مخاوف على حقوق المرأة ورسائل هامة من تجارب التونسيات إلى نساء سوريا

تدعو ناشطات تونسيات النساء السوريات إلى التمسك بجميع حقوقهن ومكتسباتهن وأن تعملن على التصدي لأي تهديدات تطالهن بالحشد والتنظيم محلياً والتشبيك النسوي عالمياً.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ مع تسجيل مضايقات تمس من حقوق المرأة السورية وتعود بها إلى الوراء، برزت مؤخراً مخاوف على حقوقها ومكتسباتها في ظل حكم الجهاديون لاسيما بعد أن برزت مضايقات هنا وهناك حول طلب الفصل بين الجنسين في وسيلة نقل عمومي ومطالبة الجولاني لإحدى الشابات بتغطية رأسها والسؤال الذي يفرض نفسه كيف تحافظ المرأة السورية على حقوقها المدنية في ظل المخاوف من صعود الجهاديين إلى الحكم؟

لمعرفة جواب هذا السؤال أجرت وكالتنا لقاء مع ناشطات تونسيات لاسيما وأن تونس عاشت على وقع التهديدات طيلة عشرية كاملة بعد 2011 وتم خلالها استهداف حقوق المرأة ومكتسباتها من قبل الحكومات التي تصدر فيها الجهاديون الحكم.

أفادت نجاة الزموري النائبة الأولى للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، بأن الوحدة بين النساء بمختلف توجهاتهن وأطيافهن تشكل أساساً صلباً لمواجهة التهديدات التي تستهدف الحقوق والحريات، فالاختلاف الفكري أو السياسي لا يجب أن يعيق اتحاد النساء حول أهداف مشتركة للدفاع عن حقوقهن المشتركة في الحرية والمساواة.

وأكدت أنه يجب أولاً تعزيز العمل المشترك وذلك بتأسيس منظمات نسائية تعمل بشكل مستقل عن السلطة السياسية لتكون رقيباً ومرجعاً للدفاع عن حقوق النساء فمنظمات المجتمع المدني هي خط الدفاع الأول عن الحرية. ثانياً واستناداً للتجربة التونسية يجب الضغط من أجل ضمانات دستورية وذلك بالمطالبة بوضع بنود صريحة في الدستور تحمي الحقوق المدنية للمرأة لأن الدستور هو الحصن الأول للحقوق، والمطالبة بأن يكون شاملاً للمساواة وضامناً لعدم المساس بحريتهن والسعي إلى تطويرها.

وأضافت خلال "العشرية السوداء" في تونس، لعبت النساء دوراً حيوياً في مقاومة سياسات التراجع عن المكتسبات، وقد كان العمل المشترك مع المدافعين عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة أحد أسس النجاح، فالعمل الجماعي والتشاركي مع القوى الديمقراطية ضروري للنجاح، كما أن إشراك وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي لنشر الوعي حول مخاطر المساس بحقوق النساء ضروري لتوعية النساء من مخاطر الزحف الرجعي.

وأشارت نجاة الزموري إلى أن التونسيات واجهن محاولات لتقييد حرياتهن لكنهن بفضل التحلي بالشجاعة والوعي بخطورة الفكر الظلامي نجحن في تخطي المشروع الرجعي، فعلى السوريات التمسك بمواقفهن دون تردد فلا يجب أن تخفن من النضال، لأن الحقوق تُنتزع ولا تُوهب.

وشددت على ضرورة الوعي بأهمية وجود النساء في مواقع القرار للمساهمة في صياغة سياسات تحترم حقوق المرأة فلن يدافع أحد عن حقوق النساء إذا لم تقمن بذلك بأنفسهن، كما يجب التفكير في بناء شراكات مع منظمات حقوق الإنسان العالمية لدعم قضايا المرأة السورية لأن القضية عادلة وتستحق التضامن.

واختمت نجاة الزموري حديثها بالتأكيد على أن تجربة تونس أثبتت أن النضال الجماعي والوعي بالحقوق وتوحيد الصفوف، إلى جانب الضغط الإعلامي والحقوقي، قادرون على تحقيق نتائج ملموسة فنضال اليوم يحدد مستقبل الأجيال القادمة.

من جانبها قالت الناشطة الحقوقية والنسوية نجاة عرعاري إنه لا يوجد الكثير من الحلول أمام المرأة السورية غير أن تتمسك بمكاسبها وتطالب بما هو أهم "من المهم أن يكون دورها فعالاً في الجمعيات وأن تنضم للأحزاب السياسية والتشبيك مع الهيئات الأممية من أجل الدفاع عن الديمقراطية والعدالة الانتقالية وعن مكانة المرأة في الحياة العامة والانضمام إلى الحركات الاجتماعية".

وأضافت "يجب ألا تستسلم المرأة لأنه في حال الاستسلام ستخسر كل المكاسب وربما يحدث تراجعاً كبيراً"، موجهة رسالة إلى المرأة السورية في هذه الظروف "التشبيك مهم جداً مع شبكات نسوية في العالم من أجل الضغط لحماية المكتسبات من ناحية أخرى تعزيز القدرات ودعم الأصوات النسائية في سوريا"، لافتةً إلى ضرورة إحداث مجلة قانون الأسرة أو ما يسمى بالأحوال الشخصية تلبي مطالب النساء.

وشددت الناشطة نجاة عرعاري إلى أنه من المهم جداً أن تكنّ متواجدات في النقاش العام بالفضاء العام وأن تكنّ متواجدات في الشوارع والإعلام، لافتةً إلى أنه يجب أن يكون للحركة النسائية في سوريا استراتيجية عمل للدفاع عن الحقوق والمكتسبات ولتحقيق المزيد من المكتسبات.

بدورها قالت الصحفية خولة شبح، إن الأوضاع في سوريا تثير القلق فيما يخص النساء باعتبار أن سوريا بعد سيطرة العديد من الفصائل عليها منذ 13 عاماً وبسقوط نظام الأسد صعد الجهاديون إلى الحكم وأصبحوا يديرون الحكم الانتقالي في سوريا ونتج عن هذا مجموعة من الممارسات التي مست حرية المرأة سواء حرية التنقل وفقاً لمبدأ المساواة أمام القانون وأيضاً في علاقة بتمتعها بحرية اللباس واعتبارها من الحقوق التي تتمتع بها النساء.

وأضافت "في الحقيقة هذا الحراك استهدف منذ البداية حقوق النساء عبر بعض الممارسات وبالتالي أمام السوريات العديد من التحديات في الفترات القادمة من أجل الدفاع عن حقوقهن لأن النساء هن بناة الحضارات والدول والديمقراطية".

وأضافت أنه "من المهم أولاً للنساء كما الرجال الحفاظ على مدنية الدولة وألا تتأثر بالتيارات التي أصبحت تتصدر المشهد السوري"، لافتةً إلى أنه أمام النساء السوريات الكثير من النضال من أجل حماية حقوقهن المضمنة في القوانين والنصوص التشريعية وعمل الدولة السورية.

وأوضحت خولة شبح بأن نفس السيناريو الذي حدث في تونس بعد 2011 يتكرر الآن في سوريا بأكثر خطورة والتونسيات خضن العديد من المعارك لأجل الحفاظ على مكاسبهن فضلاً عن إصدار القانون عدد 58 لمناهضة العنف ضد المرأة وعلى السوريات أن تتحدن لمواجهة التهديدات التي تستهدف الحقوق والحريات والمساواة.

 

 

وقالت جيهان لواتي عضو النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، إن "اليوم عندما يتناهى إلى مسامعنا وجود خطابات في سوريا إضافة إلى فرض ارتداء الحجاب أثناء القيام بمقابلات إعلامية مع من يقال أنه هو الذي غير الوضع في سوريا وهو قادم على دبابة أمريكية يجب أن نضع الكثير من نقاط الاستفهام".

وأضافت أن "هذا يوحي بتهديدات مباشرة للأقليات في سوريا بينما جميعنا يعلم أن لكل منا الحرية فيما يضع فوق رأسه أو داخله من أفكار"، مشيرةً إلى أنه "كتونسيات وصحفيات قمنا بتجربة نضالية من أجل التعددية وأن يبقى صوت المرأة عالٍ خاصة فيما يخص العنف الممارس ضد المرأة".

وبينت جيهان لواتي أن "هناك تخوفات بأن تنتقل سوريا بعد الانتخابات التي حددت أجالها من دكتاتورية الأسد إلى دكتاتورية جهادية تكون أخطر وأشرس على الشعب السوري".