لها على كافة المستويات في المجال الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والبيئي والسياسي، فالنساء المغربيات لعبن أدوار مهمة عبر التاريخ وعبر كل الحقب منذ عهد الأدارسة مروراً بالمرابطين والموحدين والدولة العلوية التي عرفت خلالها حقوق النساء قفزة نوعية.

فالمرأة بعد دستور 2011 منحت العديد من الحقوق وتم سن قوانين حماية، ودخلت مجالات مختلفة منها القضاء ومجال العدل والرياضة، وتم تعيينها في مناصب وزارية، وأسندت لها مهمة تسيير وزارات سيادية، لكن رغم كل هذه الامتيازات لا زالت المرأة لم تصل للمساواة المطلوبة، وذلك لوجود مجتمع أبوي، لكن أرى أن رياح الحداثة التي تعرفها البلاد من شأنها أن تخلخل مرتكزات التفكير التقليدي وتؤدي إلى تغيير العقليات والتكسير من حدة الأبوية المستشرية في المجتمع، لتحقيق المساواة التي نطمح لها جميعاً، والتي ترتكز على حصول النساء والرجال على نفس الفرص والحقوق والالتزامات؛ وهذا يعني أن النساء والرجال يجب أن يتمتعوا بتأثير متساوي، وفرص متساوية لارتياد المدرسة والعمل، كما عليهم تقاسم مسؤولية المنزل والأطفال.