منال لسود: "الأخوتية النسوية" هي الحل للتصدي للعقلية الذكورية

تهدف مدرسة "لينا بن مهني" النسوية إلى توعية النساء وتشبعهن بمقاربة حقوقية حتى تتمكن تحت رايتها من الدفاع عن حقوقهن، وقد تأسست تجسيداً لدعوات الراحلة لينا بن مهني التي كانت صوتاً نسوياً حراً وهبت حياتها لنصرة قضايا النساء.

زهور المشرقي

 تونس ـ تسعى القائمات على مدرسة لينا النسوية إلى تفعيل المعرفة النسوية وإرساء فكر حرّ بعيداً عن الصور النمطية للمجتمع، وتمكين العمل في مختلف الحقول من سياسة وحقوق وثقافة من وجهة نظر نسوية تحفّز الحسّ النقدي لدى الأفراد.

تأسست مدرسة "لينا بن مهني" النسوية عام 2021، على يد نسويات متبنيات لفكر الناشطة الحقوقية والصحفية التونسية الراحلة لينا بن مهني التي فقدتها تونس في كانون الثاني/يناير عام 2020 بعد معاناة مع المرض، وعن المدرسة ودورها في نصرة قضايا النسوية قالت إحدى عضواتها وتدعى منال لسود "تم تأسيس المدرسة تخليداً لذكرى الراحلة لينا بن مهني التي كانت مؤمنة ومدافعة عن حقوق النساء وسلطت الضوء على معاناتهن في معظم مناطق تونس، والمدرسة جاءت لاحتواء النساء بكافة اختلافاتهن، وهي تقاطعية تعمل على كافة الأصعدة التي تحتوي الجميع دون إقصاء بسبب الهوية الجندرية والنوع الاجتماعي وتسلط الضوء على العنف بشتى أشكاله في محاولة لتوعية النساء وجعل القانون 58 الصادر عام 2017 في متناولهن لتبسيط مسار التقاضي لهن"، لافتةً إلى أن مدرسة لينا بن مهني النسوية تأسست لرفع مستوى المعرفة لدى النساء وإكسابهن رؤية بمقاربة حقوقية تقدمية لتضعن حداً للعنف الذي تتعرضن له.

وأوضحت أن المدرسة هي فضاء آمن للإبداع والكتابة والبناء والتوغل في المجال النسوي لتبني حقوق المرأة والدفاع عنها بمعرفة "فكرة المدرسة جاءت لتجسيد نداءات لينا بن مهني التي توفيت عام 2020، الناشطة النسوية والحقوقية التي كان وداعها مختلفاً كما أوصت زميلاتها، لقد ورت الثرى في جنازة مهيبة حضرها عدد كبير من النساء لكسر قواعد المجتمع الذكوري التسلطية، هذه المدرسة استكمالاً لما بدأت به لينا التي كانت مؤمنة بثنائية المرأة والمعرفة، وثورة المناصرة للحقوق والحريات الفردية وحرية الإعلام والمعتقد والتفكير التي بدأتها الراحلة لينا بن مهني ستواصلها هذه المدرسة بالرغم من كل النكسات التي عاشتها تونس خلال السنوات الأخيرة".

وأكدت أن أبرز مكسب تحقق للنساء بعد الثورة هو إصدار القانون 58 المعني بمكافحة العنف ضدهن، وتأملن بإصدار قوانين وتشريعات أخرى "كثرة الحكومات المتعاقبة على السلطة والشعبوية دمرت مكسب التناصف وغيرت النظام الانتخابي من نظام القائمات إلى المقاعد النظام الذي سلبت فيه المرأة حقها، وغابت كل الضمانات لمشاركة النساء في المجالس المنتخبة وتم خلق برلمان ذكوري بتمثيلية نسوية ضعيفة مقارنة بانتخابات 2014 وما بعدها، وقد أثر ذلك على دور النساء في مراكز صنع القرار" .

واعتبرت منال لسود أن ذلك الضعف في التمثيلية أضعف القدرة على إيصال مطالبهن للسلطة "لا يمكن الحديث عن قانون يناصر النساء بخط الرجال وتفكير ذكوري، وبخط رجل لم يعش تجربة أن يكون امرأة في مجتمع ذكوري ورأسمالي"، منتقدة سياسة الدولة في التعاطي مع ملف المهاجرات من أفريقيا جنوب الصحراء بتونس، مؤكدة أنهن "تتعرضن للتهجير القسري والقمع في بلد موقع على الاتفاقيات الدولية الخاصة بالهجرة وحماية حقوق الإنسان والمهاجرين واللاجئين، حيث أن المهاجرات تتعرضن للطرد من عملهن بسبب رفضهن تلبية الرغبات الجنسية من قبل المؤجر، فضلاً عن المتاجرة بأجسادهن"، مطالبة الدولة بإيقاف هذه "المهازل" التي من شأنها أن تلوث صورة تونس وتسيء لشعبها، مشيرةً إلى أن  السلطة مُطالبة بحماية النساء والمهاجرات وتهيئة الظروف المناسبة لهن كأبسط حق إنساني للعيش بسلام وأمن.

وترى منال لسود أن الحقل الحقوقي في تونس خجل أمام العالم من تصريحات بعض الشعبويين المهاجمة للمهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء "هذه التصريحات عنصرية كانت تتداول في أوساط المجتمع وباتت من الدولة ومسؤوليها، فحين يصبح الخطاب العنصري مصدره الدولة يضفي ذلك الشرعية على ممارسة العنف على المهاجرين غير النظاميين وتكون النتائج حتماً كارثية ومأساوية قد تحملنا للعزلة الدولية والوصم، وقد رأينا مشاهد لمهاجرين زج بهم في الشوارع دون مأوى وعمل، نتيجة تلك التصريحات غير المدروسة".

ودعت المجتمع المدني إلى مضاعفة الجهود للقيام بحملات موجهة للدولة ومجلس النواب "مختلف المؤسسات يجب أن يكون هدفها التوعية لحقوق المهاجرين ومنع دعاوى طردهم والتنكيل بهم على خلفية الهوية أو اللون، لذلك يجب تبني مفهوم الأخوتية النسوية، للأسف ليست كل النساء نسويات، هن ضحايا في أغلب الأحيان يستبطن الموروث الذكوري والأبوي الذي يُمرر بدءً من العائلة ثم المجتمع ثم الدولة وكل شيء به مسلمات ذكورية نتيجة غياب المعرفة فيكن بالتالي غير قادرات على القيام بتحليل نسوي وتفكيك لكل ما تلقينه، أحياناً يجبرن على اتباع القطيع لنيل الرضا فقط لأنهن تشعرن بالحاجة لإثبات شيء معين، نحن كنسويات واعيات بالهيمنة ومؤسسات نشرها وطرقها يجب ألا نهاجم الفرد، نحن نهاجم الفكر الذكوري ومظاهره في المجتمع، لذلك يجب على النساء مساندة بعضهن البعض، نحن ضد أن نكون أعداء لبعضنا وضد الخطاب الميزوجيني الكاره للنساء، وفي مدرسة لينا بن مهني النسوية نكرس ونعمل على الأخوتية النسوية".